رغم كونه وسيلة المواصلات الرئيسية لقطاع واسع من الشعب لكونه الأسرع والأقل تكلفة، إلا أنك ستكتشف أن مترو الأنفاق استجد على خدمته المقدمة يوميًّا لأكثر من مليوني شخص تقريبًا، بين رجال يصرون على المخالفة بمشاركة السيدات في العربتين المخصصتين، وبين باعة ومتسولين ينتشرون في العربات والمحطات، وبين تأخر في التقاطر، ومشاجرات وتحرشات. غياب الأمن هناك مئات الوقائع التي تعرضها إحدى صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، والتي خُصصت لرصد المخالفات والمضايقات التي تحدث بالمترو، وتحمل عنوان «الصفحة الرسمية لرصد انتهاكات مترو الأنفاق»، وهي مفتوحة لكل من يتعرض لتجاوز أو اعتداء في عربات المترو. عن الصفحة تقول مؤسستها، غدير أحمد الدماطي، مسؤولة بإدارة التعليم بجمعية النهوض وتنمية المرأة: «أتتني فكرة إنشاء صفحة لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون في المترو بعد تجربة شخصية، حاول فيها أحد الأشخاص التعدي عليّ بالضرب، لأنني طلبت منه مغادرة عربة السيدات وحاولت تصويره، وهو يتشاجر معنا ويسخر منا هو وآخرون، لهذا قررت إنشاء الصفحة حتى لا يستمر المواطنون في الصمت عن المطالبة بحقوقهم وأبسطها وسيلة مواصلات آمنة، وهو ما لن يتوافر طالما بقي الأمن غائبًا». بجانب ما تنشره الصفحة، قررت «غدير» اتخاذ إجراءات أخرى، قائلة: «نظمنا يوم 11 يوليو وقفة بلافتات في محطة (الجيزة)، في إطار حملة توعية عن الانتهاكات التي ترتكب في المترو، وقد لاقت تجاوبًا ومشاركة من الركاب أنفسهم، رغم بعض المضايقات، مما يدل على أن الشعب إيجابي ويرغب في الالتزام». وأضافت: «سنستمر في تكرار نفس الحملة حتى يستوعبها المواطنون جيدًا، لننتقل بعد ذلك للحديث التفصيلي عن كل مخالفة على حدة»، مؤكدة: «الأمر يحتاج مجهودًا كبيرًا من الجميع، خاصة أن أغلب أفراد الشرطة يرفضون التدخل لمنع المخالفات، بدعوى خوفهم من أن يؤدي ذلك لإعادة الصورة الذهنية السلبية عنهم للمواطنين، وبعضهم من يقول إن الثورة هي السبب». وطالبت «غدير» المسؤولين بعدة إجراءات، قائلة: «نريد أن نشعر بالأمن ولو بتواجد عسكري واحد في كل محطة، يلبي استغاثة من يتعرض لمضايقة، مع التزام المترو بمواعيد التقاطر، التي من المفترض أن تكون 3 دقائق، وأن توضع على العربات المشتركة، ما يوضح أنها للجنسين، لأن كثيرين يعتقدون أنها حق للرجال فقط، ويعتقدون أن من تستقلها من السيدات (غير محترمة)، وأخيرًا لمنع ركوب الرجال والباعة في عربات السيدات». ومن بين المضايقات، التي يتعرض لها ركاب مترو الأنفاق، تلك التي رصدتها مدونة «معالي المواطن»، وتكشف واقعة جرت في مترو الأنفاق، 12 يوليو الجاري، قام فيها بعض الشباب بالمخالفة بركوب عربة السيدات، وحينما طالبتهم بعض الراكبات بالنزول، كان رد فعلهم عنيفًا، لدرجة الضرب بالأحزمة وتهديد إحدى الراكبات ب«مطواة»، وحينما حاولن تحرير محضر ضدهم اضطررن للانتظار أكثر من ساعتين أمام مكتب الأمن، بحسب المدونة. عن ذلك يقول إسلام السيد محمد، صاحب المدونة: «ما رصدته هو واقعة ضمن أخرى تحدث يوميًّا في المترو، وقد أصررت على نقلها في مدونتي، لأنه لا يصح أن تتكرر المخالفات ولا أتضامن مع المضارين منها»، لافتًا إلى أن «المخالفين وأغلبهم متعلمون، يصرون على عدم الالتزام بالسلوكيات الصحيحة، مما يعني أن القوانين غير كافية وحدها، ولا بد من تفعيلها بتوقيع العقوبات الرادعة عن طريق وجود الأمن في كل المحطات، والاستجابة الفورية لأي استغاثة في ظل ما أصاب البعض من انعدام نخوة جعلت مضايقة السيدات بالنسبة لهم أمرًا عاديًّا». شيوع قانون المخالفة وأضاف: «أصبحت السرقات والباعة الجائلون، وكذلك ركوب الرجال في عربتي السيدات من الأمور المعتادة، خاصة أن هؤلاء المخالفين لم يجدوا من يردعهم، فكان أن استهتروا وتحولوا من حالات فردية إلى المخالفات الجماعية، وذهب الأمر ببعضهم إلى عدم الاكتفاء بالمخالفة، بل افتعال المشكلات أيضًا لدرجة التعدي اللفظي، وأحيانًا الجسدي على السيدات اللاتي يرفضن وجود الرجال بعربة السيدات، بحجة أنه «عيب أن ترفع امرأة يدها على رجل، كما كان في الواقعة التي نقلتها». غياب النظام وما يترتب عليه من مشكلات تتطور كثيرًا إلى شجار، هو ما دفع «نادية عادل، طالبة، لتحرير محضر في مايو الماضي، يتهم إدارة المترو بالإهمال، عقب حادث تعرضت فيه للاعتداءات البدنية وسط «سلبية» من مسؤولي أمن المترو. وتقول نادية: «رغم أن المحضر يكاد يكون اختفى ولا نعرف أو المحامين شيئا عنه، إلا أنني سعيدة بأن الرأي العام انتبه ولو قليلا لما حدث، ومع التوعية المستمرة وعدم الصمت أمام المخالفات أصبح هناك استجابة، منها مثلًا قيام بعض محطات المترو بالتنبيه على عدم الركوب في عربات السيدات، كما أن بعض الركاب أصبحوا يساندوننا» مضيفة «وهو ما يجب تنميته في الفترة القادمة ليعي الجميع حقوقهم وواجباتهم». وأكدت «نادية» أنه بجانب وقفات التوعية بالمترو، يتم التواصل حاليًا مع بعض المنظمات المعنية بقضايا المرأة «لنستفيد من خبراتها وننقلها للسيدات، ليدافعن عن حقوقهن بلا خوف سواء في المترو أو الشارع». مسؤول غير مسؤول ردًّا على ما سبق، أكد مصدر مسؤول بجهاز تشغيل وصيانة مترو الأنفاق، طلب عدم ذكر اسمه، أن المسؤول عن الباعة الجائلين والمتسولين الموجودين داخل محطات المترو وفي عرباته، هم شرطة النقل والمواصلات، والمتمثلة في إدارة شرطة مترو الأنفاق، معلقًا: «ليس من سلطة ناظر المحطة أن يجبر بائعًا على مغادرة العربات». وأضاف ل«المصري اليوم»: «أما الباعة والمتسولون المنتشرون خارج المحطات، فهؤلاء تقع مسؤوليتهم على عاتق شرطة المرافق والأحياء»، مؤكدًا: «تقدمنا بشكاوى لأكثر من مرة بخصوص هؤلاء»، نافيًا في الوقت نفسه ما يتردد عن مخالفات ركوب الرجال في عربات السيدات، مؤكدًا أن «من يفعل ذلك يتم تغريمه فورًا».
