هبطت بشكل ناجح مركبة «دراجون» التي كانت تقل رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، في رحلة عودته إلى الأرض، بعد منتصف الليل بقليل من فجر أمس الاثنين، بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة، قبالة سواحل فلوريداالامريكية، في لحظة تاريخية نادرة، اذ يعد سلطان النيادي، أول رائد فضاء عربي يمكث في الفضاء مدة طويلة امتدت لستة اشهر، قضاها في محطة الفضاء الدولية كما انه أول رائد فضاء عربي يسير في الفضاء. سالم المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، أوضح في تصريحات ل «المصري اليوم» من الولاياتالمتحدة، أن سلطان النيادي سيخضع لبرنامج تأهيلي مكثف يشمل فحوصات طبية وتجارب علمية لدراسة تأثير الفضاء على جسده، خاصة بعد تعرضه لانعدام الجاذبية لمدة ستة شهور. وأكد المري، على أن انجاز النيادي، هو قصة نجاح عربية، وعن مستقبل البرنامج الفضائي للإمارات والمنطقة، قال المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء: «نحن نشارك المجتمع الدولي في مساعيه نحو مزيد من الإنجازات البشرية في الفضاء، بدءًا من العودة إلى القمر وصولًا إلى التحضير لرحلة البشر التاريخية نحو المريخ، سلطان النيادي سيكون جزءًا مهمًا من هذا النجاح». ومن جانبه قال العالم الفضاء المصري الكبير فاروق الباز، في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»، من الولاياتالمتحدة، إن انجاز النيادي، هو مصدر فخر واعتزاز للعرب جميعا، داعيا القائمين على برنامج الفضاء المصري إلى الاستفادة من تجربة النيادي. اما رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، مدير مكتب رواد الفضاء بمركز محمد بن راشد للفضاء، فكشف ل «المصري اليوم»، عن أن رحلة النيادي هي تمهيد لرحلات البشر الطويلة إلى الفضاء البعيد، ومن ثم رحلة المريخ خلال المستقبل القريب. سالم المري ل «المصرى اليوم» نتطلع للتعاون الفضائي بين مصر والإمارات والنيادي في مصر قريبا قال سالم المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، انه على الرغم من تأسيس وكالة الفضاء المصرية مؤخرًا، لكن البرنامج الفضائي المصري ليس برنامجًا جديدًا، لان مصر كان لديها برنامجا فضائيا قديما لكن بمسميات مختلفة، قائلا: «زرت مصر في عام 2008 وكنت شاهدًا على الجهود الكبيرة التي يبذلها العلماء والباحثون هناك في مجال الفضاء، ولديهم خبرة تزيد عن عشرين عاماً في هذا المجال» وتابع المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، «أعتقد أن التركيز يجب أن يكون ليس فقط على نجاح المشروعات الفضائية، ولكن أيضاً على توجيه الرسالة الصحيحة للشعب المصري. يجب أن يكون هناك توعية بأهمية الاستثمار في مجال الفضاء وكيف يمكن أن ينعكس ذلك إيجابياً على حياة المواطن العادي. وردا على سؤال حول امكانية التعاون بين مصر والإمارات في المجال الفضائي، اعرب المرى عن تفاؤله بالتعاون الفضائي بين القاهرة وأبوظبي. وكشف عن نيته زيارة مصر قريبا، بصحبة رائد الفضاء سلطان النيادي لأجراء جولة ببعض الجامعات المصرية، ولبحث سُبل التعاون الممكنة بين البلدين الشقيقين. وأكد المري على الدور المهم الذي سيقوم به النيادي في تنفيذ استراتيجية الإمارات الفضائية، مشيرًا إلى التزام الإمارات بالمشاركة الفعّالة في المبادرات الفضائية الدولية، من العودة للقمر وحتى التحضير للرحلات المستقبلية نحو المريخ. فاروق الباز: رحلة النيادي فخر للعرب ومشاكلنا في مصر ليست في ضعف الإمكانيات ومن جانبه قال الدكتور فاروق الباز، عالم الفضاء المصري الكبير، إن رحلة النيادي، أضافت إلهامًا وفخرًا للعرب جميعًا، من المحيط إلى الخليج. الدكتور الباز، الذي سبق له أن عمل بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» ويتولى حالياً منصب مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن، دعا مصر والدول العربية إلى الاستفادة من تجربة «النيادي» والاستفادة من الخبرات الإماراتية في هذا المجال، قائلا: كانت مصر من اول الدول العربية التي لها برنامج فضائي لكنها بدلا من تطوير برنامجها توقفت بسبب «سوء الإدارة» على حد تعبيره. وحول تاثير «ضعف الإمكانيات» في مصر على برنامج الفضاء المصري، شدد الباز، على أن المشكلة ليست مشكلة إمكانيات انما هي «سوء إدارة» وأشار إلى أن الإمارات نجحت في تحقيق إنجاز عربي مهم على مستوى استكشاف الفضاء، مؤكدا على أن البيانات والمعلومات الفضائية التي جمعتها الإمارات تعد كنز ثمين للبحث العلمي الدولي ولعلوم الفضاء. وأضاف الباز أن فترة إقامة النيادي في المحطة الفضائية كانت ذات أهمية عالية لأسباب متعددة. أولاً، الفرصة التي وفرها ذلك لجمع البيانات العلمية في مجالات مثل تأثير الجاذبية على الجسم البشري، ما يُسهم في التحضير لرحلات فضائية أطول. ثانيًا، الفرصة لتجربة تقنيات حياتية مستدامة في الفضاء. وأخيرًا، كان هذا نجاحًا يُظهر قوة التعاون الدولي في الفضاء. وبالنسبة لخطط الإمارات لاستكشاف المريخ، نبه الباز، إلى أن مهمة النيادي تُعتبر مقدمة لمشروعات أكثر تفصيلية وطموح. قائلا: «هذه الرحلة تُعدنا لمهام مُعقدة تستهدف استكشاف المريخ وما وراءه، وتُوفر لنا فهمًا عميقًا للتحديات التي قد تواجهنا في الفضاء.» تطرق عالم الفضاء المصري، لموضوع الزراعة في الفضاء، مُشيرًا إلى التقدم الذي يُحققه العلم في هذا المجال. رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري: مهمة النيادي تمهد لرحلات البشر إلى المريخ اما رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، مدير مكتب رواد الفضاء بمركز محمد بن راشد للفضاء، والموجود حاليا في فلوريدا لمتابعة رحلة عودة النيادي، إلى الأرض، فقال، ل «المصري اليوم»، إن المهمة النيادي لم تنته بعد، وانه مازال لديه مهمة نشر المعرفة والخبرة التي اكتسبها في محطة الفضاء الدولية فضلا عن استكمال التجارب التي كان قد بدأها في الفضاء. وتابع: «مهمة النيادي ليست مقتصرة على فترة إقامته في المحطة فقط، بل تمتد لنقل الخبرات والمعرفة التي اكتسبها خلال هذه الفترة،» المنصوري، الذي كان مسؤول متابعة مهمة النيادي في محطة الفضاء الدولية، أوضح أن الإنسان بشكل عام غير مؤهل للحياة في الفضاء من الناحية الجسدية والنفسية. قائلا: بفضل التدريبات المكثفة والدقيقة، يتم تحضير رواد الفضاء للتعامل مع تحديات وظروف البيئة الفضائية المعقدة. وأكد المنصوري على أهمية التدريب النفسي والجسدي لرواد الفضاء، حيث يتضمن البرنامج التدريبي تعليمهم كيفية العمل بفعالية ضمن فريق، والتعامل مع الضغوط النفسية. «حفاظًا على صحتهم النفسية، يُشجع رواد الفضاء على التواصل المستمر مع عائلاتهم وأحبائهم،». وبسؤال المنصوري، عن تحديات رحلات الفضاء إلى المريخ، قال: «تحديات رحلة المريخ غير محدودة تقريباً. الرحلة للوصول إلى الكوكب الأحمر قد تستغرق ما بين 7 أشهر إلى عام، وهذا لا يشمل التحديات المرتبطة بالتواصل مع الأرض، حيث يمكن أن تستغرق الرسالة 20 دقيقة تقريبا للوصول من المريخ إلى الأرض، بالإضافة إلى التحديات اللوجستية المعقدة مثل إيصال المواد والتعامل مع سيناريوهات الطوارئ.» المنصوري أكد أن الإنجازات التي تحققت حتى الآن هي فقط البداية، وأن الطريق لا يزال طويلًا في تطوير البرنامج الفضائي لدولة الإمارات والعالم العربي. يذكر أن أول رائد فضاء عربي كان قد سافر إلى الفضاء كان الأمير السعودي سلطان بن سلمان، الذي أمضى حوالي أسبوع في مهمة مكوك الفضاء التابع لناسا في عام 1985. وبعده سافر العقيد الطيار السوري، محمد فارس، إلى الفضاء الخارجي في عام 1987، على متن مركبة سويوز روسية الصنع، وقضى ثمانية أيام في محطة الفضاء الروسية مير. وفي 2019 انطلق الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة سويوز 15، ليصبح ثالث عربي يصل إلى الفضاء والأول الذي يزور محطة الفضاء الدولية، وقضي بها ثمانية أيام. وبعد المنصوري انطلق الإماراتي سلطان النيادي إلى محطة الفضاء، منذ مارس الماضي، قبل عودته أمس الاثنين.
