لأن الانتخابات هى أقوى اختبار لإرادة الأمة، فإن الشعوب المتحضرة تضعها فى الأعين، وتغلق عليها الجفون.. هى شرف لا ينبغى العبث به، وحصن منيع لا يجوز الاقتراب منه.. لذا فليس كثيراً أن نخوض المعارك وندفع الثمن من أجل حماية حق الاختيار، وصيانة صناديق الاقتراع من أى تلاعب..! غضبت قيادات حزب الوفد، لأن «المصرى اليوم» نشرت مقالاً للكاتب الدكتور عمار على حسن يكشف فيه تفاصيل صفقة بين «الوفد» و«الوطنى» فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وبمنطق «المؤامرة» فى تفسير كل شىء، شنت الزميلة «الوفد» حملة هجوم شديدة التجاوز ضد «المصرى اليوم»، ولأننا قطعنا عهداً على أنفسنا بعدم الانزلاق إلى مثل هذه المعارك، فلن نشتبك مع صحيفة «الوفد»، احتراماً للقارئ، واتساقاً مع مبادئ وأخلاقيات المهنة.. غير أننا لابد أن نؤكد عدة حقائق فى هذه القضية: أولاً: إن «المصرى اليوم» حين نشرت مقال د. عمار على حسن إنما كانت تستهدف المصلحة العامة، وحق القارئ فى المعرفة.. المصلحة العامة التى تفرض علينا جميعاً بذل الجهد لتوفير الضمانات الكاملة لنزاهة الانتخابات، وتنقية الممارسة الديمقراطية من شوائب الصفقات، والدفاع عن صوت المواطن بأى ثمن.. أما حق القارئ فهو أغلى وأقدس ما ندافع عنه، فإذا كنا أعلنا منذ اليوم الأول لصدور «المصرى اليوم» أن ولاءنا الأول والأخير لقارئ احترمناه، ونسعى إلى نيل احترامه كل صباح، فليس من الشرف أن نخفى عنه شيئاً هو الأولى بمعرفته، باعتباره صاحب الحق الوحيد فى تقييمه وتصديقه من عدمه. ثانياً: ربما يرى البعض أن الجريدة كان واجباً عليها أن تستطلع رأى قيادات «الوفد» و«الوطنى» حول مدى صحة الصفقة قبل النشر، وهو رأى نحترمه ونقدره، غير أننا نشرنا فى اليوم التالى نفى قيادات «الوفد»، ثم نفى صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطنى، فى اليوم بعد التالى، بل واتهام محمود أباظة، رئيس حزب الوفد، ل«المصرى اليوم» بالفاشية.. ونحن نؤمن بأن نفى الحزبين لا يمس مصداقية الجريدة، لأنه بديهى، مثلما نؤمن بأن اتهام «أباظة» لنا ب«الفاشية» خرج فى لحظة غضب وانفعال، ونلتمس له العذر، لأن كلمة «الفاشية» لا محل لها فى مثل هذه القضية. ثالثاً: قالت الزميلة «الوفد» فى مانشيت الصفحة الأولى: «المصرى اليوم تكذب وتعرف أنها تكذب»، وتلك لهجة نربأ بجريدة «الوفد»، التى نحترم تاريخها، أن تستخدمها فى حوار يحتمل الرأى والرأى الآخر.. ولكننا نؤكد أن مصداقية «المصرى اليوم» لم تعد محل نقاش، ففى كل المعارك المشابهة أثبتت الوقائع مصداقية الجريدة، وفى قضية «الصفقة» ربما سيكون علينا جميعاً انتظار انتخابات مجلس الشعب نهاية هذا العام، لنعرف مدى صحة ما ورد بمقال عمار على حسن، وإن كنا نتمنى من قلوبنا عدم صحة ذلك، لأن نزاهة الانتخابات أهم مليون مرة من مصداقية «المصرى اليوم» وغضب حزب الوفد وجريدته. رابعاً: هددت الهيئة العليا ل«الوفد» بتقديم بلاغ للنائب العام ضد كاتب المقال والجريدة، ونحن نرحب بهذه الخطوة، احتراماً لحق الحزب، وثقة فى القضاء المصرى الشامخ. خامساً: نحن لم نزعم يوماً أننا ملائكة، ولم نقل إن «المصرى اليوم» معصومة من الخطأ، فقد أخطأنا من قبل، وسوف نخطئ من بعد لأننا بشر، ولكننا لا نكذب، فليطمئن القارئ الكريم وحزب الوفد إلى أن أى اختلاف فى الطرح يحدث بحسن نية، ولكننا لم ولن نكذب، ليس تحسباً من خصومة مع أى طرف، وإنما احتراماً والتزاما أخلاقياً أمام القارئ. سادساً وأخيراً: تحترم «المصرى اليوم» المبادئ الديمقراطية وتنادى بها باعتبارها حقاً أصيلاً للمواطن، وندرك أن الديمقراطية لا تكتمل إلا بوجود معارضة قوية، ولحزب الوفد العريق المساحة الأكبر بين أحزاب المعارضة، لذا فإن الحرص على قوته ومكانته يرجع إلى الغيرة على الحياة السياسية، حتى لا يظل المشهد السياسى أسيراً للحزب الواحد. رئيس التحرير