خالى عبدالرحمن بلغنا إنك تعبان شوية، وإنك سبت بيتك فى القاهرة علشان هواها مابقاش على هواك. هواها بقى ملوث. بقى مليان عادم وكلام مش مفهوم وقصايد حداثية وغنا مالوش معنى، وانت جوفك رقيق وشفاف.. وعلى قد ما قلبك يعاند ويشاكس.. على قد ما بيحزن ويتألم. ألف سلامة ليك يا خال، ويا بخت الإسماعيلية بيك. يا بخت هواها ومية الكنال وشجر المانجة. يا بخت الشعر بيك.. يا بختنا بشعرك.. إوعاك تتعب بجد.. إنت عارف يا عبدالرحمن: أبوك موال نهار وأمك عدودة من أقدم خيوط سودا فى توب الحزن.. تتعب إزاى؟.. اللى زيك ما ينفعش يتعب ولا من حقه يتعب ولا يهون عليه يتعب. احنا اللى تعبانين وشقيانين ومالناش غيرك. ما عادش لينا غيرك. طول عمرنا محميين فى غناك.. وطول عمرك محمى فى حزننا.. يبقى تتعب ازاى؟.. مش مصدقك يا خال، ولو عايز رأيى: إنت القصيدة تاعباك.. القصيدة هى اللى واجعاك يا خال.. ما تشغلش بالك وبالنا. خالى.. وتاج راسى إنت عارف أنا مين؟. أنا «حراجى» يا خال. لا هو انت كنت فاكر «حراجى القط» مات!. «حراجى» ده لو مات.. يتولد، لإنك تعبت فيه واحنا تعبنا فيك. أنا صحيح خدتنى النداهة، وزى ما انت شايف: رصيف يشيلنى ورصيف يحطنى. تايه من قصيدة لفيلم لأغنية لرواية. أدخل مظاهرة وأخرج من يافطة. ما بقيتش عارف إن كان اللى بيلمع دهب واللا صفيح. مصر كلها بتصلى عشان تلاقى ربنا ومش لاقياه. بتصوم عشان جعانة. بتستخبى تحت الحجاب. ما بقيتش عارف يا خال: مين الغلط فينا.. احنا واللا الدنيا! أنا حراجى يا خال أنا اللى بنيت السد. أنا اللى كنت بابعت فى قصايدك جوابات ل«أم العيال». فاكر؟. فاكر «السيرة» و«سيد الضوى» و«إذاعة الشعب». فاكر عبدالناصر والسويس والمقاومة وعبدالحليم حافظ؟. فاكر الأحلام اللى مستحيل تتحقق، وقشف الإيدين فى برد الشتا، والكتابة على حيطان السجن. أنا عمرى ما نسيت صوتك ولا عمرك نسيت فقرى.. كان صوت الفقر عالى يا خال. كان مجلجل. كان يخوف، بس كل اللى كان يسمعه.. يحبه، لأنه حقيقى. إيه اللى جرالنا! أنا عارف إنى مقصر فى حقك، وعارف إن الخال والد، وانك مش زعلان لأنى محسوب عليك، بس أنا بقى زعلان منك قوى.. إنت اللى علمتنى كل الحاجات الحلوة. علمتنى إزاى احب واغير.. إزاى أبقى سعيد فى عز الحزن.. إزاى أكتب اللى احس بيه واحس باللى مش قادر اكتبه. إزاى أسمع أغنية وابكى!. تصدق يا خال إنى حبيت 67 عشان «عدا النهار»؟! تصدق إن من كتر ما حبيت «مسيحك» بقيت طيب!. انت اللى علمتنى ما اعرفش أعيش فى أيام زى اللى عايشينها دلوقتى. إنت اللى خليتنى نغمة نشاز.. وانت الوحيد اللى فاهمنى. إنت الوحيد اللى حاسسنى. ما تسألنيش عن أخبارى، لأنك لو سألتنى حاقولك: نفسى اموت قبلك. ما تسألنيش: سعيد واللا تعيس.. لأنى مش عارف. بحب واللا بكره. موهوب واللا تافه. معايا واللا ضد نفسى.. ما تسألنيش عن حاجة مش بتاعتى. وما تزعلش منى يا خال.. وألف سلامة عليك.
