المصاعب التى شهدتها السياحة فى مصر والعالم جراء انتشار وباء كورونا مع مطلع العام الماضى، وكان لها تأثيرها البالغ على معدل التدفقات السياحية، قفزت بخسائر النشاط العالمى خلال 2020 إلى مستويات تجاوزت الخسائر التى تكبدها فى أعتى الأزمات خلال العقود الماضية، بدءا من الآثار الاقتصادية للحروب العالمية ونهاية بأزمة عام 2009.. هذا ما أكده التقرير السنوى الذى أصدرته منظمة السياحة العالمية UNWTO عن النشاط السياحى خلال العام المنقضى، والذى رصدت فيه انخفاضا فى أعداد السائحين على مستوى العالم بنسبة 74% عن العام السابق له، مرجعة السبب فى ذلك إلى انخفاض غير مسبوق على طلب الخدمة السياحية والقيود المفروضة على السفر المتأثرة بجائحة كوفيد 19. وأورد التقرير إحصائية تفيد بأن عدد السياح الإجمالى على المستوى الدولى بلغ نحو 381 مليون سائح عام 2020 مقارنة بنحو مليار و462 مليون سائح فى عام 2019، فضلا عن تأثر ما بين 100 و120 مليون وظيفة سياحية، والمشكلات الاقتصادية الخطيرة التى تعرضت لها الشركات خاصة الصغيرة والمتوسطة. وأوضح الدكتور سعيد البطوطى، أستاذ الاقتصاد الكلى واقتصاديات السياحة بجامعة فرانكفورت، المستشار الاقتصادى بمنظمة السياحة العالمية ولجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لأوروبا، أن تقرير المنظمة العالمية جاء ليؤكد التوقعات التى عبر عنها الخبراء فى هذا الشأن مع توالى انتشار الوباء مطلع العام الماضى إلا أن الإحصاءات التى أوردها وفقا للدراسة المتخصصة خلصت إلى أرقام جسدت حجم الكارثة التى تعرضت لها السياحة العالمية العام الماضى لتجعله الأسوأ على الإطلاق، قائلا إن الخسائر فى الإيرادات السياحية التى أوردها التقريرقدرت بنحو 1.3 تريليون دولار، وهو ما يمثل 11 ضعف خسائر الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2009. وأضاف أن العديد من الدول الآن تقرر فرض قيود السفر من جديد وبصورة أكثر صرامة، مرجعا ذلك إلى تطور الفيروس الوبائى ليغدو أخطر وأشرس، مشيرا إلى أن ذلك يرجح التوقعات بامتداد الآثار السلبية على السياحة والحيلولة دون تعافيها قبل عام 2024 فى أفضل تقدير، قائلا إن التقرير رصد تراجعا للسياحة فى جميع أنحاء العالم بلا استثناء خلال عام 2020 مقارنة بالعام السابق له، حيث بلغ عدد السياح فى منطقة آسيا والمحيط الهادى 57 مليون سائح بانخفاض نسبته 84% مقارنة بعام 2019 مما يجعلها على رأس المناطق المتضررة خاصة مع تنفيذها أعلى مستوى لقيود السفر، وتليها منطقة الشرق الأوسط التى زارها 16 مليون سائح بانخفاض 76% ومنطقة أوروبا زارها 221 مليون سائح بانخفاض 71% رغم الانتعاشة الصغيرة خلال موسم الصيف، بينما بلغ عدد السائحين فى منطقة إفريقيا 17.8 مليون سائح بانخفاض 70% وزار منطقة الأمريكتين 69 مليون سائح بانخفاض 69%. وصرح البطوطى بأن مقارنة أرقام السائحين فى الدول العربية التى أوردها التقرير خلال عامى 2019 و2020 تشير إلى انخفاض كبير فى أعداد السياح وما نجم عنه من أضرار مادية كبيرة، وكانت المغرب فى مقدمة البلدان المتضررة حيث زارها 2.7 مليون سائح بانخفاض بلغ 79% ثم تونس 2 مليون سائح بنسبة انخفاض 78%، تليها البحرين والتى زارها 833 ألف سائح بانخفاض 78.1% ثم السعودية 4.1 مليون سائح بانخفاض 76.4%، ثم فلسطين 172 ألف سائح بانخفاض 75%، وسلطنة عمان 675 ألف سائح بانخفاض 73.1%، والأردن 917 ألف سائح بانخفاض 72.5%، فيما زار مصر 3.6 مليون سائح بانخفاض 72%، ولبنان 541 ألف سائح بانخفاض 71.5% وقطر 646 ألف سائح بانخفاض 69.2%، بينما تأتى الإمارات فى مؤخرة قائمة أكثر الدول العربية تضررا حيث بلغ عدد زوارها 5.5 مليون سائح بنسبة تراجع بلغت 67% عن العدد المسجل فى عام 2019. ومع استمرار حالة التوتر والإجراءات الاحترازية لمنع تفشى الوباء المتطور، رصد التقرير توقعات انتعاش حذرة خلال استطلاع أجرته لجنة الخبراء بالمنظمة، حيث بلغت نسبة المتفائلين 45% توقعوا فاقا أفضل خلال العام الجارى للسياحة، بينما توقع 25% أداء مماثلا للعام الماضى فى الوقت الذى توقع فيه 30% تدهورا فى القطاع السياحى العالمى خلال العام الحالى عما كان عليه الحال فى 2020، وتوقع 50% من المتفائلين انتعاشة محتملة مع حلول الربع الثانى من العام الجارى بينما توقع 27% بدء التعافى مع حلول الربع الثالث من العام و18% حددوا الربع الأخير لبدء التعافى. كما توقع 50% من فريق الخبراء انتعاشة سياحية حقيقية عام 2022 وغالبيتهم رشحوا الأنشطة السياحية فى الهواء الطلق والمناطق الطبيعية لتكون فى مقدمة الأنماط المطلوبة والأسرع فى التعافى، كما توقع نحو 43% من الخبراء عودة السياحة الدولية إلى ما كانت عليه عام 2019، عام 2023، وتوقع 41% حدوث ذلك عام 2024. وقال البطوطى إن السيناريوهات التى وضعها تقرير منظمة السياحية العالمية تشير إلى أن الانتعاشة المتوقعة للسياحة الدولية قد تستغرق فترة تتراوح ما بين عامين ونصف إلى أربعة أعوام حتى تعود إلى معدلات عام 2019، مع تزايد التوقعات المتفائلة بإيجابية النشر التدريجى للقاح كوفيد 19 فى استعادة ثقة المستهلكين السياحيين وتخفيف قيود السفر خلال العامين الحالى والقادم.
