اشتعلت الساحة السياسية فى السودان مع قرب انطلاق الانتخابات الرئاسية الأحد المقبل بجانب الانتخابات النيابية والمحلية فى 12 و13 من الشهر نفسه، فبينما أعرب أنصار الحركة الشعبية المتمردة السابقة فى الجنوب عن سعادتهم بمقاطعتها المفاجئة للانتخابات النيابية والمحلية بعد سحب مرشحها الحركة الشعبية من الانتخابات الرئاسية، تبادلت الأحزاب المعارضة الاتهامات مع حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، والتى وصلت إلى حد التهديد بقطع رأس الرئيس السودانى عمر البشير. واستقبل أعضاء الحركة الشعبية إعلان الأمين العام للحركة باقان أموم مقاطعتها الرسمية للانتخابات على مستوى شمال السودان باستثناء ولايتى النيل الأزرق وجنوب كردفان القريبتين من الحدود الجنوبية بالزغاريد، ورددوا هتافات «صف واحد يا باقان..لا شركة مع الكيزان» فى إشارة للمؤتمر الوطنى وعزا أموم قرار المقاطعة إلى عملية التزوير فى الانتخابات، التى انتهجها المؤتمر الوطنى، والتى وصفها ب «الكبيرة»، وكذلك «استغلال أجهزة الدولة والسيطرة عليها بما فى ذلك مفوضية الانتخابات». وأوضح الأمين العام للحركة أن السبب الآخر للقرار هو ما يجرى فى دارفور من تزوير ووجود حالة الطوارئ بولاياتها الثلاث، وطالب أموم برفع حالة الطوارئ عن دارفور وإنهاء الحرب فيها. وأرجعت مصادر مقربة من الحركة الشعبية لصحيفة «الرأى العام» السودانية قرار مقاطعة الحركة الشعبية لخلافات سياسية حادة بين القطاع الشمالى فى الحركة والمكتب السياسى لها، فيما اعتبر المؤتمر الوطنى القرار «هروبا من الهزيمة لعدم قدرتها على المنافسة فى أى دائرة بالشمال ودليلاً واضحاً على الانقسامات الحادة والتباين الواسع داخل الحركة الشعبية». وقال د. محمد مندور المهدى، نائب رئيس المؤتمر الوطنى بولاية الخرطوم ل«الرأى العام»: «إن الحركة أدركت الهزيمة المتوقعة لها ولذلك آثرت السلامة باتخاذ كثيرٍ من الدعاوى حتى لا تخوض المعركة ولا تُمنى بالهزيمة». واتهم المؤتمر الوطنى كينيا بالتدخل غير المباشر فى الانتخابات، بالضغط على الحركة الشعبية لسحب مرشحها ياسر عرمان من الماراثون الرئاسى. وقال د. مصطفى عثمان إسماعيل، رئيس القطاع الخارجى بالحزب الحاكم، إن سحب «الشعبية» مرشحها لم يكن نتيجة صفقة ما، لكن نتيجة ترتيبات كينية بعدما أعلن أحد الوزراء الكينيين عن تدخل بلاده لإثناء الحركة الشعبية عن ترشيح عرمان. وفى تصعيد للحرب الكلامية بين المعارضة والحزب الحاكم، أعلنت قيادات بحزب المؤتمر الوطنى الحاكم أنهم سيقطعون رأس حسن الترابى زعيم حزب المؤتمر الشعبى المعارض، وذلك ردا على تصريح لإبراهيم السنوسى مرشح المؤتمر الشعبى لدائرة «الكلاكلة» قال فيه «إن رأس الترابى برأس البشير وإذا قتل فسوف يقتل الرئيس البشير». جاء ذلك فيما أعلن مسؤولون فى الحزب الاتحادى الديمقراطى المعارض فى السودان أن الحزب سيشارك فى الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى 11 أبريل الجارى وذلك بعد أسبوع على إعلانه مقاطعة هذه الانتخابات. وقال صلاح الباشا، المتحدث الرسمى باسم الاتحاديين: «قرر رئيسنا محمد عثمان الميرغنى مشاركة مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية حاتم السر فى هذه الانتخابات». كان الحزب الاتحادى الديمقراطى الذى حل فى المرتبة الثانية فى الانتخابات التى جرت عام 1986، أعلن مقاطعته الانتخابات الرئاسية ومشاركته فى الانتخابات التشريعية وانتخابات المحليات. وأكد حاتم السر مرشح الحزب لمنصب الرئاسة فى حوار له مع قناة العربية ثقته فى الفوز بنسبة 80% ومن الجولة الأولى، نافيا وجود أى تحالفات مع المؤتمر الوطنى من أى نوع. جاء ذلك فيما اتهم الصادق المهدى، زعيم حزب الأمة القومى المعارض، الحزب الحاكم، بالإنفاق ببذخ من أموال الدولة لتمويل حملته الانتخابية، واستغلال أجهزة الدولة لمصلحته، وقال: «إن رفض حزب المؤتمر الوطنى الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير تأجيل الانتخابات سببه أن الحزب أنفق ببذخ على العملية الانتخابية ومن الصعب أن يتراجع، ويقوم بالتأجيل». والسبب الثانى وفقا للمهدى هو «أن المؤتمر الوطنى لم يخض الانتخابات لحل مشكلات السودان، أو لإعادة التعددية والديمقراطية، ولكن من أجل حماية رأس الدولة البشير من ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية، حيث يعتبرون الانتخابات هى الطريق الأقصر والأفضل لتجاوز تلك الأزمة». وعلى خط المعارضة، تظاهر، أمس الأول، أنصار حركة «قرفنا» السودانية فى شوارع العاصمة الخرطوم للمطالبة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. وحمل أعضاء الحركة لافتات كتب عليها اسم الحركة «قرفنا» وحمل بعضهم نعشاً رمزياً للحرية. وفيما يتعلق بموقف الحزب الحاكم الرافض دعوات المعارضة بتأجيل الانتخابات، أكد إسماعيل أن سبب ذلك رفض الحركة الشعبية تمديد الفترة الانتقالية وإرجاء الاستفتاء، وبالتالى لا يمكن تأجيل الانتخابات. وأرجع إسماعيل سبب الدعم الأمريكى لإجراء الانتخابات إلى قوة التيار المعتدل فى واشنطن تجاه السودان الذى يقوده المبعوث الأمريكى للسودان سكوت جريشن، بالإضافة إلى أن الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولى أصبحا غير قادرين على فعل شيء فى السودان سوى التركيز على تنفيذ اتفاقية السلام وصولا إلى الاستفتاء حول تقرير المصير وهو ما يحتم إجراء الانتخابات بحسب المسؤول السودانى. من جانب آخر، أكد الناطق الرسمى لحركة العدل والمساواة، أحمد حسين آدم، أن اللقاء بين خليل إبراهيم زعيم الحركة والمبعوث الأمريكى كان «شفافاً وبناء»، وناقش مجمل القضايا السياسية الراهنة وعملية الانتخابات التى رفضت الحركة المشاركة فيها لأنها تعتبرها «مزورة بإحصاء وتسجل انتخابى باطلين» وسط «انعدام للحريات وتحت رعاية المؤتمر الوطنى». وجدد آدم موقف حركته من أن فوز الرئيس البشير من عدمه لن يغير من رؤية حركته فى التعامل مع النظام، حيث سيتم اعتبار الحكومة ك«حكومة أمر واقع».