فيروس كورونا، الحروب التى حولنا، الخناق مع الجيران، الوظيفة التى تشغلها بمدير (وِدَنى) يُعطى أذنه للجواسيس والمتسلقين، متطلبات البيت والأولاد، غلاء الأسعار تغيرات المناخ. لا يعجبك البرد والمطر، ولا أنت راض عن الحرّ الشديد، وصفك أحدهم ذات مرة بأنك شكّاء وأن الناس فى هذا الزمن لا بد أن يتحملوا ما يمرون به من مصاعب. إن كيفية رؤيتك للأمور، وتفسيرك السلبى لها وكأنها نهاية العالم، ولأنك تضع لكل أمر ولكل حادث أسوأ سيناريو من الممكن أن يحدث؛ فإنك تعيش فى جحيمٍ من الأفكار، وتعيش مؤرقًا قلقًا مُعذبًا وغير قادرٍ على التأقلم. إن القلق الزائد عن الحدّ، يُدخلك فى دوامة من الهَمّ والترقب، تفضى إلى دائرة مُفرغة من الاحتمالات السيئة، لتخرج من هنا تدخل إلى هناك، دون رحمة. يؤثر القلق الشديد على جسدك؛ فتُصاب بالحكّة الجلدية العصبية، بالصداع والصداع النصفى والقولون العصبى، تزيد ضربات قلبك، تتعرق، ولا تتمكن من النوم الهادئ العميق. كلما قضيت وقتًا أكثر منتظرًا (المُصيبة) كلما وَهَن جسدك، وربما ارتفع ضغط دمك، وأحيانًا تحدث المُفارقة بمعنى أن الذى (يخاف من العفريت يطلع له). للتعامل مع هذا القلق الزائد لابد من تمحيص الأمور بهدوء وراحة، لترى ما الذى تقلق بشأنه؟ هل تبالغ؟ معظم القلق يأتى من السؤال (ماذا لو؟)، ما الذى سيحدث لماذا تُكبِّر، وتُهوِّل وتُضخِّم الأمور، لكن لماذا لا تراها فى حجمها الصحيح، لا دليل على (ماذا لو)، أنت لا تقرأ الطالع لتتوقع الأسوأ، ضع الأمور فى نصابها، عقلِنها وأعطِها حجمها الحقيقى، انزع من على وجهك قناع الرعب الزائف، وفِّر دماغك، ومجهودك؛ فمثلاً إذا كنت قلقًا بشدة على نتائج عينة ورم حميد، يبدو فعلاً حميدا كما قال لك الدكتور، لا تفرط فى مكالماتك للمعمل، تسأل وتستفسر قبل أن تخرج نتيجة العينة. فعلاً المسألة ليست بهذه السهولة والقلق العادى وارد، لكن حاول أن تُطمئن نفسك، وأن تلهيها بعمل شىء مفيد كأن تخرج تتمشى فى الهواء الطلق. من أهم وسائل التخلص من القلق الزائد التشاور مع الآخرين المُطمئنين، والتواصل معهم، الآخرين العقلاء الهادئين؛ فهذا سيريحك، بمعنى أن تشارك همَّك مع الآخرين، ربما سيفاجئك أحد بالقول (يا عم روح.. هتشيلنى همك ليه)، مثل هذا الشخص من المفضَّل أن تبتعد عنه، وتلتقى بآخر ذى صدر رحب وقدرة على الحوار الإيجابى. بعض الناس يتوترون إلى درجة أنهم يصبحون فى حالة يقظة دائمة، هنا حاول أن تنام على ظهرك بملابس مريحة على فراشك فى غرفة مظلمة، وأن تتنفس من بطنك فى هدوء، وأن تستنشق الثقة، الشجاعة، والهدوء لمواجهة ما تخافه، وأن تخرج من صدرك وجسدك القلق، التوتر، الضغوط وهكذا لمدة ربع ساعة فقط لا غير، وإذا حدث أى تشتت ركز على شىء غير موجود مثل (تفاحة سوداء) مثلًا، ولابد من ممارسة الرياضة البدنية. حاول أن تؤجل القلق. طبعًا ستضحك لهذا التعبير، لكن يمكنك التركيز على ألاّ تقلق - هنا والآن - وكلما زارك القلق أخبره بأنك مشغول، وأنه لا وقت للقلق. غيرّ حوارك الداخلى، لكل منا (ديالوج)، بينك وبين نفسك، بمعنى أن تتحدث لنفسك عن قلقك، وتردّ عليها، بمعنى أن تدعم القلق بمؤشرات، أو أن تلغيه بمنطق مفهوم. أى أنه لا يوجد شىء يدعوك إلى القلق أو لبعض القلق. حاول أن يكون حوارك الداخلى إيجابيًا متزنًا عادلًا، حاول أن تحدد ما يمكنه إشعال فتيل القلق المُستبِّد ومن ثم تقهره، الأمر فى النهاية بيدك، لا قلق ولا غيره.
