توترت الأوضاع الميدانية فى القدسالمحتلة وفى أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، بالتزامن مع افتتاح إسرائيل كنيس «الخراب» اليهودى قرب المسجد الأقصى، والذى يليه، حسب المعتقدات اليهودية فى اليوم التالى مباشرة «اليوم»، البدء فى بناء الهيكل الثالث المزعوم مكان الحرم القدسى الشريف، فى خطوة تكشف عن مخططات الاحتلال مواصلة تهويد القدس وفصلها عن محيطها الجغرافى، وشددت قوات الاحتلال من قبضتها الأمنية على القدسالمحتلة، وواصلت منع الفلسطينيين ممن هم دون ال50 عاما من دخول المسجد لأداء الصلاة بعد أنباء عن عزم اليهود المتطرفين اقتحامه، بينما دعت السلطة الفلسطينية إلى تنظيم إضراب أمس واليوم لمدة ساعتين فى القدس. وقبل ساعات من افتتاح السلطات الإسرائيلية معبد هاحوربا أو ما يعرف ب«كنيس الخراب»، شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها الأمنية فى القدس والبلدة القديمة، تحسباً لاندلاع مواجهات ومنعت المصلين دون ال50 من العمر من الوصول إلى منطقة الحرم، وأخرجت منه بالقوة نحو 20 من الفلسطينيين بعد أن اقتحمته من باب المغاربة أمس الأول، بينما توافد مئات من اليهود المتطرفين على موقع الكنيس مرددين أغانى وترانيم يهودية، وذكرت قناة «الجزيرة» الفضائية أن 12 منظمة يهودية متطرفة تعزز أنشطتها لتحقيق الهدف النهائى لديها والذى يتمثل فى إقامة الهيكل المزعوم مكان الحرم القدسى الشريف، وقال الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكى روزن فيلد، «بالنظر لخطر نشوب اضطرابات، فإننا نحافظ على حالة التأهب وفرض قيود على الوصول إلى جبل الهيكل. ويعتبر اليهود إعادة بناء كنيس الخراب مؤشراً على قرب بناء معبد جبل الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، كما يعتقدون أن ذلك يقربهم مما يسمونه «خلاص اليهود» حيث تتحدث الجماعات اليهودية عن «نبوءة»، مفادها أن حاخاما إسرائيليا عاش فى عام 1750م، وقال إن يوم البدء فى بناء الهيكل الثالث المزعوم هو اليوم الذى يلى إعادة افتتاح كنيس الخراب، والذى تقول الأساطير اليهودية إنه دمر خلال عهد الدولة العثمانية بعد 21 عاما من بنائه ثم أعيد بناؤه عام 1864 لكنه دمر بالكامل وسوى بالأرض عام 1948 خلال معركة بين القوات الإسرائيلية والقوات الأردنية بهدف السيطرة على مدينة القدس. وبدورها، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية «معا»، عن مؤسسة الأقصى للوقف والتراث، قولها إن هذا الكنيس يعتبر «أكبر وأعلى كنيس يهودى يبنى بالقرب من المسجد الأقصى»، وقد أقيم على حساب المسجد العمرى وأرض وقف إسلامية فى حارة الشرف، وهو حى إسلامى احتلته إسرائيل عام 1967». وكانت المؤسسة حذرت من أن الجماعات اليهودية المتطرفة دعت إلى اعتبار اليوم «الثلاثاء» - وهو اليوم الذى يلى افتتاح كنيس الخراب - يوما عالميا من أجل بناء ما يسمى الهيكل الثالث وتتخلله دعوات إلى اقتحام المسجد الأقصى. وفى مقابل الإجراءات الإسرائيلية، حذر حاتم عبدالقادر، مسؤول ملف القدس فى فتح، من أن أى محاولة لدخول باحة المسجد الأقصى من قبل اليهود المتطرفين «ستشعل كل المنطقة ولن تقتصر على الأقصى أو مدينة القدس»، وحمل عبد القادر إسرائيل مسؤولية ما سيجرى فى حال السماح للمتطرفين اليهود بدخول الأقصى، مؤكدا أن «الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام دخول المتطرفين إلى الأقصى». مشددا على أن «الأوضاع متوترة جدا ومتفجرة جدا بسبب الإجراءات غير المسبوقة استعدادا لما يسمى «مشروع بناء كنيس الخراب فى البلدة القديمة». واعتبر عبدالقادر أن «كنيس الخراب ليس مجرد كنيس عادي، فهو نقطة ارتكاز ومقدمة لما يسمى بناء الهيكل على انقاض الحرم، وهذا الكنيس سيكون مقدمة للعنف والتعصب الدينى والتطرف»، مؤكدا أن بناءه «لا يقتصر على يهود متعصبين ومتطرفين بل على أعضاء مشاركين فى الحكومة وهناك توجه رسمى فى الحكومة لبناء الهيكل الثالث. القضية قضية إرادة سياسية». وأضاف أن «القوى الوطنية والإسلامية دعت إلى شد الرحال وإعلان إضراب جزئى من الحادية عشرة صباحا حتى الواحدة بعد الظهر كخطوة احتجاجية، لأننا لا نريد تفريغ المنطقة إلى الباب الذى تسمح منه الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح واليهود إلى باحات الأقصى. بدورها، دعت الفصائل الفلسطينية الأخرى إلى تنظيم مظاهرات واحتجاجات بعد أن عقدت فى غزة مؤتمراً وطنياً لبحث الإجراءات الإسرائيلية، كما دعت شخصيات وفصائل إسلامية ووطنية إلى الاعتكاف فى المسجد الأقصى والمرابطة بداخله خلال الأيام المقبلة تحسبا لأى اقتحام محتمل لجماعات يهودية لمناسبة افتتاح الكنيس. وفى الوقت نفسه، أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارا يقضى بهدم مسجد «سلمان الفارسى» المكون من 3 طوابق خلال مدة أسبوع فى قرية بورين القريبة من نابلس فى شمال الضفة، وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان فى المنطقة إن السلطات الإسرائيلية سلمت مجلس قروى بورين قرارا بهدم المسجد، موضحا أن القرار «سابقة خطيرة». وطالب المجتمع الدولى بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا القرار، بينما تتذرع إسرائيل بأن المسجد أقيم فى المنطقة الخاضعة لسيطرتها وفقا لاتفاقية أوسلو. وفى الوقت نفسه قالت وكالة معا الفلسطينية للأنباء إن قوات الاحتلال داهمت، فجر أمس، قرية بلعين غرب رام الله، وأعلنت القرية منطقة عسكرية مغلقة لمنع الاحتجاجات ضد الجدار العازل، فى خطوة تابعة لما فعلته فى قرية نعلين بالضفة. كما اعتقلت قوات الاحتلال 15 فلسطينيا خلال حملة مداهمات فى الضفة بدعوى أنهم مطلوبون أمنيا.