بينما يحيط الغموض بمستقبل قطاع غزة عقب 187 يومًا من الحرب الإسرائيلية التي خلفت 33 ألف شهيد و75 ألف مصاب، وفيما المقاومة مستمرة في عملياتها النوعية في مسار سياسي غاية في التعقيد، زعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن قواته قضت على 19 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحركة حماس، ومن ضمنها قادة كبار في الحركة. نتنياهو في تصريحاته أمس قال إن قوات الاحتلال دمرت مقارّ لقيادات الحركة شمال ووسط قطاع غزة، بينها مجمع الشفاء الطبي، مدعيًا أن قواته أجهزت على نحو 80% من قدرات حماس بتدمير 19 كتيبة قتالية من أصل 24 كتيبة، وأن إسرائيل «على بُعد خطوة من تحقيق النصر»، مشيرًا إلى أن اجتياح رفح سيكون بمثابة المحطة في الحرب على غزة، وفق زعمه. في هذا السياق علق المحلل السياسي الفلسطينمي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، أيمن الرقب، ساخرًا من تصريحات نتنياهو، مشبهًا تلك التصريحات ب«كذبة أبريل». واستشهد الرقب بأن لغة الأرقام تفيد بكذب ادعاءات نتنياهو، موضحًا أن إجمالي شهداء القطاع لا يتجاوز 34 ألف شهيد، بينهم 70% من الأطفال والنساء، وحال سلمنا اعتباطًا برواية نتنياهو، معتبرين أن بقية الشهداء من صفوف مقاتلي حماس، فإن عددهم لم يجاوز ال10 آلاف رجل، أي ما يعادل 15% من إجمالي عدد مقاتلي حركة حماس. وأكد الرقب أن نتنياهو يمضي قدمًا في ادعاءاته لكسب مزيد من الوقت، مع بيع الوهم للشارع الإسرائيلي، بينما يواجه واقعًا غاية في التعقيد، على الصعيدين العسكري والسياسي. الرقب اعتبر أن سحب القوات الإسرائيلية من خان يونس، بعد نجاح المقاومة في نصب كمين عسكري مركب، وتنفيذ عملية مركبة، واشتباك مباشر في منطقتي الزنة وحي الأمل في خان يونس، يعكس فشلا عسكريًّا للقوات الإسرائيلية، بعد أكثر من 3 أشهر من تمركز آلاف المقاتلين من لواء 98. من جهته، أكد المحلل العسكري الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، أن الميدان العسكري لا يسعف تطلعات نتنياهو، حتى وإن تمكن من تصفية بعض قيادات الحركة عبر اجتياح رفح، مؤكدًا أن الواقع الميداني يعكس تماسك المقاومة، رغم مرور ما يزيد على 6 أشهر من القتال المتواصل، مستشهدًا بنصب المقاومة كمينًا احترافيًّا لقوات الاحتلال أمس الأول، وإيقاعها 14 من جنود وضباط الاحتلال في منطقتي الزنة وحي الأمل، واصفًا أداء المقاومة ب«الإعجاز العسكري». وأوضح عريقات أن الاحتلال اضطر لسحب قواته من خانيونس لا سيّما الفرقة 98 المقدر عدادها بنحو 18 ألف جندي لترتيب أوراقه قبل أعادتهم للقطاع مع الابقاء على لواء ناحال المقدر بحوالي 3 إلى 5 ألاف مقاتل في منطقة «نتسريم " في منطقة بيتسريم. انهيار الاستراتيجية في السياق ذاته انتقد الباحث في معهد "ليونارد ديفيس" للعلاقات الدولية في الجامعة العبرية بالقدس، الدكتور دان سيجير، استراتيجية الردع الإسرائيلية، واعتبر في مقال له بالموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" أن "الردع الإسرائيلي قبالة الفلسطينيين انهار بالكامل منذ السابع من أكتوبر الماضي مع انطلاق طوفان الأقصى«. وقال سيجير: "في أعقاب الهجوم المفاجئ، خاضت إسرائيل الحرب في المقام الأول من أجل تقويض القوة العسكرية لحماس، واستعادة الردع وإعادة الأسرى المختطفين، لكن بعد أشهر من الحرب لم يتحقق أي من الأهداف، وهو ما يعكس فشلا على جميع الأصعدة". يعتقد سيجير أن "استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة لن يعيد قوة الردع، ولن تتأطر صورة النصر المرغوبة من قبل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وذلك بسبب الظروف الافتتاحية لهذه الحرب، حيث كانت حماس صاحبة اليد العليا بمهاجمة إسرائيل". ويقول "باعتباري باحثا في الردع الإسرائيلي، أعتقد أن استعادة قوة الردع الإسرائيلية في مواجهة الفلسطينيين وحزب الله والمنظمات الأخرى التي ترعاها إيران، يجب أن تتوافق أولا وقبل كل شيء مع الرسالة القوية التي مفادها: أن إسرائيل لن تتخلى عن مواطنيها في أوقات الحرب، ولن تبقي عليهم بالأسر". وقبل يومين نصيت فصائل المقاومة الفلسطينية كمينا مركبا للقوات الاسرائلية المتوغل في غزة على محور خانيونس وكبدت جنود الاحتلال 14 قتيلا وعدة إصابات في عمليات نوعية نفذتها أمس الأول السبت، فقد قالت كتائب القسام في بيان إن مقاتليها قتلوا 9 جنود إسرائيليين، وأصابوا آخرين، في منطقة الزنة شرقي خان يونس، كما أعلنت الكتائب قتل 5 جنود إسرائيليين من مسافة صفر وإصابة آخرين وتدمير ناقلة جند بمنطقة حي الأمل غربي المدينة التي تتمركز فيها قوات الاحتلال بم في ذلك لواء النخية 98. ومع إعلان القسام عن عملياتها النوعية، بدأ اسم عملية منطقة الزنة يتصدر منصات التواصل الاجتماعي احتفائا بتماسك المقاومة رغم مرور أكثر من 6 شهور على الحرب.
