مؤتمر "إعلام القاهرة" يطرح رؤية استراتيجية لدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر    أفضل 3 أنواع في سيارات مرسيدس "تعرف عليهم"    تصريح جديد من وزير الدفاع الأمريكي بشأن المساعدات العسكرية لإسرائيل    نادي جديد ينضم لصراع التعاقد مع صفقة الأهلي    تحذير من ارتفاع الحرارة غدًا.. عاجل من الأرصاد بشأن طقس الخميس    عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبدالعزيز    عليا الوفد تختار ممثليها بمجلس إدارة الجريدة    جمعية المحاربين القدماء تكرم عددا من أسر الشهداء والمصابين    محافظ الدقهلية: الصناعة المصرية لن تنطلق نحو العالمية بدون جهد وتعب عمالها    أسهم أوروبا تصعد مدعومة بتفاؤل مرتبط بنتائج أعمال    «هيئة المعارض» تدعو الشركات المصرية للمشاركة بمعرض طرابلس الدولي 15 مايو الجاري    مرصد الأزهر يناقش مع شباب الجامعات أسباب التطرف وحلوله وعلاقته بالمشاعر    مستشار سابق في البنتاجون: نظام كييف يعاني من أزمة قد تنتهي باستقالة زيلينسكي    التعاون الإسلامي والخارجية الفلسطينية يرحبان بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    دفاعًا عن إسرائيل.. أعضاء بالكونجرس الأمريكي يهددون مسئولي الجنائية الدولية    "إدارة الصراع وفن المفاوضات» .. محاضرة لرئيس جامعة طنطا بفعاليات إعداد القادة    أخبار الأهلي: تعرف على برنامج تأبين العامرى فاروق فى النادى الأهلى    جامعة العريش تحصد كأس المهرجان الرياضي للكرة الطائرة    جونياس: رمضان صبحي أخطأ بالرحيل عن الأهلي    جمعية المحاربين القدماء تكرم عددا من أسر الشهداء والمصابين.. صور    الحكم على المتهمين بق.تل شاب وإلقائه من الطابق السادس بمدينة نصر    "نموذج ناجح".. قومي المرأة يهنئ سحر السنباطي بتولي رئاسة مجلس الطفولة والأمومة    عبد الرحيم كمال بعد مشاركته في مهرجان بردية: تشرفت بتكريم الأساتذة الكبار    قصور الثقافة تبحث عن حلول لمشاكل مسرح الأقاليم    دعاء دخول شهر ذو القعدة 2024.. ادركه ب17 كلمة لفك الكرب والتفريج    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    الصحة: اكتشاف 32 ألف إصابة ب«الثلاثيميا» عبر مبادرة الرئيس لفحص المقبلين على الزواج    انطلاق الموسم الأول لمسابقة اكتشاف المواهب الفنية لطلاب جامعة القاهرة الدولية    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    استمرار تطعيمات طلاب المدارس ضد السحائي والثنائى بالشرقية    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترجمات.. «مهاجر بريسبان».. مسرحية تكشف معادن الرجال أمام المال
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 12 - 2023

بعد أن أسدل الستار على المسرح الشعرى في فرنسا، بموت كل من «جان جيرودو» و«بول كلوديل» و«جان كوكتو»، وفد إلى باريس كاتب من الوطن العربى، يحاول أن يرفع الستار مرة أخرى عن المسرح الفرنسى، وقد عاد إليه صفاؤه وشعره، بعد أن ذهب به كتاب العبث أو اللامعقول بعيدًا جدًا في طرق التحليل النفسى والتحليل اللغوى.. من هنا أصبح ل«جورج شحادة» بأسلوبه المسرحى الخاص دور مهم في تاريخ المسرح الفرنسى. «شحادة» لم ينتقل من الشعر إلى المسرح، ولكنه نقل شعره إلى المسرح.
لقد عُد «شحادة» من قبل النقاد أحد كبار شعراء اللغة الفرنسية من القرن العشرين وأحد كبار المسرح العالمى. مؤلفاته المسرحية جعلت منه واحدًا من أكبر خمسة كتّاب مسرح في القرن العشرين انطلقوا جميعًا من باريس: صموئيل بيكيت، يوجين يونيسكو، ارتور أداموف، وفرناندو أرابالهو وجورج شحادة، صنعوا المسرح الحديث منذ الأربعينيات، «شحادة» هو سيد في اللغة الفرنسية ومن أعظم شعرائها أصلة وفرادة في القرن العشرين كما قال الناقد والمخرج الفرنسى لوى بارو، وكما يقول معربه «أدونيس» في دراسته بعنوان «من يحلم يمتزج بالهواء.. خواطر حول مسرح جورج شحادة» شعره المسرحى ذو بناء كامل تتآلف فيه المأساة والسخرية العذبة.
جورج شحادة أول من حصل على جائزة الأدب الفرانكفونى عام 1986، كما مُنح وسام الفنون والآداب الفرنسى من رتبة كومندور. وقد قام الكاتبان الفرنسيان دانيال باليون والبير ديشى بإصدار كتاب بعنوان (جورج شحادة شاعر الضفتين)، وأطلقت هذه التسمية على شحادة كونه أحد الرواد الذين استطاعوا إقامة جسور عبور بين ضفتى البحر المتوسط والضفة الغربية، حيث تقع فرنسا والشرقية حيث لبنان ومصر والشرق العربى. وضع «شحادة» جميع مؤلفاته باللغة الفرنسية وقد ترجمت جميع مسرحياته لا سيّما «قصّة فاسكو» إلى 22 لغة حية، وتولّى الشاعر السورى أدونيس ترجمتها إلى اللغة العربية.
نسترسل في إيجاز في قيم فن شحادة المسرحى، وقراءة موجزة لمسرحية «المهاجر بريسبان»، التي افتتح بها مسرح «الكوميدى فرانسيز» 1967-1968، والتى صدرت ترجمتها العربية عن دار المعارف بمصر في عام 1969 وقام بالترجمة الناقد والكاتب فتحى العشرى.
لم يتفق على ميلاد «شحادة» أنه وُلد في 2 نوفمبر (عام 1907 ويقال 1905 وأيضا عام 1910) ولد في الإسكندرية بمصر من عائلة لبنانية أرثوذكسية مهاجرة إلى مصر. فإرضاء لوالده درس التجارة وتعامل بالبورصة، ثم درس الحقوق في جامعة القديس يوسف في بيروت، وتدرج في أحد مكاتب المحاماة وتولى منصبا إداريًا في وزارة العدل اللبنانية، وبقى فيه ثلاث سنين، لكن في دفاتر المحاسبة كان يخربش القصائد، ثم ألف مسرحية من فصل واحد بعنوان (الأب أوزيب)، وفى عام 1928 خطا شحادة خطواته الأولى بتشجيع من غابريال بونور الذي عرفه إليه صديقه ميشا شيحا، ونشر على حسابه عند منشورات الفكر اللاتينى ديوانه الأول بعنوان (شرارات، وفى 1938 شاهدت بيروت مسرحية (شقاء الحب) التي ارتجلها شحادة في عدة أيام بطلب من السيدة هانتزيجر زوجة الجنرال الأعلى لجيوش المشرق، ولم يكن العمل من النوع الخالد، لكن هذه المسرحية قد فتحت شهية شحادة على المسرح، وعلى إثر ذلك كتب شحادة رؤوس أقلام مسرحيته (السيد بويل)، لكن الحرب العالمية الثانية قد اندلعت وعطلت مشاريعه، ورغم أنه بدأ بكتابة قصائده الأولى في الثلاثينيات، ورغم فرص الحياة أمامه في باريس، إلا أنه ظل مقيمًا في بيروت حتى اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية، بعدها هاجر إلى العاصمة الفرنسية حتى وفاته في منزله في بولفار مونبارناس عام 1989. عرف شحادهة السيريالية أثناء دراسته في فرنسا، وقد خضع لتأثيرها الذي ظل جليا في ديوانه (قصائد) عام 1938، خاصة كتابه (رودغوم سين) عام 1947. وفى باريس تعرف شحادة على أندريه بريتون، وبدأ يشارك في اجتماعات السوريالييين التي كانت تنعقد في مقهى «لابلاس بلانش».
أثارت أولى مسرحياته «السيد بوبل» عندما عرضت على المسرح لأول مرة عام 1951 معركة حامية بين نقاد الصحف والمجلات من ناحية والشعراء السرياليين وعلى رأسهم أندريه بريتون ورينيه شار وهنرى ميشو وسان جون برس من الناحية الأخرى.. وانتهت المعركة بالموافقة على استمرار عرض المسرحية فظلت تعرض فترة أطول كان مقدرًا لها من قبل. ومع مطلع عام 1945 قدم المخرج العبقرى جان – لوى بارو مسرحية شحادة الثانية «أمسية الأمثال» فاقترن اسم شحادة بكتاب الطليعة أو بمسرح العبث أو اللامعقول، ولكنه احتل مكانة خاصة بين هؤلاء الكتاب الطليعيين، لأنه كان الوحيد من بينهم الذي يكتب للمسرح الشعرى منضمًا بذلك إلى كل من جان جيرودو وبول كلوديل وجان كوكتو.. وفى نهاية موسم 1956 عاد جان – لوى بارو فقدم مسرحية شحادة الثالثة «حكاية فاسكو» على مسرح «ريزيدنز» بزيورخ. وكما أثارت مسرحية «السيد بوبل» زوبعة بين النقاد أثارت هذه المسرحية زوبعة أخرى ولكن بين الساسة ورجال الأمن، فقد قيل في طلب مصادرتها إنها «صرخة احتجاج على حرب الجزائر». وفى عام 1959 كتب شحادة مسرحيته الرابعة «أزهار البنفسج» فقدمت في العام التالى على مسرح بوخوم بألمانيا ثم طافت بمسارح ستوكهولم وأمستردام وبودابست وبرودواى وأخيرًا وبعد ست سنوات من ظهورها بألمانيا قدمها المخرج رولان مونو على خشبة البورجونى الإقليمى بفرنسا. وكتب جورج مسرحية خامسة بعنوان «الرحيل» هي المسرحية الوحيدة التي لم تقدم على المسرح حتى الآن.
«مهاجر بريسبان أم مهاجر لبنان»! قدمت هذه المسرحية لأول مرة على مسرح الريزيدنز بميونخ في يناير عام 1965 بعد أن ترجمها إلى الألمانية كل من إيفون وهربرت ميير وأخرجها وقام بدور المهاجر كارت ميزل ووضع موسيقاها مارك لوثر. تدور أحداثها في سنة 1925 بقرية بلفنتو إحدى قرى جزيرة صقلية حيث تظهر عربة يقودها أحوذى تحمل مهاجرًا عائدا إلى قريته التي غادرها قبل عشرين عاما بحثا عن المال وقد وقع المهاجر تحت خديعة الحوذى الذي أقنعه بأن هذه القرية قريته التي تركها قبل عشرين عامًا.
ويترك الحوذى المهاجر في هذا الليل الحالك الظلام في هذه القرية الموحشة ليموت بالسكتة القلبية ويجده مزارع (سيتشيو) ويبلغ العمدة (لويجى روكو) بالجثة ليقوم الأخير معه كاهن بدفنه، ويتبين للعمدة أن لهذا المهاجر ثروة يتركها لابنه غير الشرعى من إحدى نساء القرية.. وهنا تنكشف معادن الرجولة أمام شهوة المال وتختلف مواقف الأزواج تجاه زوجاتهم ويتصاعد الصراع لمعرفة شخصية المرأة التي كانت على علاقة بهذا المهاجر الغريب.
وأخيرا يفاجئنا شحادة بأن يعيد المشهد الأول بإدخاله للحوذى ومعه مهاجر آخر.. قد تناول شحادة في طرحه لهذه المسرحية مجتمع الفلاحين البسطاء وحالات الفقر والقهر السلطوى في العمدة وسكرتيره، وكذلك تناوله معادن الرجولة والشرف وشهوة المال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.