سرعان ما تآكلت شعبية السيسي بعد توليه رئاسة الجمهورية منذ عامين بدعم من فئات الشعب المصري من المثقفين والاقتصاديين والإعلاميين، وخاصة فئة البسطاء من عامة الشعب باعتباره القائد إلى بر الأمان، وذلك بسبب عدة معارك كبرى حدثت على أشهر متفرقة منذ بداية عهده، كسرت هذه الشعبية، بدأتها الداخلية مع أصحاب البالطو الأبيض، مرورًا بحقيقة الشاب الإيطالي التي ما زالت مجهولة حتى الآن، ولحقت بها قضية تيران وصنافير وأزمة الصحفيين، وأخيرًا وليس آخرًا ارتفاع الأسعار. في هذا التقرير ترصد "المصريون" أبرز المعارك التي هزت شعبية السيسي أمام شعبه.. صرخة الأطباء في وجه النظام تتوالى المعارك التي أثرت على شعبية السيسي أمام المواطنين منها معركة الأطباء مع أمناء الشرطة بعد مسلسل الاعتداء المتكرر عليهم وممارسة العنف معهم من قبل أمناء الشرطة وعدم تدخل السيسي كالعادة لحل هذه الأزمة مع الفئة الأكثر التزامًا في مصر. احتشد الأطباء أمام دار الحكمة دفاعًا عن كرامتهم وعدم سلبها منهم من قبل مَن هو مكلف بحمايتهم، مرددين شعارات عديدة منها "الداخلية بلطجية" ليصبوا جم غضبهم ضد ممارسات الداخلية، ولكن الأمر ظل محط انتظار حتى ازدادت هذه الاعتداءات مما ترتب عليه انتفاض الأطباء وخروج ما يقرب من 15 ألف طبيب في مشهد يقارب مظاهرات 25 يناير من أجل اتخاذ خطوة تصعيدية بعد واقعة المطرية ودهس أمناء الشرطة أحد الأطباء بالحذاء على رأسه في محاولة لإجبار الطبيب بالمستشفى لكتابة تقرير مزور، واتخذت الجمعية مجموعة من القرارات من أجل الحفاظ على كرامة الطبيب وتوفير الأمن له. معركة السيسي الخارجية بسبب مقتل الشاب الإيطالي معركة خارجية تعمل على انتقاص شعبية السيسي في الخارج وتؤثر على الأوضاع الداخلية، وذلك بعد مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني وعدم إثبات الحقيقة حتى الآن، مما أدي إلى دخول السيسي في مشكلات مع الاتحاد الأوروبي وتهديداته بحجب المعونات عن مصر، واستياء منظمات المجتمع المدني ومراكز حقوق الإنسان بالداخل والخارج، بسبب انتهاكات جسيمة بحق الشعب المصري سواء ممن في السجون أو المختفين "قسريًا". وتتوالى المطالبات بالكشف عن حقيقة مقتل الشاب الإيطالي مما يضع السيسي في أزمة مع المنظمات الحقوقية والدولة الإيطالية التي حذرت من عدم التهاون في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل ريجيني بهذه الوحشية، فليس من السهل التهاون في حق مواطن إيطالي. وعلى الرغم من محاولات السيسي والداخلية في إثبات حقيقة مقتله إلا أنها لم تنجح في اكتشاف الحقيقة، فيكون الرصيد في النهاية تراجع الشعبية في الداخل والخارج وتوقف أوضاع البلاد وعدم تقدمها اقتصاديا أو اجتماعيا. "تيران وصنافير" وخروج مؤيدي السيسي للاعتراض في خطة الحكومة المصرية لحسم الجدال في قضية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، أصدرت في أبريل الماضي، قرارها بتبعية جزيرتي صنافير وتيران للسعودية، أثناء زيارة الملك سلمان للقاهرة، مما أثار ردود أفعال متباينة في الوسط السياسي والشارع المصري على حد سواء، فبعضهم يرى أنهما مصريتان وآخرون يرون أن الحكومة على حق في قرارها بشأن تبعيتهما للمملكة السعودية. وبعد أيام من الجدل حول هذه الاتفاقية، أصدر مجلس الوزراء المصري، بيانًا يوضح فيه أنه تم نقل السيادة على صنافير وتيران إلى السعودية مقابل حصول مصر على 25% من الموارد الطبيعية للجزيرتين، والتزام المملكة بدفع ملياري دولار مقابل حماية الجيش المصري لهما مدة 69 عاما. مما ترتب عليه خروج مظاهرات لأول مرة من مؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي ضد هذا القرار بدأت بجمعة "الأرض هي العرض" من أجل الدفاع عن أرضهم، مما دفع النظام في التعامل بوحشية مع هذه الاحتجاجات وتوسيع الفجوة بين الرئيس ومؤيديه وحبس العديد من النشطاء لإدانتهم بالتظاهر دون إذن والتجمهر، مما أجبر السيسي على عرض ملف الجزيرتين على مجلس النواب باعتباره يمثل فئات الشعب، لمناقشة القضية. سقوط شعبية السيسي أمام الصحفيين اقتحمت قوات الشرطة مقر نقابة الصحفيين، في 1 مايو الماضي، للقبض على عمرو بدر ومحمود السقا، لتنفيذ قرار الضبط والإحضار، ولم تخطر الداخلية النقابة التي كانت بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية لتسليمهما، الأمر الذي يسيء لمصر وللرئيس عبد الفتاح السيسي. لم يتحرك السيسي وقتها لحل الأزمة التي نشبت بين نقابة الصحفيين والشرطة، الأمر الذي دفع الصحفيين إلى الاعتصام أمام نقاباتهم، للمطالبة بإقالة وزير الداخلية واحترام كرامة للصحفيين وعودة حرية الرأي واعتذار الرئاسة ومجلس الوزراء، عن اقتحام النقابة، ولا تزال الأزمة قائمة حتى الآن مع استمرار رئاسة الجمهورية في تجاهل الصحفيين وعدم الاعتراف بهم وصولاً إلى عدم دعوة نقيب الصحفيين لإفطار الأسرة المصرية الذي عقد في مقر رئاسة الجمهورية. معركة السيسي مع الشعب المصري لم يسلم الشعب المصري من الدخول في معركة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى تتناقص شعبيته فتمثلت هذه المعركة في ارتفاع الأسعار التي أصبحت أشد من نار الحر في فصل الصيف خلال الفترة الأخيرة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تزايد الارتفاع مع حلول شهر رمضان الكريم وتعدد حاجات الأسرة المصرية التي وقعت فريسة لحكومة تقف مكتوفة الأيدي أمام شبح الأسعار. على الرغم من تزايد هذه الأسعار الآن، إلا أن الرئيس والحكومة بدآ في عملية البحث والدراسة حتى توصلت إلى الحل الذي سوف يخرجهما من هذه الأزمة، ألا هي رفع أسعار الدواء الذي يتداوى به الشعب المصري، الذي لا يستطيع أن يتنفس بعد أن تورط في دعم الثقة للقائد إلى بر الأمان. من جانبه، قال الدكتور مختار غباشي, الخبير السياسي, إن تدخل النظام لحل الأزمات بين الحكومة والنقابات المهنية بالإضافة إلى تدخله في الملفات والأزمات التي تمس مصالح الجمهور، والتي كان لزامًا عليها أن تتدخل فيها للحفاظ على شعبيتها من التآكل مرتبط في المقام الأول بالمصلحة لا أكثر. وأضاف "غباشي" في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه ليس من الذكاء في شيء أن يكون هناك عداء بين الحكومة والنقابات الفنية والمهنية، مشيرا إلى أن الحكومة لازالت تسير على درب "فرق تسد" بدلاً من النزول من عليائها والجلوس مع النقابات لرأب الصدع بينها وبينهم وكسب دعمها وتأييدها. وأوضح أن النظام خاض مجموعة من المعارك التي كان لها عظيم الأثر في تآكل شعبيته في الآونة الأخيرة ليس فقط مع النقابات على اختلافها، ولكن مع الملفات والقضايا والأزمات التي فشل في إدارتها، وعلى رأسها سد النهضة وأزمة الدولار ورفع الأسعار وتسريب الامتحانات وعودة أزمة الكهرباء، وغيرها من الأزمات. ويرى الدكتور السيد ياسين, المحلل السياسي, أن القانون تدخل وحسم الأمر في التصدي لتلك الأزمات التي نشبت بين الحكومة والنقابات المهنية، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للنظام أن يتدخل بالمصالحة وحل الأزمات، موضحا أن الحلول القانونية مازالت مطروحة. وأضاف أنه لا يمكن التعليق على تلك الأزمات التي تعرضت لها الحكومة بالنجاح أو الفشل طالما أن الوضع العام مازال مستقرًا، موضحا أن الرئيس السيسي انتخب لفترة رئاسية محددة وللشعب أن يختار بعدها من يدير البلاد، فالتعامل مع الأزمات قرار ووجهة نظر قد تكون صائبة في أحيان وقد يجانبها الصواب في أحيان أخرى.