بقلم د. ياسر الدرشابي إذا كان الإخوان المسلمين قد تخلوا عن الثورة و الثوار و الشهداء في أثناء المرحلة الإنتقالية و في خضم عملية التطهير و تحقيق مكاسب الثورة، فماذا سيفعلون بنا و بالبلد إذا فازوا بأغلبية البرلمان أو لا قدر الله بالسلطة؟ هل هذا هو الوجه الحقيقي للأخوان؟ يعملون من أجل أطماعهم السياسية و التي من أجل تحقيقها يُمكن السماح بتخويين أفضل شباب العصر و من أجلها أيضاً يُمكن إستخدام الدين بأي شكل و لون لخدمة هذه الأطماع و المصالح السياسية؟ أيها الأخوان المسلمين إن هدفكم الحقيقي واضح للعيان، فأنتم تعتقدون أنكم أكثر القوي السياسية إستعداداً لخوض الإنتخابات البرلمانية و لذلك تعتقدون أنكم ستفوزون بها. و لهذا السبب تخافون كل الخوف أن يتم تأجيل الإنتخابات فيُعطي ذلك الفرصة لباقي القوي السياسية و الأحزاب الجديدة لتستعد و تعرض علي جموع الجماهير برامجها و أهدافها مما يعرضكم لمنافسة حقيقية و قوية في عملية الإنتخابات. أيها الأخوان، يجب أن تعملوا علي عرض برامجكم الإنتخابية و ما يمكنكم أن تُقدموه لمصر و ليس العمل علي إستغلال عدم جاهزية الساحة السياسية و علي إستغلال عدم إستعداد القوي المنافسة بسبب ضيق الوقت. و لا يمكن أن تستوي تعاليم الدين الحنيف أو تسمح بإستغلال قليلي الوعي من المواطنين البسطاء في محاولة لتصوير ما يصعب عليهم فهمه علي إنه كفر و إلحاد مثل مصطلحات العلمانية و الليبرالية و الشيوعية و الدولة المدنية. إنما يكون فعل ذلك بمثابة طعن الشعب في ظهره للحصول علي غنيمتكم الكبري. و دعوني أسألكم ما الذي وجدتوه في المظاهرات اليوم يدعوكم إلي وصفها بأنها مظاهرات ضد الشعب؟ هل المطالبة بسرعة المحاكمات ضد الشعب؟ هل رفض العفو عن الفاسدين ضد الشعب؟ هل شعار الشعب و الجيش إيد واحدة ضد الشعب؟ أم إن المطالبة بالدستور أولاً هو ما ترونه ضد الشعب؟ هل تجدون محاكمة المخلوع سياسياً ضد الشعب؟ هذا المخلوع المختبئ في شرم الشيخ و الذي زَور الإنتخابات لمدة ثلاثين عاماً و سَمح لنفسه و لأسرته و أصدقائه بنهب أموال الشعب الذي تركه يعاني الفقر و الجوع و المرض. هذا المخلوع الذي قتل الشهداء و هدم الكنائس و أشاع الفتن. هذا المخلوع الذي قتل الحياة السياسية و قطع ألسنة الأحرار و حجر علي عقول المفكرين. هل ترون في المطالبة بمحاكمته سياسياً عملاً ضد الشعب؟ هل وجدتم في مظاهرات اليوم التي خرجت في كل محافظات المحروسة أي لافتة أو أي صوت يهتف ضد الجيش كما توعدتم في بيانكم محذرين من المشاركة؟ و هل بعد ما رأيتموه اليوم آمنتم بوعي المصرين و قدرة الشباب علي حشد الحشود؟ هل آمنتم أنكم جزء من الكيان و ليس الكيان كله؟ لقد خدمتكم الثورة و أخرجتكم من بوتقة الجماعة المحذورة إلي دنيا القوي السياسية المُعترف بها و لكن اليوم قد خسرتم كل شئ و أضعتم كل شئ و أول ما خسرتوه هو ثقة الشعب الذي حرركم من بعد أن كنتم سجناء القمع و الإستعباد. هل وصلت إليكم الأصوات التي هتفت اليوم في الميادين ضدكم تدين تخليكم عن جموع المواطنين؟ اليوم حصلتم في نفوس المصريين علي نفس مكانة الحزب الوطني البائد بكل جدارة. أيها السادة إذا أردتم ممارسة السياسة فعليكم الإعتراف بأن قرارعدم مشاركتم اليوم و إن دَل فإنما يَدل علي الغباء السياسي الشديد الذي يجب عليكم الحذر من الوقوع فيه مرة أخري إذا أراد الشعب أن يتناساه. و بالرغم من إنني كنت من أول المعتقدين أنكم ستضحون بمكاسبكم من أجل الصالح العام و بأنكم سوف تُقدمون الثورة علي كل شئ و ستستغلون مهارتكم و خبرتكم في حشد الحشود و تنظيمها و تأمينها. بالرغم من إعتقادي بكل هذا و صدمتي في موقفكم الأخير إلا إنني مازلت أتطلع بكل أمل إلي شباب الإخوان الذين شاركوا الشعب ثورته و الذين كان لهم من البطولات ما لا يُحصي. فالدولة الجديدة ستكون دولة شباب لا دولة كهول، دولة الوعي المتقد لا دولة الفكر الرتيب المتخلف، دولة المنافسة الشريفة لا دولة إنتهاز الفرص و الركوب علي أكتاف الغير. لا أعتقد أنكم شعرتم بالفخر أو حتي بالرضي و أنتم جالسون في منازلكم تتابعون الشعب الذي يُكمل الثورة بدونكم علي شاشات التليفزيون. و لا أعتقد أنكم كنتم ستفرحون إذا كان البلطجية هاجموا أخوانكم فقتلوا و أصابوا منهم ما شاءوا في غياب الجيش و غيابكم. لا أعتقد أنكم كنتم حتي لتنعموا بفوزكم في الإنتخابات بعد ذلك. عظيمة يا مصر.