الانتخابات بدأت.. أنا متفائلة بأى نتيجة كانت، مادام لن يكون هناك عنف، أو إبطال للانتخابات أو تزوير. إذن ماذا عن المرشحين؟ أولا بالنسبة لعمرو موسى، يجب الاعتراف بأن وصفه بكلمة «فلول» غير دقيق. فمن شهد فترة منتصف التسعينيات يتذكره «كمنافس» سياسى لمبارك نظراً «لصيته وخطابته» حتى إن شعبان عبدالرحيم غنّى «أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى!» عاكسا بذلك «شعوراً شعبياً ما» تجاهه. وبناء عليه، أتذكر الكثيرين يرددون أن مبارك سيخفيه من الساحة السياسية. فالبعض أوّل إرسال موسى لجامعة الدول العربية كنوع من «النفى». إذن فى هذا السياق التركيز ليس على أنه «جزء» من النظام بل إنه كان «منافساً» مطروحاً لشخص الرئيس السابق. من الطريف أن شفيق نفسه تنطبق عليه فكرة مشابهة! أذكر فى نهاية 2010 مقالا فى النيويورك تايمز أشار إلى «إنجازات شفيق فى الطيران المدنى وأنه بدا وكأنه منافس لمبارك»، وقد تُرجم هذا المقال فى جريدة «المصرى اليوم». استوقفنى فى حينها أحد تعليقات القراء قائلا إن النيويورك تايمز و«المصرى اليوم» تتآمران على الرجل لأن أى مدح فيه معناه نفيه وإقصاؤه بناء على نشاطه وكفاءته! نطرح نظرية المؤامرة جانبا. إن هذا التعليق يعكس أمراً مهما وهو فكرة أن شفيق كان أحد «المنافسين» وليس «الأعوان» بالضرورة. أما مرسى فمن العجيب أن التقدميين والتحرريين (أى الليبراليين) يخشونه و«تكويش» الإخوان على كل شىء، فى حين أن هذا أمر مشروع أن يحاول أى حزب سياسى أن ينافس ليصل إلى السلطة! المسألة ليست فى «مبدأ التكويش» من عدمه، لكن مشكلة مرسى والإخوان أننا لسنا «مختلفين» تماما عن إيران كما يظن البعض. فالثقافة السياسية فى إيران ما بعد الثورة تغيرت «تدريجيا» و«دستوريا» و«قانونيا» و«انتخابيا» وليس «فرضا» على الناس، وابتُدعت ابتداعا آليات، مثل «ولاية الفقيه». يبقى أبو الفتوح وصباحى فيهما فكرة «الطرح البديل». أبوالفتوح يمينى محافظ استطاع أن يقيم حملته على فكرة التوافق فأقنع عناصر سياسية مختلفة بدعمه، من إخوان لليبراليين ليساريين لسلفيين. التحدى الأكبر لأبوالفتوح هو ألا يُحبِط كل هؤلاء، نظراً لتباينهم الشديد، فيما يستطيع تقديمه لهم فعلا كرئيس. أما صباحى اليسارى الإشتراكى الناصرى وبكلمة اخترعتها «سوشيالى» من socialist له تجربة سياسية فى البرلمان، وباع مع حرية التعبير عن الرأى المعارض. لم يكن صباحى متقدما، لكن الاستطلاعات عكست طفرة فى التصويت له، يتوافق هذا، فى تحليلى، مع تصويت الفرنسيين لفرونسوا هولاند «السوشيالى» أيضا بعد ولاية ساركوزى اليمينى. الواضح أن هناك مناخاً دولياً يعكس رسالة «العدالة الاجتماعية» وقيام الدولة بدورها، ليست «كوصية» ولكن «كمنظم» للعلاقات الاقتصادية. نفس الدور يحاول أوباما إرساءه فى حملته هذا العام وكذلك 2008. إذن، ليس بمستبعد أن تكون مصر برئاسة صباحى فى وفاق مع دول محورية مثل فرنسا والولايات المتحدة وليس فى تضاد معهما. التحدى الأكبر لصباحى هو أن تكون تلك الرؤية الإستراتيجية الدولية نصب عينيه وألا تصبح نظرة التقوقع أو التمركز حول الذات الوطنية فقط هو ما يعنيه، بشكل يخيف المجتمع الدولى ويُهمش مصر إقليمياً ودولياً. فى الأخير، يبقى تفاؤلى، لأن كل مُرشح له مزايا يجب استثمارها إذا انتخبته الأغلبية. كذلك، كلهم بهم من العيوب ما يجب علينا التأقلم معه ومعايشته، مع إدراك أن المنصب سيغيرهم. وفى هذا التغيُّر طاقة ومجال للتفاوض السياسى. وبالتالى، مع كل هذا الحراك، يبقى كثير من الأمل! [email protected]