من بين الآلام والجراح تطل وجوههم بعد عام ونصف العام من الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ورغم فداحة الخسائر والإصابات وما تركته الحرب بداخلهم من ألم نفسى فإنهم أصروا على أن يواصلوا حياتهم بشكل طبيعى، ومع تذكرهم لحظات الإصابة وكيف أنهم خسروا معها أجزاء من أجسادهم، ومن بين دموعهم، يعلنون رغبتهم فى الاستمرار. من فوق الكرسى المتحرك، وبطرفين صناعيين جلست «جميلة» التى عرف العالم قصتها، فلم ينس أحد وجه الفتاة ذات ال 15 عاما التى أطلت عليهم من شاشات قناة الجزيرة بساقين مبتورتين وابتسامة حزينة أثناء الحرب، وهى تتلقى العلاج بمستشفى الشفاء بغزة، لتؤكد أنها رغم الإصابة تصر على أن تكون صحفية. قالت جميلة، وهى تختفى بحياء عن عدسات الكاميرات: إننى مصرة الآن أكثر على أن أصبح صحفية، لأن العالم يرى الواقع من خلال الصحفى وعدسة كاميرته، فإذا كان صادقاً فإن الناس ستعرف الحقيقة من خلاله. وأضافت: أنا الآن فى الصف الثالث الإعدادى وسألتحق إن شاء الله بكلية الإعلام لأننى أعتقد أن العالم لا يرى الحقيقة بشكل كاف. وتتذكر جميلة أنها أصيبت عندما كانت تلعب مع أبناء عمها فوق سطح المنزل وقصفتهم إحدى الطائرات الإسرائيلية بصاروخ أخذ معه أبناء عمها وساقيها. وأشارت إلى أنها تلقت مكالمات كثيرة جدا من مختلف دول العالم بعد ظهورها على شاشات الجزيرة وأن أكثر المكالمات التى لا تنساها عندما اتصل بها لاعبو المنتخب المصرى خاصة محمد أبوتريكة ومحمد زيدان. جميلة من فوق مقعدها المتحرك تطالب العالم بأن يساند قضيتهم وأن يقف بجانبهم. وتؤكد: «هشتغل ولن تمنعنى إصابتى». أما مؤمن قريقع، الشاب الذى لم يتجاوز ال 25 عاماً، فيطل بوجهه من بين الكاميرات والعدسات المعلقة فى رقبته محتضنة الكوفية الفلسطينية الشهيرة، ليصنع كل هذا ثقلا على جسده الجالس فوق مقعد متحرك بساقين مبتورتين من أعلى الفخذين. يواصل مؤمن عمله كمصور صحفى حر يعمل ليكفل نفسه ويمارس الهواية التى عشقها. يقول مؤمن: أصبت قبل الحرب الأخيرة بصاروخ أطلق علىَّ أثناء عملى منذ 5 سنوات، وبُترت ساقى ولكن لم يمنعنى ذلك من الاستمرار فى العمل، ولا أجد صعوبات تذكر أثناء تحركى بين زملائى الصحفيين لتغطية الأحداث المختلفة، كما لم تمنع الإصابة المؤسسات الإعلامية المختلفة من التعامل معى كمصور حر أبيع لها إنتاجى. وقال عبدالكريم حماد، مدير جمعية السلامة لتأهيل ورعاية الجرحى: عدد كبير من جرحى الحرب الذين تجاوزوا ال3 آلاف لايزال يحتاج إلى استكمال العلاج أو إجراء جراحات تجميلية، وهم فى حاجة شديدة للسفر ويواجهون صعوبة بسبب الحصار وضعف الإمكانيات فى المستشفيات الفلسطينية. وأشار إلى وجود 40 حالة فى القاهرة حاليا لتركيب أطراف صناعية.