بقلم د. ياسر الدرشابي حرية الرأي لا تعني السماح لداعية سعودي أن يخطب في المصريين يحثهم علي إقامة دولة إسلامية و علي عدم إضاعة الفرصة الذهبية لتحقيق هذا الحلم. و لسيت حرية الرأي لتسمح بالتدخل في شئون بلد ذات سيادة و كرامة. هل يستطيع أي عالم مصري أن يعتلي منبر في أي دولة بدون إذن السلطات فيها؟ مصر ليست دولة صغيرة أو ساحة مستباحة لكل من هب و دب ليتدخل في شئونها الداخلية محاولاً إقناع شعبها بإقامة دولة إسلامية مستشهداً بالعز و الرخاء اللذان ينعم بهما السعوديين، و مستغلاً أن الكثير من المصريين يجهلون حقيقة حياة الجاهلية و التخلف هناك و التي لا تسمح حتي للمرأة أن تقود سيارة . لا يمكن تصور أن تعود مصر إلي عصور الجاهلية المظلمة في يوم من الأيام و لكن الخوف يكمن في تأثير مثل هذه الخطابات المُغرضة و التي لا ترضي لمصر أن تتقدم و تستعيد مكانتها الدولية و الحضارية، علي فئة كبيرة و بسيطة من الشعب، فئة إعتادت أن تجد في الدين ملجأ أمناً من الفقر و الجوع و الظلم و الإستعباد. إنها مسئوليتنا كلنا أن نقوم بالتوعية الكافية لتثقيف كافة فئات الشعب و هي مسئولية القائمين علي شئون البلاد لتنظيم الخطاب الديني بما يحفظ حرية الرأي للجميع و في نفس الوقت يمنع أصحاب الأجندات الخاصة من إستغلال قلة وعي البعض كما حدث أثناء الإستفتاء الماضي. بل اقترح تشديد و تحديد عقوبة رادعة لكل من يستغل الدين للحصول علي هدف سياسي له أو لفئة ما، كتحريم التصويت لشخص ما بسبب إنه علماني أو ليبرالي مستغلاً عدم فهم بعض الناس لمعني هذه الكلمات التي قد يكون من الأسهل علي هؤلاء إعتبارها مستحدثات و كل مُحدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار، و هكذا يتحول الحراك السياسي في مصر إلي نكتة لم يعرفها وطن محترم علي مر التاريخ. و هي كذلك مسئولية علماء الدين لما لهم من مصداقية و إحترام عند فئات الشعب المختلفة فهم الأقرب للقلوب و الأكثر قدرة علي توصيل الرسالة الصحيحة بدون زيف أو خداع. و هي مسئولية كل شريف في هذا البلد أن يتحرك و يتحدث و يُعلم غيره قبل أن نعود بمصر إلي عصور الجاهلية و قبل أن تتحول الإنتخابات القادمة إلي غزوة أخري. عظيمة يا مصر