رغم خلافاتهم السياسية وانفصالهم الجغرافى، يتحد فلسطينيو قطاع غزة والضفة الغربية وعرب 48 داخل دولة إسرائيل اليوم، ليضموا صوتهم إلى فلسطينيى الشتات، ليحيى الجميع الذكرى ال62 للنكبة العربية، التى تتواكب مع احتفالات إسرائيل الصاخبة بقيام دولتها على أنقاض بيوت الفلسطينيين، الذين تم تهجيرهم قسرا. ففى غزة، تظاهر لاجئون من جيل النكبة مع أبنائهم وأحفادهم أمام مقر الأممالمتحدة، فى مظاهرة حملت عنوان «الأجيال الحاشدة»، دعت إليها الحكومة المقالة. وككل عام، رفع المتظاهرون مفاتيح منازلهم القديمة، ولافتات كتبت عليها أسماء مدنهم وقراهم الأصلية التى تغيرت أسماؤها الآن، كما أكدوا فى رسالة بعثوا بها للأمين العام للأمم المتحدة حقهم فى العودة، ورفضهم حلول التوطين. فى الضفة، تتواصل الفعاليات الفلسطينية على مدار الأسبوع، حيث تجوب مسيرة مركزية، بعد غد الاثنين، جميع المحافظات والقرى والمخيمات من قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى دوار المنارة فى رام الله، تتخللها كلمة للرئيس محمود عباس (أبومازن)، ولسائر قيادات القوى الوطنية والإسلامية. كما يحيى الفلسطينيون المقيمون فى أراضى 48 والموزعون فى الشتات الذكرى بإقامة الفعاليات المختلفة على مدار الشهر. ويختلط الأمر على الكثيرين بين يومى 14 و15 مايو، ففى حين تقيم إسرائيل احتفالاتها الرسمية بيوم الاستقلال فى 14 مايو من كل عام، يحيى الفلسطينيون ذكرى النكبة العربية فى اليوم التالى، بفعاليات جماهيرية تمتد من القطاع إلى الضفة إلى سائر المناطق العربية الواقعة داخل الخط الأخضر. ففى يوم 14 مايو عام 1948، جاء إعلان إسرائيل عن نفسها دولة مستقلة، سرعان ما نالت الاعتراف الدولى الذى بدأ بواشنطن وموسكو. ومن هنا، دونت الأجندة الإسرائيلية هذا اليوم باعتباره يوم إعلان «الاستقلال». وبعد يوم من إعلان دولة إسرائيل، أعلنت بريطانيا بدورها يوم 15 مايو انتهاء الانتداب البريطانى فى فلسطين، لتدخل 7 جيوش عربية الأراضى الفلسطينية بهدف إجهاض الدولة الإسرائيلية قبل أن تبدأ. وتقول بعض الروايات إن القوات العربية كان عددها 25 ألف مقاتل، فى حين بلغت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى 35 ألف جندى، وصلت بالإمدادات العسكرية فى نهاية شهر ديسمبر من العام نفسه إلى مائة ألف جندى. وإذا ما أضيفت صفقة الأسلحة المشبوهة إلى تلك المعطيات، تتضح حجم الكارثة التى ألمت بالأراضى الفلسطينية وسكانها الذين تم تهجير ما لا يقل عن 760 ألف فلسطينى منهم مع نهاية المعارك بين الجانبين العربى والإسرائيلى. والمعروف أن أبناء وأحفاد هذا العدد خارج فلسطين الآن وصل إلى 4.7 مليون لاجئ مشتتين بين دول أوروبا وأمريكا والأقطار العربية، ليشكل مصيرهم قضية كبرى فى النزاع العربى - الإسرائيلى. من هنا يشكل «حق العودة والتعويض» مطلبا ملحا للاجئين والنازحين الذين تم ترحيلهم قسرا خلال فترة المعارك منذ عام 1948 وحتى الآن. وهو ما ركزت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية أمس بتجديد مطالبها بضرورة التأكيد على حق عودة لاجئى 1948 الفلسطينيين إلى قراهم وديارهم. ومما لا شك فيه أن حق العودة «هو أحد الثوابت الوطنية غير القابلة للتصرف»، خاصة أن «الكارثة مستمرة». هكذا أكدت منظمة التحرير الفلسطينية، التى أعطت الضوء الأخضر لبدء المفاوضات غير المباشرة بالأمس القريب، وهكذا أكد صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، أمس، قائلا إنه «ينبغى إيجاد حل يستند لقرار الأممالمتحدة رقم 194»، المتعلق بحق العودة، وهو القرار الذى صدر فى 11 ديسمبر 1948 دون أن تطبقه إسرائيل حتى اللحظة، ضمن مجموعة القرارات الدولية الكثيرة الصادرة، والتى تمتنع إسرائيل عن تطبيقها. ويأتى التأكيد على أهمية «حق العودة» فى وقت يباشر فيه الجانبان الفلسطينى والإسرائيلى مفاوضات غير مباشرة يتوسط فيها الطرف الأمريكى، بهدف بحث المسائل الأمنية والمياه، بحسب طلب إسرائيل، فضلا عن التطرق لقضايا لوضع النهائى (ومن بينها اللاجئين)، بحسب المطلب الفلسطينى، لكن دون اتخاذ أى قرارات نهائية تتعلق بها.