على الرغم من أن البرلمان لم يحسم قراره بعد حول اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي بمقتضاها أصبحت جزيرتا "تيران وصنافير" تحت سيطرة الأخيرة، إلا أن الحديث عن "مصرية" الجزيرتين بات جريمة تلاحق كل من يطالب بأحقية مصر فيهما، متهمًا ومطاردًا، تلاحقه العديد من التهم منها تكدير السلم العام والعمل على زعزعة واستقرار البلاد. وشهدت القاهرة وعدة محافظات في 15أبريل الماضي، مظاهرات أطلقوا عليها اسم "جمعة الأرض"؛ لرفض ما أسموه "تنازل" الحكومة المصرية عن الجزيرتين، وألقي القبض على إثرها العديد من المعارضين للاتفاقية، وتم محاكمتهم بالحبس وغرامات مالية ضخمة. وكان لافتًا أن الجدل امتد من مواقع التواصل إلى امتحانات نهاية العام الدراسي، وآخرها امتحان بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وضعه أستاذ مادة "حماية البيئة" بقسم الهندسة المدنية، وأحيل بسبب إلى التحقيق، بعد أن قررت تشكيل لجنة موسعة عاجلة لفتح تحقيق معه. وجاء في نص السؤال: "فس القمة المصرية السعودية التي عقدت في شهر إبريل 2016 تم الإعلان عن مشروع عملاق لربط دولتين عن طريق جسر يمر أعلى مضيق تيران للربط بين مدينة شرم الشيخ وجزيرة تيران المصرية ومنها إلى أراضى المملكة، ناقش جميع البدائل الأربعة المتاحة لهذا المشروع". وقالت كلية الهندسة إن صيغة السؤال هو رأى شخصي لأستاذ المادة وليست من مضمون المنهج المقرر على الطلبة. وهذه هي المرة الثانية التي تتناول فيها امتحانات بجامعة الإسكندرية أمر جزيرتي تيران وصنافير، وكانت الأولى في امتحان الجغرافيا للفرقة الثالثة بكلية التربية جامعة الإسكندرية وأشار السؤال لتبعية الجزيرتين، للسعودية. كما تكرر الأمر في امتحان بكلية الإعلام جامعة الأزهر، أشار إلى الجزيرتين بوصفهما سعوديتين. وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية ل "المصريون"، إن "النظام منذ البداية قام بمعالجة تسليم الجزيرتين إلى المملكة العربية بإدارة خاطئة، ومن الطبيعي أن يتعامل مع الأزمة بحساسية". وأضاف "كان من الخطأ الإعلان عن تسليم الجزيرتين في وجود العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، إذ كان يجب أن يتم تمهيد الأمر للمواطنين بذكر تفاصيل وخلفيات حتى لا يتفاجئ الجميع، ويتسبب في أزمة كما حدث". وأشار إلى "أن معالجة القضية حاليًا تكمن في الإعلام والبرلمان، من خلال التوعية من جهة، ومن جهة أخرى أن يتم عرض ما يثبت أن الجزيرتين مصريتين لمناقشته على الشاشات، وداخل البرلمان ويتم تهدئة الرأي العام". ووصف صادق الأمر بأنه "أضحى لعبة سياسية، والمثال على ذلك الأسئلة بجامعة الإسكندرية من أخذها وسربها لوسائل الإعلام رغم أنه أمر داخلي، وكذلك نقابة الصحفيين كان من الممكن أن يتم معالجته بطريقة أهدأ مما حدث". وقال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات: "طالما أن الحديث حول الجزيرتين يثير حافظة الجهات الأمنية والنظام، فمن الطبيعي أن نبتعد الحديث عنهما". وأضاف غباشي ل"المصريون"، أن "قرار مصريتين أو سعوديتين في أيدي السلطة ومن الأفضل ألا نتحدث عنه".