رغم إيمان جزء من مسيحيى الغرب بالنبوءة الإسرائيلية الخاصة بكنيس «هاحوربا» المعروف بكنيس الخراب اليهودى، المقرر افتتاحه اليوم، فإن مسيحيى الشرق، وكذلك المسلمون، يرفضون المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتهويد المسجد الأقصى، ويؤكدون أن هذه النبوءة مجرد «خرافات»، فى الوقت الذى أكد فيه سياسيون أن إسرائيل لن تقدم على أى خطوة كبيرة تتعلق بالمسجد الأقصى فى الظروف السياسية الحالية. وقال الدكتور إكرام لمعى، مدير كلية اللاهوت الإنجيلى، رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية، إن اليهود يؤمنون بهذه النبوءة وسيحاولون بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى، وتقديم ذبيحة عليه، وإعادة جميع طقوس المملكة اليهودية القديمة، مشيرا إلى أن بعض مسيحيى الغرب يؤيدون المشروع الإسرائيلى لتهويد الأقصى، لأن ذلك يعجل بظهور المسيح، ويوم القيامة وفقا لمعتقداتهم. وأكد لمعى أن النبوءات «لا تتحقق بالسلاح، والله هو الذى يحققها لو كانت صحيحة»، وقال: «كلنا ضد الطريقة التى تتبعها إسرائيل لتهويد الأقصى وتحقيق نبوءتهم، والنبوءات لابد أن تتحقق بطريقة سلمية، بعيدا عن قتل البشر واغتصاب الأرض». ووصف الدكتور عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، النبوءة الإسرائيلية بأنها «خرافة لا قيمة لها»، وقال إن «دولة إسرائيل قامت على هذه الخرافات، ومن المستحيل أن يترك العالم هذه الدولة القائمة على الخرافات والأساطير، تحاول خلق واقع على الأرض تطرد من خلاله المواطنين الأصليين الذين عاشوا فى البلاد آلاف السنين». وأضاف: «إذا لم يستيقظ ضمير العالم ستستمر إسرائيل فى خلق واقع على الأرض». وقال الدكتور عماد جاد، رئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية، إن الشريعة اليهودية مليئة بالنبوءات، التى لا يؤمن بها سوى جزء صغير جدا من المجتمع اليهودى، لا يزيد على 15%، أما الباقى فهم علمانيون. وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية عندما تتعامل مع هذه النبوءات تفعل ذلك كنوع من «النفاق السياسى لإرضاء الأحزاب الدينية»، مشيرا إلى أنه «على مدار التاريخ الإسرائيلى لم تثبت صحة أى من هذه النبوءات التى تؤمن بها طبقة من رجال الدين وتحاول ترويجها». وحول ما إذا كان افتتاح كنيس الخراب يعد من وجهة النظر اليهودية مقدمة لإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى، قال جاد: «هذا الموضوع ما زال موجودا فى الفكر الإسرائيلى، لكن الحكومة التى يمكن أن توافق على افتتاح الكنيس فى هذا التوقيت كنوع من النفاق للأحزاب الدينية لن تجاريها أكثر من ذلك». وأوضح أن هناك اعتبارات سياسية تحكم إسرائيل فى اتخاذ أى خطوات تتعلق بالمسجد الأقصى، لأن مثل هذه الخطوة فى ظل الظروف الحالية «ستؤدى إلى فوضى شاملة فى المنطقة، وهذا ظهر بوضوح من خلال رد الفعل على قرار ضم الحرم الإبراهيمى للتراث اليهودى». وقال: «بناء الهيكل حلم إسرائيلى صعب التحقيق، وحريق المسجد الأقصى الذى حدث عام 1969 لا يمكن تكراره الآن». وكنيس الخراب موجود فى مدينة القدس الإسلامية بجانب المسجد العُمَرى الكبير، داخل البلدة القديمة، وبُنى على أنقاض حارة الشرف الإسلامية، التى سمتها إسرائيل «حارة اليهود» بعد أن هدمت وبدلت معالمها، ويعد هذا الكنيس أكبر كنيس يهودى بارز فى البلدة القديمة، ويتألف من أربع طبقات، ويتميز بشكله الضخم وقبته المرتفعة جدا التى تقارب ارتفاع كنيسة القيامة، وتغطى على قبة المصلى القبلى داخل المسجد الأقصى للناظر للمسجد من اتجاه الغرب. ويعود تاريخه حسب الرواية اليهودية إلى القرن الثامن عشر ميلادى، حيث قدمت مجموعة من اليهود من بولندا فى 14 أكتوبر 1700، وجمعت أموالاً طائلة لرشوة بعض عمال الدولة العثمانية حتى يقوموا ببناء معبد حوربا على أنقاض معبد قديم، إلا أن عدم دفع مبلغ الرشوة والديون الباهظة على تلك الجماعة من الأشكنازى أدى إلى مصادرة وهدم المبنى من جديد فى 1721 وظل 89 عاما بهذا الوضع، حتى سمى ب«الخراب». وفى عام 1808 جاء إلى القدس مجموعة يهود، حاولوا بناء الكنيس من جديد، إلا أنهم فشلوا فى ذلك، بسبب رفض السلطات العثمانية، حتى جاء زلزال عام 1834، لينتهز اليهود الفرصة ويُسمح لهم ببناء الكنيس من جديد فى عام 1836. اكتمل بناء الكنيس فى عام 1864، وظل على حاله حتى عام 1948 عندما حاصر الجيش الأردنى بقيادة عبدالله التل مجموعة من قوات الهاجانا وطلب من الصليب الأحمر أن يخرج جميع المتمركزين داخل كنيس حوربا، حتى لا تقوم القوات الأردنية بقصفه، وبالفعل تم هدم الكنيس فى اليوم التالى، وعندما احتلت إسرائيل القدس عام 1967 تجددت المطالب بإعادة بناء كنيس حوربا، إلا أن حاخامات الدولة اكتفوا ببناء قوس تذكارى لهذا الكنيس، وفى عام 2001 أقر المشروع من جديد. ويرتبط الكنيس بنبوءة لأحد الحاخامات يدعى «إيليا بن شلومو زلمان»، المعروف ب«جاؤون فيلنا»، ادعى فيها أن بناء هيكل سليمان سيتم فى النصف الثانى من الشهر الثالث من عام 2010، بعد تدشين معبد «هاحوربا» أو كنيس الخراب.