مجلة «الحياة الثقافية» فى تونس مطبوعة شهرية أنيقة تعنى بالفكر والإبداع، وقد تجاوز عمرها الأربعين عاما وأسسها ورأس تحريرها الأديب ووزير الثقافة الراحل محمود المسعدي، وتكاد تكون هذه المطبوعة هى المجلة الثقافية الأهم والأكثر انتظاما فى الحالة الثقافية التونسية الراهنة. و«الحياة الثقافية » تصدر عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ويرأس تحريرها حاليا ناجى الخشناوى ، والذى أبلغ «الأهرام» بأن المجلة تطبع الآن فى المتوسط ثلاثة آلاف نسخة وتباع بسعر زهيد لا يتجاوز ربع تكلفة العدد الواحد . واللافت أن حظوظ هذه المجلة فى التوزيع خارج تونس منعدمة تقريبا لأسباب تبدو بيروقراطية وتتعلق بمعوقات التصدير، وهذا مع أنها نافذة مهمة على الثقافة التونسية خاصة والمغاربية عموما. العدد الجديد رقم 273 يحمل تاريخ شهر سبتمبر إلا انه لم يوزع فى الأسواق التونسية قبل مضى أيام من حلول شهر أكتوبر . ويتصدر غلاف العدد صورة مهيمنة بالأسود والأبيض للمفكر والناقد الأدبى الفرنسى العالمى «رولان بارت « مع عنوان يحمل اسمه و عبارة : «يوميات الحداد». ويقدم مترجم النص «عبد الوهاب الملوح» (تونسي) لهذه اليوميات النادرة فيشير الى أن هذا الفيلسوف قد كتبها أثر وفاة أمه وفى الفترة من 26 أكتوبر 1977 الى 21 يونيو 1978 وباعتبارها تطلعنا على بعد آخر يختلف عن كتابات «بارت» الشهيرة كفيلسوف ومنظر وناقد وباحث أدبى .وهكذا تظهره اليوميات ككاتب مبدع له أسلوبه الخاص عندما يأخذ هو بدوره دور الأديب الحكاء. صفحات عدد«الحياة الثقافية » الجديد تبدأ بدراسة شيقة لعالم الاجتماع التونسى الدكتور «المنصف وناس» بعنوان :«المثقف والثورة» .وهى تناقش مفهوم «المثقف الاستثنائى» فى محاولة لتجاوز مفهوم «المثقف العضوى» عند المفكر الايطالى «انطونيو جرامشي» . الملف الرئيسى لعدد المجلة بعنوان «فى مفهوم الثقافة المجتمعية». وتطرح عناوين دراساته ومقالاته قضايا وإشكالات على صلة بالراهن» كيف تعمل الانترنت ووسائل الإعلام الاجتماعى على تغيير الثقافة؟ «وهو نص ترجمه الأكاديمى التونسى» محمد النوي عن «فرانك فيردي»، ودراسة الأكاديمى التونسى «الطيب الطويلي» بعنوان:«الحركات الارهابية التاريخ والامتداد واستراتيجيات المواجهة». ومقال الباحث التونسى «رضا البناني» عن «العولمة والأمن الثقافى». وهنا أيضا مساهمة من الجزائر كتبها الأكاديميان «بن لباد الغالي» و«ملوكى جميلة» بعنوان «ثقافة الحوار أم حوار الثقافة». وهى دراسة تناقش أسئلة النهضة العربية على ضوء العلاقة مع الغرب وتراثه ومفاهيم متعددة للعلمانية. وتحت محور «دراسات وقراءات» تنتظم نصوص تعالج فى معظمها قضايا الأدب والشعر المعاصر. وهنا يطرح الأكاديمى التونسى «محمد على الموساوي» سؤالا :«هل ولى زمن الشعر؟»، ويناقش الباحث التونسى «فيصل اليعقوبي» علاقة الشعر بالإعلام والصحافة فى بلاده الآن .وهذا على ضوء كتب وكتابات جديدة تعالج الثقافة التليفزيونية والصحفية .
