بعض الناس يتصور أن الكتابة عن أى شىء سيئ، سوف تؤدى إلى تغييره إلى الأفضل غداً، والبعض الآخر يتصور، فى المقابل، أن الكتابة عن الشىء السيئ نفسه، لا تغيره حالياً إلى الأحسن، ولن تغيره فى المستقبل، كما أنها لم تغيره فى الماضى، ونحن بالتالى نهدر وقتنا فيما لا جدوى من ورائه، فى نظر هذا الفريق الأخير! وحقيقة الأمر، أنه لا البعض الأول على حق، ولا البعض الثانى على صواب، وإنما أحدهما متفائل بأكثر من اللازم، والآخر متشائم بلا مبرر، ولو أن الأمور كانت تؤخذ بهذه الطريقة، أى بالأبيض أو الأسود، ثم لا وسط بينهما، ما كان شىء قد انصلح حاله فى أى اتجاه! ولو أننا أخذنا قضية التعليم، على سبيل المثال، لنرى من خلالها كيف يمكن أن يحدث التغيير فى زاوية النظر إليها، أو إلى أى قضية أخرى، عاماً بعد عام، فسوف نلاحظ، بسهولة، أن الذين ينشغلون بقضية التعليم، على وجه التحديد، يكاد كل واحد فيهم، فى لحظة من اللحظات، يصاب باليأس والإحباط، لا لشىء، إلا لأن الاهتمام لديهم بقضية مصيرية من هذا النوع، بالنسبة لنا جميعاً، لا يقابله بالضرورة اهتمام يتوازى معه، من جانب الحكومة، ولا حتى يتوازى مع نصفه، أو ربعه! ولأننى واحد من هؤلاء الذين كانوا ولايزالون ينبهون، دوماً، إلى حتمية الاهتمام بالتعليم، ولا أكاد أجد من مناسبة ملائمة، حتى أعاود التنبيه من جديد، دون ملل، فإننى أرى الإشفاق أحياناً فى عيون الذين يرون أنى أؤذن فى مالطة، وأنى من الأفضل أن أوفر جهدى، ووقتى، وأعصابى! ولكن هذا كله مردود عليه بأن هناك تغييراً نحو الأمام، ولكنه بطىء جداً، ولا يمكن ملاحظته إلا بصعوبة، ولو أردت أن أضرب مثلاً على ذلك، فسوف أعيد تذكير الجميع بأن الحكومة حين فتحت اعتماداً إضافياً فى نوفمبر الماضى فى الميزانية بمبلغ 1.8 مليار جنيه، فإنها وزعت المبلغ على ثلاثة مجالات، كان التعليم واحداً من بينها.. صحيح أنه كان الأقل، ولكنه كان موجوداً، وكان ينافس على أن يحصل على مبلغ أكبر، وهذا وحده يكفى، بالمنطق الطبيعى الذى تسير به الأمور فى بلدنا! ولو أن أحداً راجع كلام الحزب الوطنى حول مجالات اهتماماته، فى الفترة الأخيرة، مقارنة بفترة أخرى قبلها، فسوف يلاحظ أن التعليم صار من بين الأولويات، من حيث الكلام على الأقل، وسوف يأتى وقت ينتقل فيه الاهتمام، كأولوية، من حيز الكلام إلى خانة الفعل! وهنا، بالضبط، أدعوك إلى أن تتوقف عند كلمة «الأولويات»، وتضع تحتها مائة خط، لأن الهدف، طول الوقت، هو أن نحرك ترتيب التعليم، كأولوية لدى الحكومة، إنفاقاً واهتماماً، من الدرجة الخامسة، مثلاً، ليكون عند الرابعة، ومنها إلى الثالثة، فالثانية، ثم الأولى على المدى الطويل! هذا، باختصار شديد، هو الأمل، وهو الهدف، ويتركز فى أننا لا نطمح إلى أن يجد التعليم، كقضية هى الأهم بين قضايانا، حلاً صباح غد، فلسنا على هذه الدرجة من السذاجة، وإنما الهدف، فى كل وقت، أن يتحرك التعليم فى سلم أولويات حكومتنا شيئاً فشيئاً، فيحتل أرضاً جديدة باستمرار، ووقتها سوف نكون على الطريق الصحيح، وسوف نخطو، يوماً بعد يوم، نحو ما نريده ونتمناه.. فهل هذا قليل؟