من قلب الدولة العبرية وفى خضم احتفالاتها الرسمية ب«يوم الاستقلال»، يخرج أثير «إذاعة الشمس» معليا صوت «النكبة»، لإحياء ذكرى إعلان الدولة الإسرائيلية على أنقاض القرى التى هجَّرت عصابات الصهيونية أهلها من ديارهم، فيما بقيت قلة فلسطينية متمسكة بجذورها، رافضة التهجير القسرى، ليتحولوا اليوم إلى أقلية عربية داخل دولة الاحتلال. «يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا».. عكس هذا الشعار، الذى كان عنوان مسيرات الأيام الماضية، مشاعر الأقلية الفلسطينية فى إسرائيل، التى تعيش - بحكم وجودها على أرضها التى أقيمت عليها دولة إسرائيل - أجواء عيد الاستقلال ال62، بمشاعر حزن وذكريات أليمة، ليوم 15 مايو، بحسب التقويم الميلادى. وفى الوقت الذى تحيى فيه حكومة إسرائيل ذكرى سقوط جنودها فى الحروب الإسرائيلية، تتوجه عيون وأفئدة فلtسطينيى الداخل نحو القرى المهجرة التى هجرها سكانها عنوة فى حرب 48، أو عام النكبة، حيث نظموا مسيرة العودة هذا العام من قرية «مسكة المهجرة». فى هذا اليوم يتبادل الأجداد والأبناء والأحفاد قصص التاريخ القريب والبعيد، على أمل أن تبقى هذه الحكايات راسخة فى الأذهان، ففيه تروى الرواية الحقيقية - غير تلك التى تروج لها إسرائيل - وهى الجريمة التى ارتكبها الاحتلال بحق الشعب العربى الفلسطينى، مما أدى إلى تشريد ما يقارب ال90% من شعب فلسطين، وهدم مئات القرى ومنع إقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لقرار التقسيم. وتلعب «إذاعة الشمس»، التى انطلقت من مدينة الناصرة فى يوليو 2003 دورا حيويا لا يقل أهمية فى هذا المجال، فهى صوت المواطنين الفلسطينيين، الذين فُرضت عليهم دولة الاحتلال فرضا، بعدما رفضوا مغادرة ديارهم. وتخصص الإذاعة برامجها لهذا الحدث لتخليده وتوثيقه فى الذاكرة الجمعية. ورغم ما تدعيه حكومات إسرائيل من ديمقراطية وحرية، تواجه بقوانينها الوضعية الأقلية العربية ومنابرها، فأقر الكنيست بالقراءة الأولى قبل أشهر قانون النكبة، الذى يمنع الميزانيات عن المؤسسات التى تتلقى ميزانيات من الدولة، أغلبها أحزاب، لمجرد أنها تحيى النكبة فى «يوم الاستقلال». وتعد «الشمس»، التى تبث على موجتى FM (101) و(98.1) الإذاعة العربية الوحيدة، فى إسرائيل، التى تعكس هموم الأقلية العربية بشفافية ومصداقية متناهية، فضلا عن برامجها التى تحارب سياسة الحكومة فى مصادرة الأراضى العربية وهدم بيوتهم، وترسخ لمبادئ التمسك بالأرض لاسيما فى مناطق اللد والرملة والطيبة والنقب. كما أنها لا تتوقف عن بث الأغانى والبرامج الوطنية، ملتزمة بنهج المقاومة المشروعة وفى حدود ما هو مسموح لها بالقانون الإسرائيلى المفروض عليها. كما تهتم الإذاعة العربية التى تبث من قلب إسرائيل بإجراء مقابلات مع لاجئين فى وطنهم، الذين يسكنون بالقرب من قراهم المهجرة ولا يستطيعون العودة إليها، للتأكيد على التواصل معهم أينما كانوا سواءً داخل الخط الأخضر أو فى الضفة الغربية وقطاع غزة أو فى الشتات.