205 سنوات مرت على تولى الألبانى محمد على باشا حكم مصر، بعدما نجح فى الإطاحة بكل خصومه، بل بمن رفعوه لسدة الحكم، ووضع على قمة أولوياته اكتشاف منابع النيل وتأمينها بوضعها تحت السيطرة المصرية، وإقامة تعليم حديث وإرسال البعثات التعليمية وإنشاء المدارس العليا فى كل التخصصات، وإقامة المصانع التى تفى منتجاتها بسد احتياجات الدولة والجيش لتفادى الوقوع تحت رحمة الغرب، وعنى بالزراعة ونظام الرى وأدخل القطن إلى مصر وأسس بنية مدنية تحتية حديثة قياسا على النمط الأوروبى. لقد حكم محمد على لمدة 45 عاما أنشأ فيها دولة حديثة بكل المقاييس كانت فى موقع الندية مع دول الغرب. أما عن سيرته فقد ولد فى مدينة قولة الساحلية فى شمال اليونان عام 1769، وكان أبوه إبراهيم أغا رئيس الحرس فى البلدة وكان له سبعة عشر ولداً لم يعش منهم سواه، وقد مات عنه أبوه وهو صغير السن، ثم لم تلبث أمه أن ماتت، وهو فى الرابعة عشرة من عمره، فكفله عمه طوسون الذى مات أيضاً فكفله الشوربجى صديق والده الذى أدرجه فى سلك الجندية فأبدى شجاعة وبسالة وكفاءة فقربه الحاكم وزوّجه من أمينة هانم وهى امرأة غنية وجميلة كانت بمثابة طالع السعد عليه، وأنجبت له إبراهيم وطوسون وإسماعيل (وهى أسماء أبيه وعمه وراعيه)، وحين قررت الدولة العثمانية إرسال جيش إلى مصر لانتزاعها من أيدى الفرنسيين، كان هو نائب رئيس الكتيبة الألبانية، وكاد يغرق فى معركة أبوقير البحرية، وكان رئيس الكتيبة هو ابن حاكم قولة الذى قرر أن يعود إلى بلده فأصبح محمد هو قائد الكتيبة وظل فى مصر يترقى فى مواقعه العسكرية إلى أن وصل إلى الحكم فى مثل هذا اليوم 17 مايو 1805، وقضى على المماليك فى مذبحة القلعة والإنجليز فى رشيد، وبدأ بتكوين أول جيش نظامى، وأنشأ أول مدرسة حربية فى أسوان بعيداً عن أنظار العالم، مستعينا بسليمان باشا الفرنساوى، كما دحر الحركة الوهابية وضم الحجاز ونجد لحكمه سنة 1818، واستولى على الشام، وهزم العثمانيين عام 1833، وكاد يستولى على الأستانة لولا تدخل روسيا وبريطانيا وفرنسا، إلى أن تنازل عن العرش فى عام 1848 بعدما بلغ من الكبر عتيا، وتوفى بالإسكندرية فى أغسطس 1849.
