توقع خبراء اقتصاد تجاوز مصرالعام الحالى المرحلة الصعبة التى عاشتها خلال العام الماضى مع تحسن المؤشرات الاقتصادية بشأن الاقتصاد المحلى. أحد الصعاب التى تجاوزتها مصر كان ارتفاع معدل التضخم إلى أرقام غير مسبوقة، إذ وصل المعدل العام بعد تطبيق البرنامج، وتحرير سعر الصرف قبل 3 أعوام، إلى 30% عام 2017، مرتفعًا من 10.4% فى 2015، و13.8% فى 2016، ثم 14.4% فى 2018. وفى 2019 بدأت سلسلة متتالية من هبوط التضخم على أساس شهرى لتصل فى أكتوبر إلى 2.4%، فى وقت ترى فيه الحكومة الأمر «إنجازًا لم يتحقق من قبل». ورغم الانخفاض إلا أن أسعار السلع ظلت مرتفعة. تقول الدكتورة هبة الليثى، مستشار الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إن «انخفاض المعدل على أساس شهرى لا يعنى انخفاض الأسعار، وإنما يعنى تراجع معدل الزيادة فقط، لكنه ما زال كبيرًا». تقارن الحكومة فى بياناتها الأخيرة بين معدلات التضخم فى أشهر 2019 بالمقارنة مع أشهر السنوات السابقة، لإظهار ما حدث من «إنجاز» فى العام الأخير. حسب تصريحات «الليثى»، المشرفة على بحث الدخل والإنفاق الصادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء ل«المصرى اليوم»، فإن «رقم التضخم يظهر ضئيلًا، لأن أسعار 2018 فى الأصل مرتفعة». إلى جانب تغيير سنة الأساس، حدث تغيير فى أوزان السلع والخدمات، وهى حساب إنفاق الأسرة، على السلع والخدمات لأجل المعيشة، وفقًا للبنك المركزى تقيس المنهجية القديمة نمط الاستهلاك فى 2008، بينما يُقاس الآن على نمط الاستهلاك فى 2015. قبل تغيير المنهجية، كانت أوزان السلع والخدمات تحسب على أن الأسرة تنفق 39.9 من إجمالى إنفاقها على الطعام والشراب، وفى 2019 تم تخفيضها إلى 32.7%. تنتقد «الليثى» مقارنة الحكومة بين معدلات التضخم فى الأشهر الأخيرة، والمناظرة لها فى الأعوام المالية السابقة الخاضعة للمنهجية القديمة: «لابد من إعلان المعدل فى الفترة الانتقالية بالمنهجية القديمة، ثم إيضاح معناها بالمنهجية الجديدة، لكى يدرك الشعب أن 4% الآن هى نسبة ال10% التى كانت قبل 4 أشهر». انخفاض البطالة خطوة «صعبة» اجتازتها مصر ضمن ما اجتازت من صعاب البرنامج الاقتصادى، إذ انخفض معدل البطالة إلى 9.9% بنهاية 2018. وانخفض فى الربع الثانى من 2019 إلى 7.5% هبوطًا من 8.1 فى الربع الأول من عام 2019، وبانخفاض قدره 2.4٪ عن الربع المماثل من العام السابق. وحسب جهاز الإحصاء، فإن حجم قوة العمل زاد إلى 28.069 مليون فرد فى الربع الثانى من العام، مقابل 27.968 مليون فرد خلال الربع السابق، بنسبة زيادة مقدارها 0.4%، فيما سجل عدد المتعطلين انخفاضًا إلى 2.094 مليون متعطل، بانخفاض قدره 173 ألف متعطل عن الربع الأول من عام 2019، و781 ألف متعطل عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 27.2٪. وساهمت المشروعات القومية التى تنشئها الدولة فى توفير ملايين من فرص العمل، يقدّرها مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، ب4 ملايين فرصة، وهو ما أدى إلى انخفاض البطالة للرقم الأقل منذ 20 عامًا، إذ اجتذب مجال التشييد والبناء 346.2 ألف مشتغل زيادة فى الربع الأول من هذا العام. إلى رقم هو الأعلى خلال السنوات الأربع الماضية، ارتفع معدل النمو إلى 5.6 مع الربع الثانى من 2019، حسب هالة السعيد، وزيرة التخطيط، فيما أرجعه صندوق النقد الدولى فى مراجعته الرابعة إلى أنه جاء «نتيجة لدأب السلطات على تنفيذ برنامج الإصلاح». وحسب البنك الدولى، فإنه من المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادى إلى 6% فى العام المالى 2020/2021، مع تحسن الطلب المحلى ونمو الصادرات. تشرح بسنت فهمى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أسباب عدم شعور المواطن بتحسن المعيشة رغم ارتفاع النمو، لأن «هناك فرقا بين النمو والتنمية، الأول يكون على الاقتصاد الكلى، أما التنمية فتكون على الاقتصاد الحقيقى، كالزراعة والصناعة والسياحة». تقول «فهمى» ل«المصرى اليوم» إن السبب الرئيسى فى عدم وجود استثمار حقيقى يرجع إلى عدم استقرار المنطقة، فى ظل محاربة مصر الإرهاب، بينما يحاول الاقتصاد غير الرسمى تعويض الخسائر. يتفق مع الرأى السابق، رشاد عبده، الخبير الاقتصادى: «المواطن يشعر بالتنمية، لكنه لا يشعر بالنمو، لأنه لم يمسه بشكل مباشر، والصورة تتحسن لكن ببطء». يضرب رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية مثالًا: «الهند من الدول العشر الأوائل فى النمو، ورغم ذلك لديها عدد كبير جدًا من الفقراء». تتحقق التنمية فى مصر «حين لا يكون هناك عجز فى الموازنة، ومستوى تعليم جيد وصحة جيدة»، حسب «عبده». متربعة على عرش إيراداتها، جاء العام المالى 2018/2019 ليسجل أعلى إيراد تحققه قناة السويس فى تاريخها، إذ حققت 5.9 مليار دولار، بواقع 104 مليارات جنيه، دخل منها الموازنة العامة لعام 2018/2019 نحو 72.2 مليار جنيه (34 مليارا من الضرائب، وأكثر من 32 مليارا فائض إيرادات، إضافة إلى 5 مليارات من الإتاوة)، فيما جرى صرف بقية الإيرادات على التشغيل والصيانة وعدد من المشروعات، حسب بيان سابق لوزارة المالية. من رقم تاريخى حققته القناة، إلى رقم تاريخى آخر حققته السياحة المصرية، إذ شهد الموسم السياحى انتعاشة كبيرة، بعد رفع بريطانيا حظر السفر إلى شرم الشيخ، فى أعقاب سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، عام 2015. ورغم غياب السياح الروس عن شرم الشيخ، فى ظل تفعيل قرار روسى بحظر السفر إلى المنتجعات السياحية هناك، إلا أن الموسم السياحى تجاوزت إيراداته موسم الذروة 2010/2011 الذى بلغ حجم إيراداته نحو 10.6 مليار دولار، بينما بلغ فى العالم المالى 2018-2019 نحو 12.6 مليار دولار، كأعلى إيراد للسياحة فى تاريخها. من القناة إلى السياحة، إلى الاحتياطى النقدى، كان عام 2019 عنوانًا لرقم آخر غير مسبوق، فى ظل ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى متجاوزًا حاجز ال45 مليار دولار لأول مرة فى تاريخه، إذ سجل فى نهاية نوفمبر الماضى 45.35 مليار دولار.