«يوسف» وصديقه «محمود» طفلان لا يتجاوز عمرهما 15 عامًا، حظهما العاثر قادهما إلى السير من مكان اشتباكات ب«الطوب والزجاج» بين جيرانهما. خافا التعرض للخطر، فدخلا منزلًا شبه «مهجور» حرصًا على حياتهما، باغتهما صوت أناس يقولون: «دول جم لينا من عند ربنا»، فإذا بهم يمسكون بالطفل الأول، يلقونه في حُفرة أعدوها ل «التنقيب عن الآثار» ب «عزبة رستم» في شبرا الخيمة. لنحو 5 ساعات، رأى الصغير خلالها الموت بعينيه، ولم ينقذه سوى صديقه الثانى، الذي لاذ بالفرار، وأبلغ زوجة عم صديقه المحتجز هناك تحت الأرض، فاستدعت السيدة، الشرطة ليجدوا أفراد التشكيل العصابي قد لاذوا بالفرار، فينقل المجنى عليه إلى المستشفى، ولا تزال تسيطر عليه مشاهد الموت، وتفزعه في صحوه ونومه، وفق أبيه: «مش بينام غير في حضنى، وبيفضل يهذى». «هدية من عند ربنا» الطفل «يوسف» لم ينل حظًّا من التعليم، يعاون أباه في محل أحذية بسيط، باعتباره الأكبر من بين أشقائه، فقبل أيام، حسب حكيه: «أبويا بعتنى أشترى لمبة مع صاحبى محمود، لقينا خناقة كبيرة قوى، وبيضربوا بعض بالإزاز والطوب، خفنا على نفسنا، وكل ما ندخل بيت نلاقى بابه مغلق، حتى عثرنا على منزل بابه مفتوح، لم نتردد، دخلنا على طول، وصديقى شعر بأشياء غريبة، وقالِّى:إحنا لازم نمشى.. سامع صوت ناس غريبة بيقولوا: جم لنا هدية». وأضاف «يوسف»: «لما صديقى هرب، لقيت راجل بياخدنى داخل شقة بالدور الأرضى، وضربنى على راسى ب(شومة)، وعلى جنبى، وكان معاه 5 رجالة تانيين وواحدة ست قالتلى: (انت هدية من عند ربنا، جات من السما)، وحينها واحد وجه كلامه لى: «تحب نضربك بالنار ولا ندفنك وتموت على طول». يرتعش الطفل أثناء حكيه تفاصيل حمله إلى حفرة عميقة داخل المنزل: «حطوا لزق الأول على بوقى، وشالونى، وحدفونى في الرملة لحد نص جسمى، وقعدوا يضربونى، ويرددوا كلامًا غريبًا، ولم أفق إلا بعد وصولى المستشفى من ضربات المطاوى والشوم على جسمى، إذ أنقذنى صديقى محمود، الذي اتصل بى كثيرًا، وقلق لما لم أرد على تليفوناته المتكررة لأن هاتفى كان مع الناس اللى خطفونى، فمن شدة ارتباكه احتار يجيلى تانى بنفسه ولا يقول لحد من أهلى، لحد ما قابل زوجة عمى بالشارع، فأبلغها بمكان احتجازي، وروى لها أنه هرب، ومن ساعتها وأنا محتجز في البيت». أدوات حفر وشوم ومطاوي زوجة عم «يوسف» منعها أصحاب المنزل من الدخول بادئ الأمر، فلم يكن أمامها سوى الاستعانة بالناس وطلب الشرطة، فلاذ المتهمون بالفرار، لتعثر على المجنى عليه داخل الحفرة غارقًا في دمائه عاريًا، ليتلقى الأب الخبر وسط صدمة: «فكرت إن ابنى مات»، يقول ذلك وهو يشير إلى ما التقطه له من صور على هاتفه توثق ضربه والشروع في قتله كما توثق الحفرة داخل بيت المتهمين التي دفنوا داخلها الابن. عُمر جديد كُتب ل«يوسف»، حسب تعبير والده، الذي يقول: «كل اللى أتمناه عودة حق ابنى بالقانون، والقبض على مرتكبى الجريمة لأنهم كانوا خاطفين ضنايا وهيقدموه قربانًا للجن، وعرفنا من جيران المتهمين إنهم بيحفروا من سنتين، وعندهم حلم بالعثور على الآثار داخل بيتهم، وأول ما دخلنا منزلهم عثرنا على ملابس ابنى وعليها دم وأدوات حفر وشوم ومطاوى». التنقيب عن الآثار ويقول الأب حزينًا إنه حين حرر محضرًا في بداية الواقعة ظن أن المتهمين الذين لم يكن ابنه يعرفهم اعتدوا على نجله انتقامًا منه لوجود خلافات جيرة سابقة، لكنه لما أعاد سماع أقوال ابنه وعرف من جيرانهم حكاية التنقيب عن الآثار، اتهمهم بالشروع في قتل ابنه لأجل تقديمه قربانًا للجن.