وزير الصحة يهنيء إيهاب هيكل ومجلس أطباء الأسنان للفوز في انتخابات النقابة    الرئيس السيسي يثني على التجهيز المميز للأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    أبو الغيط من بغداد: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئا ثقيلا لا يمكن تحمله    تدريب 2034 مسؤولًا بالمحليات خلال الأسبوع الثاني لرفع كفاءة القيادات    وزير التعليم العالي يتفقد الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.. صور    توريد 189 ألفًا و271 طن قمح لصوامع وشون الشرقية    وزير السياحة: زيادة رحلات الطيران الوافدة للمقاصد المصرية    مياه بني سويف: قطع الخدمة غدًا الأحد عن كوم أبو خلاد والبرج    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    وزير التعليم العالي: «المصرية اليابانية» تقديم تجربة تعليمية وبحثية مُتميزة    بني عبيد في الدقهلية تنضم لحملة "خليها تعفن"    توريد 189271 ألف طن قمح للشون والصوامع بالشرقية    أساتذة جامعة نيويورك يتصدون للشرطة الأمريكية لمنعهم من الوصول للطلاب (فيديو)    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    كوريا الشمالية: الولايات المتحدة تقوم ب«تشهير خبيث» عبر نشر تقارير مغلوطة عن حقوق الإنسان    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    بدء أعمال المؤتمر السادس لرؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية    معهد العلوم السياسية في باريس يعلن التوصل لاتفاق مع طلاب دعم غزة.. تعرف على نصوص الاتفاق    مسئول: الدفاعات الجوية الأوكرانية تعترض 21 صاروخًا روسيًا    الأهلي راحة 48 ساعة بعد التأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا    نجما بايرن ميونخ وآرسنال ضمن اهتمامات برشلونة    بيريرا ينفي مقاضاة محمود عاشور    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    ضبط 6 عاطلين بينهم سيدة بحوزتهم 6 كيلو مخدرات وأقراص بالقاهرة    تحذيرات من عاصفة قوية تضرب البحر الأحمر.. والمحافظة تعلن الطوارئ    محافظ الغربية: استمرار الحملات التفتيشية على المخابز والأسواق استعدادا لشم النسيم    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    الأموال العامة تضبط تاجر آثار يغسل 35 مليون جنيه| تفاصيل    خبير تكنولوجيا: 70% من جرائم الإنترنت سببها الألعاب الإلكترونية    الحكم علي المتهمين في قضية تنظيم اغتيال الإعلامي أحمد موسي    امتحانات الثانوية العامة.. المواعيد بالجدول (علمي وأدبي)    مسلسل البيت بيتي 2، موعد عرض الحلقة 3    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    علي الطيب يكشف سبب اعتذاره عن مسلسل «صلة رحم» ويوجه رسالة لابطاله (فيديو)    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    عمرو دياب يشعل أجواء حفله بالبحرين    شؤون الحرمين: تصريح الحج ضرورة لتحقيق قواعد الشريعة وجلب المصالح ودرء المفاسد    معنى كلمة ربض الجنة.. «أزهري» يوضح دلالتها في حديث النبي    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    الصحة: 1029 حملة تفتيش على مخازن المديريات لمتابعة كفاءة سلاسل الإمداد والتوريد    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    «الزراعة» تنفي انتشار بطيخ مسرطن بمختلف أسواق الجمهورية    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترجمات.. «يوميات الحداد».. بطاقات رثاء «رولان بارت» لأمه
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 03 - 2024

أثار رحيل الأم الكثيرين الحزن والأسى فى نفس الفيلسوف الفرنسى «رولان بارت».. فقد دفعته الكارثة فى اليوم التالى لوفاة أمه فى 25 أكتوبر 1977 إلى كتابة الكثير من التعليقات والذكريات عنها، على بطاقات كان يعدها بنفسه من أوراق ذات مقاس موحد كان يقطعها إلى أربعة أجزاء.. حتى بلغت أكثر من ثلاثمائة بطاقة تحمل تاريخ كتابتها، حملت هذه البطاقات أصداء وقع كارثة وفاة الأم على «بارت».. المجموعة كاملة قامت بجمعها ناتالى ليجير فى كتاب تحت عنوان «يوميات حداد 26 أكتوبر 1977- 15 سبتمبر 1979» والتى صدرت ترجمته العربية ضمن إصدارات المركز القومى للترجمة بالقاهرة، وقد ترجمته من الفرنسية إيناس صادق.
رولان بارت (12 نوفمبر 1915-25 مارس 1980) فيلسوف، ناقد أدبى فرنسى وعالم فى السيميوطبقا (علم الدلالات) درس فى جامعة باريس، وتأثر بماركس، ونيتشه، وفرويد، وسارتر. وُلد رولان بارت فى شربورج، قبل أن يتم رولان عامه الأول قتل والده الضابط البحرى فى إحدى معارك الحرب العالمية الأولى، ربته أمه وخالته وجدته فى بلدة أورت بالقرب من مدينة بايون. وانتقلت عائلته إلى باريس وهو فى الحادية عشرة، وتفوق بارت فى دراسته وقضى الفترة من 1935 إلى 1939 فى السوربون حيث حصل على ليسانس فى الآداب الكلاسيكية. وفى الفترة من 1939 إلى 1948 حصل على ليسانس فى النحو، ونشر أول كتاباته ودرس الدراسات الطبية، واستمر فى النضال رغم المرض الذى أصابه، وحصل على دبلوم دراسات عليا، يعادل ماجستير من جامعة باريس عام 1941 عن دراسة التراجيديا الإغريقية. فى أواخر الستينيات حقق شهرة، وسافر إلى الولايات المتحدة واليابان وكتب أفضل أعماله. فى عام 1977 ماتت أمه التى عاش مكرساً نفسه لها، وهى فى الخامسة والثمانين. فى 25 مارس 1980 أصيب فى حادث ومات بعدها بشهر.
بدأ بارت كتابة هذه اليوميات فى اليوم التالى لوفاة والدته فى المدة من 26 أكتوبر 1977م إلى 15 سبتمبر 1979، كما ذكرت «ناتالى ليجير» فى مقدمتها، أثناء كتابة هذه اليوميات كان رولان بارت يقوم بتحضير دراسته عن «المحايد» فى الكوليج دى فرانس (من فبراير إلى يونيو 1978)، وكان يكتب نصر المحاضرة المعنونة «لقد ظللت لمدة طويلة أنام فى ساعة مبكرة- ديسمبر 1978)، وقام بنشر موضوعات كثيرة فى جرائد ومجلات مختلفة، وكتب الحجرة المضيئة ما بين إبريل ويونيو 1979، وقام بتحرير الأوراق الخاصة بمشروعه «فيتا نوفا» طوال صيف 1979، وقام بتحضير دراسته المزدوجه عن «إعداد الرواية» فى الكوليج (من ديسمبر 1978 إلى فبراير 1980). وأساس كل من هذه الأعمال الكبرى أنها تندرج كلها بوضوح تحت معنى موت الأم، توجد بطاقات «يوميات الحداد». وقد تم تحريرها أساسا فى باريس واورت، بالقرب من بايون، حيث كان رولان بارت يقيم أحيانا بصحبة أخيه ميشيل وزوجة أخيه راشيل. وهناك بعض الرحلات التى تتناغم فى هذه المرحلة، وبالذات إلى المغرب، حيث كانت تتم دعوة رولان بارت بانتظام للتدريس، وحيث كان يحب الذهاب إلى هناك. المجموعة الكاملة من صندوق البطاقات التى جمعها رولان بارت موجودة هنا، بطاقة بطاقة، مرتبة تاريخياً.
الأم «هنربيت بينجر» ولدت سنة 1893، وتزوجت لويس بارت وهى فى العشرين، وصارت أما فى الثانية والعشرين، وأرملة بسبب الحرب وهى فى الثالثة والعشرين. وعندما ماتت وهى فى الرابعة والثمانين من عمرها كان ابنها فى الثانية والستين، ولم يكونا قد افترقا أبداً.
أبرز مقتطفات يوميات حداد رولان بارت.. يبدأ استهلال اليوميات بين جدلية الحداد، الفرح تلك اللفتة التى بدأها بارت فى اليوم التالى لوفاة الأم، فى 26 من أكتوبر 1977م كتب فيها: «أولى ليالى العُرس، ولكن أول ليلة حداد!». وفى 29 أكتوبر كتب 1977: «فكرة مذهلة، لكنها ليست محزنة، إنها لم تكن كل شىء بالنسبة لى، وإلا ما كنت كتبت مؤلفاتى. منذ أخذت أرعاها، منذ ستة أشهر، كانت بالفعل «كل شىء» بالنسبة لى، ونسيت تمامًا أنى كنت أكتب، لم أعد مهتمًّا بشغف إلا بها. قبل هذا كانت تجعل نفسها شفافة حتى أتمكن من الكتابة.
1 نوفمبر 1977: «هناك أوقات أكون فيها (ساهيًا) أتكلم، وعند الحاجة أمزح - كما لو كنت بلا إحساس- ويتبع هذه الأوقات فجأة انفعالات فظيعة، إلى درجة البكاء. عدم استقرار الشعور: يمكن أن يقال فى الوقت نفسه: إنى فاقد الشعور أو رهين انفعال خارجى (سطحى) عكس الصورة الجادة للألم الحقيقى- عن أن أكون يائسا بائساً عميقا، ساعياً للتجاوب مع الآخرين، كى لا أشيع الكآبة حولى، ولكن فى بعض الوقت لا أستطيع الاستمرار و«أنفجر». 8 ديسمبر 1977: «حداد: ليس انسحاقًا ولا حصارًا (يُفترض أنه انكفاء)، لكنه فراغ مؤلم: أنا فى حالة تأهب، منتظرًا، مترقبًا مجىء أحد «معانى الحياة».
يواصل «رولان بارت» تدوين «يوميات الحِداد»، وجاء يوم عيد ميلاده 12 نوفمبر: «اليوم – عيد ميلادى – أنا مريض، ولا يمكننى ولم يعد بإمكانى أن أقول لها هذا».
وتعلق «ليجير» على فترة زيارته للمغرب من 15 إلى 27 إبريل 1978.. «فى أثناء هذه الرحلة (إلى المغرب) شعر رولان بارت بأنه مماثل للإشراقة التى شعر بها بروست فى نهاية الزمن المسترجع. هذه الإشراقة توجد فى صلب مشروع محاضرة بارت الحياة الجديدة، ومحاضرته عن إعداد الرواية. وكتب رولان بارت فى مراكش يوم 18 إبريل 1978: «منذ أصبحت ماما غير موجودة، لم أعد أشعر بانطباع الحرية الذى كنت أشعر به فى أثناء السفر عندما كنت أتركها لقليل من الوقت»، وكتب فى 21 إبريل 1978: «فكرة موت ماما: تذبذبات مباغتة وعابرة، فقدان الوعى لفترات قصيرة جدا، صراعات مؤلمة ورغم ذلك تبدو كما لو كانت خاوية، والتى جوهرها هو: اليقين بالنهاية». وفى صباح يوم عودته إلى باريس فى 27 إبريل 1978: «هنا، خلال خمسة عشر يوماً، لم أتوقف عن التفكير فى ماما والتألم لموتها. لا شك أنه فى باريس، لايزال البيت هناك، والنظام الخاص بى عندما كانت موجودة».
أول أغسطس 1978 كتب «بارت» خمس رسائل منها: «الأدب: ألا أستطيع القراءة من دون ألم، من دون اختناق من الحقيقة، كل ما كتبه بروست فى رسائله عن المرض، والشجاعة، وموت أمه، وحزنه… إلخ» 7 أكتوبر 1978: «أنا أستنسخ فى داخلى – اكتشفت أنى أستنسخ فى داخلى سمات دقيقة لأمى، نسيت مفاتيحى، وأنا أشترى فاكهة من السوق. نوبات غياب الذاكرة التى كنا نعتقد أنها من سماتها (أسمع شكواها المتواضعة بخصوص هذا الموضوع)، أصبحت سمات خاصة بى». وفى 20 أكتوبر 1978: «اليوم تقترب ذكرى موت ماما، أخاف أكثر فأكثر، كما لو كان يجب أن تموت مرة ثانية فى هذا اليوم (25 أكتوبر).
ولعلّ أكثر ما يعطى فكرة عن علاقة رولات بارت بوالدته ما كتبه فى أول سبتمبر 1979: «لا أستطيع بشكل رمزى أن أمنع نفسى من الذهاب، فى كل مرة أكون فيها فى أورت، عند الوصول والرحيل، لزيارة قبر أمى، لكن عند وقوفى أمامه، لم أكن أعرف ماذا أفعل. أصلى؟ ماذا يعنى هذا؟ ما مضمونه؟ ببساطة التصور الزائغ لاتخاذ وضع الحميمية، لذلك كنت أرحل من فورى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.