انتشرت فى الفترة الأخيرة إعلانات فى الصحف عن المدافن، يقول بعضها: «لدينا تصميمات عقارية متميزة للمدافن، وقطع أراض مختلفة المساحات، وأحواش كاملة التشطيب»، وهى الإعلانات التى تداعب أحلام الكثير من المصريين الذين يعتبرون شراء مقبرة أمراً مهماً لا يقل فى أهميته عن شراء شقة أو منزل، وهو ما يرجعه البعض إلى التدين، أو التراث الحضارى خاصة أن الحضارة المصرية قائمة على الآثار المتبقية منذ آلاف السنين، والتى أغلبها مدافن، كما هو الحال بالنسبة للأهرامات. ورغم إعلان وزارة الإسكان عن إنشاء أول جهاز تنفيذى لإنشاء مدافن جاهزة فى القاهرة الكبرى من أجل التيسير على الراغبين فى شراء مدافن خاصة، والحد من ارتفاع أسعار المقابر فى مصر، فإن هذه المشروع لم يحد من الارتفاع الزائد للأسعار، رغم منع القانون الصادر عام 1966 من بيع المدافن، والتى تمنحها الدولة للمواطنين بنظام حق الانتفاع، وهو ما يعنى عدم السماح لأصحاب المدافن ببيعها، لكن هذا الأمر يتم التحايل عليه. يطلق على المشروع «وادى الراحة»، وسيتم العمل فى مرحلته الأولى خلال الشهرين المقبلين على مساحة 400 فدان من إجمالى 10 آلاف فدان هى المساحة الكلية للمشروع، نصفها على طريق الفيوم، والنصف الآخر على طريق القاهرة – العين السخنة. وقال مسؤولون فى المشروع إن الجهاز الجديد هو المسؤول عن إنشاء المقابر وبيعها لمحافظات القاهرة الكبرى الثلاث، والتى تقوم بدورها ببيعها إلى المواطنين بتكلفة الإنشاء، بالإضافة إلى التكاليف الإدارية للحد من ارتفاع أسعار المقابر، وسد احتياجات المواطنين الذين تظاهر بعضهم فى ميدان التحرير من أجل الحصول على مقبرة للدفن بها بعد وفاتهم، فى ظل القوانين التى تنظم بناء المقابر، وتمنع بناء مقابر أو توسعة مقابر مبنية بالفعل أو ترميمها، أو إعادة بنائها إلا بموافقة رسمية من الجهات المختصة، وبعد دفع الرسوم الإدارية المقررة، إلى جانب عدم السماح بتملك المقابر، وإنما استخدامها بنظام حق الانتفاع بالأرض فقط. قال كرم سعيد، خبير عقارى: «المقابر لها سوق رائجة عند المصريين، نتيجة اهتمام أغلبهم بتملكها، الامر الذى أدى إلى ارتفاع أسعارها، فى ظل وجود قطع محددة توفرها الجهات المسؤولة فى كل محافظة، وعدم وجود مقابر متاحة فى القاهرة، وأغلب المقابر المتاحة للبيع هى الموجودة فى مدينة 6 أكتوبر، والتى تشهد إقبالا من المواطنين وتبدأ أسعارها من 40 ألف جنيه، وتزداد مع اقتراب المقبرة من الشارع الرئيسى، والمساحة، واقترابها من مكان مشهور، مثل مقبرة أحد الفنانين، لأنه فى تلك الحالة، يسهل وصفها ومن ثم الوصول إليها». وأضاف سعيد: «هناك شركات متخصصة فى تصميم المقابر، وهو ما أدخل عليها العديد من الزخارف، وتفاوت الخامات المستخدمة، فالبعض يفضل استخدام الرخام، والآخر الطوب الأحمر، وكلما كانت الخامات المستخدمة أجود، كان السعر أعلى». ورأى سعيد أن إعلان الدولة عن مشروع «وادى الراحة» لن يؤثر على ارتفاع أسعار المقابر، لأن المشروعات الحكومية تحتاج فترة زمنية طويلة من أجل تنفيذها. وقال أحمد محمود، سمسار أراضى مدافن فى مدينة 6 أكتوبر: «ثمن المقبرة مساحة 40 متراً يصل إلى 55 ألف جنيه، والمقبرة مساحة 60 متر 85 ألف، بينما المقبرة مساحة 80 متراً يصل سعرها إلى 120 ألف جنيه». وقال هشام الحفناوى، خبير عقارى: «تجارة المدافن تجارة رائجة ورابحة جداً فى مصر نتيجة قلة الأراضى المخصصة لبناء المقابر، والزيادة السكانية، وزيادة عدد الوفيات، ومن أكثر المناطق الحالية المتاح فيها أراض للمقابر هى 6 أكتوبر، والتى تبدأ فيها الأسعار من 3 آلاف جنيه للمتر، ولا يوجد حد أقصى للأسعار، والتى ترتفع كلما زاد الطلب، خاصة مع اهتمام المصريين بشكل مقابرهم، والتى تظهر فى ارتفاع تكلفة مقابر الرئيس مبارك والتى وصلت إلى 15 مليون جنيه، حيث يجاور المقبرة حجرتين لاستقبال الضيوف، ويهتم الكثير من المصريين حالياً بشكل المقبرة، وضمها إلى حوش كبير، يتم بناء استراحة فيه للزائرين، ووفقاً لهذه الاستراحة والخامات المستخدمة فيها تزداد الأسعار، حتى إن المقبرة قد يصل ثمنها إلى 300 ألف جنيه، والتى تكون مجهزة بأنواع معينة من الرخام، بالإضافة إلى توصيل الكهرباء لها». وقال الحفناوى إن قانون إنشاء المدافن لا يجيز التنازل عنها أو بيعها، لكنه قانون غير مفعل، حيث يبيع أصحاب الأراضى التى حصلوا عليها من الجهات الحكومية المقابر بعقد رسمى بعد إقامة دعوى قضائية لإثبات صحة التوقيع، مشيراً إلى أنه نظرا لارتفاع أسعار أراضى المدافن ، فإن بعض الأصدقاء يقومون بتقسيم الأرض التى تبدأ مساحتها من 40 متراً إلى 4 أجزاء، ليكون نصيب المشترى 10 أمتار، على أن يقام سور يحيط بالأربعة مدافن، وفى المقابل هناك من يشترى أكثر من قطعة أرض واحدة بهدف بناء مدفن كبير وبجواره استراحة للزائرين.
