كشف الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري في الأسبوع الماضي لصالح المدافعين عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير، بعد أن أيد موقفهم بعدم تسليمهما للسعودي عن ازدواجية المعايير التي يتعامل بها أنصار السلطة الحالية مع أحكام القضاء. واعتاد مؤيدو السلطة الدفاع عن أحكام القضاء معتبرين إياها محصنة وغير قابلة للمناقشة ولا الجدال، لكن الأمر اختلف تمامًا بعد حكم القضاء الإداري بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، بعد أن هاجموا الحكم واعتبروه مخالفًا للدستور. وعلى الرغم من رفضه القاطع للتعليق على أحكام القضاء، إلا أن البرلماني مصطفى بكري، شن حملة هجوم ضد الحكم في جميع وسائل الإعلام، إذ اعتبره مخالفًا للدستور. وقال بكري -في تغريدة عبر حسابه الشخصي على موقع التدوين المصغر "تويتر"-: "الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري والذي قضى بملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير، حكم صدر من محكمة غير مختصة؛ لأن القانون يحرم على القضاء الإداري التعرض لأعمال السيادة ومنها الاتفاقات الدولية والعلاقات الدبلوماسية". وأضاف: "كما أن الحكم يخالف المادة 151 من الدستور والتي تنص على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب فكيف يخالف القضاء الإداري أحكام الدستور، وكيف يتصدى لواحد من أعمال السيادة". متفقًا معه في الرأي، قال الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقًا، إنه مندهش من الحكم الذي أصدره القضاء الإداري بشأن بطلان اتفاقية تيران وصنافير. وأضاف "الاتفاقية عمل سيادي لا يقع تحت مظلة القضاء، ومثل هذا الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ليس من اختصاصه". وأشار إلى أن "الرأي البات في هذه الاتفاقية حق لمجلس النواب وليس للقضاء"، لافتًا إلى أن "المجلس هو الذي يراقب هذا الأمر ويبدي فيه الرأي الذي يكون نهائيًا". وتابع: "لابد أن يجرى استفتاء شعبي على اتفاقية تيران وصنافير لأنها أمر متعلق بسيادة الدولة، وما يخص سيادة الدولة يتطلب استفتاء شعبيًا، ولا يقع تحت مظلة القضاء بأي شكل من الأشكال". وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الخاصة بجزيرتي "تيران وصنافير" ليس حكمًا تاريخيًا، بل هو حكم أول درجة، والحكومة طعنت عليه وقد تكسب الطعن. وأضاف أن "السعودية فاتحت مصر في فبراير 1990، أنها تتطلع إلى وثيقة أو جواب رسمي من الحكومة تقر بالسيادة السعودية على الجزيرتين، أي أن مطالب السعودية بالجزيرتين منذ فترة طويلة". وأردف: "من حق السعودية اللجوء للتحكيم الدولي وتفوز في التحكيم الدولي لحقها في الجزيرتين، وأنا أثق في القيادة السياسية بالمملكة أنهم يرون أن العلاقات مع مصر أهم من الجزيرتين، وأنا أتمنى أن نرى نحن ذلك أيضًا". وتابع: "الحكم يمثل تغولاً من السلطة القضائية على أعمال السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما أنه يعد ضربة لأي نظام ديمقراطي، ولا بد من الفصل بين السلطات". قال الدكتور صلاح فوزي عضو لجنة الإصلاح التشريعي، إن الحكم مخالف لقواعد الاختصاص لمجلس الدولة والاتفاقية الخاصة. وأضاف، أن "القضاء لا يختص بالأمور المتعلقة، بين السلطة التنفيذية والتشريعية والأحكام القضائية واجبة النفاذ ولا بد من الإدراك أن الحكم، قد اختصم السيد رئيس الجمهورية بصفته ورئيس الوزراء بصفته والدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس، ويجب عدم إحالته للمجلس، حتى الانتظار لقرار المحكمة الإدارية العليا. وتابع: "القضاء الإداري خالف الدستور والقواعد المعروف عليها في القضاء لأن الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول ليس من اختصاصها لأنه تعد عملًا سياديًا وليس منازعات". وأشار إلى أنه يتعين على هيئة قضايا الدولة التحرك فورًا، والطعن على الحكم لأنه مخالف للقانون والدستور، لافتًا إلى أن الحكم ليس باتًا ولن يكون نهائيًّا إلا عندما تقره المحكمة الإدارية العليا. قال طارق نجيدة، المحامي بالنقض والدستورية العليا إنه لا يوجد أي نص في القانون يمنع التعليق على أحكام القضاء. وأضاف ل"المصريون"، أن "حكم محكمة القضاء الإداري حكما قانونيا متوازنا"، موضحًا أنه سيُدرس في معاهد القانون وكليات الحقوق باعتباره سابقة تاريخية محترمة. وأشار إلى أن الحكم لم يخالف الدستور ولا القانون وأن جميع القرارات اتخذت بشكل قانوني، لافتًا إلى أن من خالف الدستور هو من وقّع الاتفاقية. من جانبه، رأى الدكتور يسري العزباوي الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، أن "هذا لا يعد تعليقًا على الحكم ولكن هي وجهة نظر ليس إلا". وأضاف العزباوي "المصريون"، أن "كل فريق له وجهة نظر يريد أن تنتصر وبالتالي فهو يكيف الحكم وفق وجهة نظره"، موضحًا أن هذا يعد مشروعًا طالما لم يتم التشكيك في الحكم.