اختتم المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» مؤتمره السنوي التاسع حول التنمية المستدامة في مناخ عربي متغير، الذي عقد يومي 10 و11 نوفمبر، في الجامعة الأمريكيةببيروت. وأعلن أمين عام المنتدى، نجيب صعب، توصيات المؤتمر التي تضمنت ضرورة التحول إلى اقتصاد أخضر في المنطقة العربية، وإدخال مبادئ التنمية المستدامة في مبادرات فض النزاعات وإحلال السلام وفي خطط إعادة الإعمار المرتقبة. وأوصى المؤتمر بمجموعة من الإجراءات التي تساعد البلدان العربية على تحقيق أهداف الأممالمتحدة ال17 للتنمية المستدامة بحلول سنة 2030، ودعا إلى العمل على إحلال السلام والأمن كشرط لتحقيق هذه الأهداف، واعتماد رؤية بعيدة المدى واستراتيجية تنفيذية ذات أولويات بهدف دفع الاقتصادات العربية في مسار أخضر مستدام، مع سياسات متكاملة تدمج تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع متطلبات التصدي لتغير المناخ، بما فيها تخفيف الانبعاثات والتكيف مع الآثار. واقترح خلق جهاز وطني للتنمية المستدامة لضمان تكامل السياسات والمتابعة والتقييم. وأكد المؤتمر في ختام أعماله، أهمية التنسيق والتعاون بين البلدان العربية في تحقيق خطط التنمية، واستثمار المزايا النسبية بين البلدان العربية، خاصة في مجال الموارد الطبيعية، والاتفاق على إجراءات وحوافز لتطبيق الاستراتيجية العربية للاستهلاك والإنتاج المستدامين التي أقرتها جامعة الدول العربية. ولمواجهة التحدي الرئيسي لندرة المياه والجفاف، اللذين يفاقمهما تغير المناخ، على الدول العربية تبني العلاقة التلازمية بين المياه والغذاء والطاقة في خططها التنموية. ودعا المؤتمر إلى إدخال تدابير لتخضير القطاع المالي وتشجيع الاستثمار في المشاريع الصديقة للبيئة، بما في ذلك إصدار سندات خضراء، مع تخصيص تمويل كاف لبرامج الأبحاث والتطوير التي تدعم التنمية المستدامة. وأوصى بالخفض التدريجي لدعم السلع، مع معالجة الآثار السلبية على ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. ولفت إلى إمكانات استقطاب الموارد المحلية لتمويل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، بما فيها صناديق التنمية الوطنية والإقليمية والميزانيات الحكومية والقطاع الخاص. وأكد المؤتمر أهمية تعزيز دور القطاع الخاص والمجتمع الأهلي كشركاء في الجهود الحكومية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى ضرورة اعتماد تدابير خاصة في البلدان التي تستقبل لاجئين لتأمين حاجاتهم الأساسية مع المحافظة على التوازن البيئي، وإعداد الظروف الملائمة لإعادتهم إلى بلدانهم في أقرب فرصة. كان المؤتمر ناقش في اليوم الثاني، التحديات التي تواجه البلدان العربية التي تعاني حروباً ونزاعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأدار الجلسة عبدالله الدردري نائب الأمين التنفيذي للإسكوا. وتحدث الدكتور طارق متري، مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية، المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، عن النزاعات المتفجرة بعد الثورات في المنطقة، وضعف الدولة وتمزق المجتمعات وانطلاقها إلى العنف والفوضى والعصبيات التي اعتبرت آكلة المجتمعات العربية المعاصرة. وقال إن الأحوال العربية مطبوعة بسمة انتقالية، والمطلوب هو العبور من الموقت إلى الدائم، والتمييز القاطع بين الدولة الثابتة والسلطة الموقتة، وظهور نخبة سياسية جديدة لها رؤية لأوطانها ولإعادة بناء المؤسسات والدولة. ورأى أن الحوار لا يستقيم من دون اعطاء الأولوية للتنمية المستدامة، فهي المحك للوعود التي أطلقتها الثورات، ملاحظاً أن ما جرى من حوارات وطنية استغرق في تقاسم السلطة لا التنمية المستدامة التي ترسخ المصالحة. وأشار عبدالرحمن الأرياني وزير المياه والبيئة اليمني السابق إلى أسباب بيئية ساهمت في الحرب الدائرة في اليمن، خصوصاً سوء إدارة الموارد المائية، مؤكداً على ضرورة إحلال حد أدنى من السلام قبل الكلام على حماية البيئة والتنمية. وتناول حسن بارتو، مدير البرامج في فرع إدارة مرحلة ما بعد النزاع في برنامج الأممالمتحدة للبيئة، استراتيجية عمل البرنامج من خلال التقييم العلمي للآثار البيئية للنزاعات، وبرامج الإصحاح البيئي بعد الصراع، والتصدي للأسباب البيئية للنزاع والاستثمار في الطاقات البيئية لبناء السلام. وقدم الدكتور طارق المطيرة، مدير مشروع سيناريوهات ما بعد الصراع لإعادة الإعمار المستدام والمرن في جامعة لوند في السويد، دراسة ميدانية عن فرص إعداد اللاجئين السوريين لعملية التنمية وإعادة الإعمار، أجراها فريق المشروع. وأدار الدكتور عدنان بدران، رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية، جلسة حول التربية من أجل التنمية المستدامة، شارك فيها الدكتور فضلو خوري رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، والدكتورة ليلى حمدان أبوحسن عضو المجلس الأعلى للتعليم في الأردن، والدكتور عبدالنبي الغضبان مدير الأبحاث في معهد الكويت للأبحاث العلمية. فأكدوا على ضرورة تعزيز الطاقات المحلية عن طريق الاستثمار في الموارد البشرية. وهذا يشمل مراجعة المناهج التربوية على جميع المستويات، بما فيها التعليم المهني وبرامج تدريب المدربين، وتشجيع التفكير النقدي والإبداعي، ودعم برامج الأبحاث والتطوير.