قضت معاهدة 1936 التى أبرمها مصطفى النحاس بانسحاب قوات الاحتلال من مصر على أن تتمركز فى خط القناة - أن تقدم مصر فى المقابل دعما للبريطانيين فى مصر فى مواجهة المد النازى مع زحف قوات القائد الألمانى رومل باتجاه العلمين. وأوفت مصر بشروط المعاهدة ومع انتهاء الحرب العالمية وهزيمة الألمان لم تف إنجلتر بما تعهدت به وهو الجلاء عن مصر، فقام النحاس باشا بالإعلان عن إلغاء المعاهدة يوم 8 أكتوبر 1951، وأعلن أن وجود القوات البريطانية فى منطقة القناة أصبح غير شرعى وأن الحكومة المصرية لم تعد مسئولة عن حمايتهم، وأعلن عن دعم الحكومة للفدائيين فى منطقة القناة. ولقى هذا القرار ارتياحا وإجماعا وتأييدا عاما، إلى أن كانت المواجهة الفاصلة فى الإسماعيلية، ففى صباح الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة «أكسهام» ضابط الاتصال المصرى هناك وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات. ومهما يكن من أمر سرعان ما انتشر خبر ما حدث فى الإسماعيلية فى أنحاء القاهرة انتشار النار فى الهشيم وفى يوم 26 يناير 1952 انتشرت أخبار حادثة الإسماعيلية فى القاهرة، واستقبل المصريون الأنباء بالغضب والسخط والثورة والمظاهرات العارمة التى اجتاحت القاهرة احتجاجا وتضامنا مع زملائهم الذين تعرضوا للقتل والأسر فى الإسماعيلية. ثم زحف المتظاهرون تجاه الجامعة وانجرف معهم الطلبة واتجهوا جميعا إلى مبنى رئيس الوزراء مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وإعلان الحرب عليها، وسرعان ما تحول الاحتجاج إلى كارثة وهى حريق القاهرة الذى بدأت شرارته الأولى من ميدان الأوبرا بإشعال النيران فى كازينو أوبرا، ثم طال الحريق فندق شبرد ونادى السيارات وبنك بركليز، وغيرها من المتاجر ومكاتب الشركات ودور السينما والفنادق والبنوك إلى أن نزل الجيش إلى الشوارع قبيل الغروب، فعاد الهدوء إلى العاصمة وأعلنت الحكومة الأحكام العرفية، ولكن بعد أن التهم الحريق العديد من منشآت القاهرة، فخلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق بوسط القاهرة فيما بين الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا والساعة الحادية عشرة. ثم تلاحقت الأحداث سريعا، وجاء موعد انتخابات نادى الضباط وقدم تنظيم الضباط الأحرار مرشحهم اللواء محمد نجيب فى مقابل مرشح الملك فاروق الذى خسر وفاز نجيب باكتساح فحل الملك مجلس إدارة النادى الأمر الذى حدا بعبد الناصر للتعجيل بموعد قيام الثورة التى أطاحت بالملك والنحاس والباشوية والانجليز أيضاً.
