الكثير من المصريين لهم ذكريات مع سيارات مازدا، عشرات الآلاف أو ربما مئات الآلاف، فقد اشتهر عدد من طرازاتها فى مصر على مدار الثلاثين عاما الماضية، ولا أجد مجالا أو ضرورة لذكرها، فالحقيقة أننى لم أكن واحدا من هؤلاء، لست واحدا من أصحاب الذكريات، ولم أكن واحدا من محبى مازدا أساسا!، بالنسبة لى كانت سيارة يابانية «جيدة»، واستمر الوضع كذلك لسنوات طويلة جدا!، لدرجة أننى كنت أمر على جناح مازدا فى أى معرض دولى أقوم بتغطيته قبل سبع سنوات من باب تأدية الواجب!، حتى جاءت 2010 وتبدل كل شيء، فى الواقع يمكن القول بأن مازدا أعادت تقديم نفسها للعالم فى 2010، عندما كشفت عن نموذج Shinari التجريبي، لم تكن مجرد سيارة اختبارية ثورية مثل العشرات من النماذج التى تظهر كل عام، Shinari حملت «فكر» كان أساس السنوات اللاحقة فى تاريخ الصانع الياباني، السنوات التى نعيشها الآن «تحديدا». Kodo خرج نموذج Shinari فى 2010 بلغة تصميم كانت حديثة و «ملفتة» جدا فى ذلك الوقت، أطلقت عليها مازدا مصطلح Kodo Design، والفكرة أو الفلسفة يطول شرحها، ولا أعتقد أن هناك ضرورة للشرح بعد ست سنوات من تقديمها، شاهدنا خلالها عددا لا بأس به من السيارات التى حملت تلك الفلسفة، المهم أن مازدا نجحت بامتياز من خلال فلسفتها الجديدة بلفت أنظار الجميع، وكانت لغة التصميم هى الجزء الأول من الخطة، الجزء الثانى كان يتعلق بالهندسة والتقنيات، وهى باقة تقنية أطلقت عليها الشركة Skyactiv، وكانت تلك الخطة التى تعتمد على شقين متكاملين هى «القاعدة» أو الأساس لجميع الطرازات الناجحة التى تحمل علامة مازدا الأن. وزن أخف وقوة أكبر Mazda 2 ليست اسما جديدا، فقد وصل الجيل الأول للأسواق العالمية فى 2002 ضمن فئة الهاتشباك المدمج، وقتها لم تكن مبيعات تلك الفئة شهدت النمو المدهش الذى تعيشه صناعة السيارات الآن، ولكن يمكننا القول أن السيارة أثبتت قدرتها على النجاح فى جيلها الأول، ولكن كما اختلف الأمر بالنسبة ل مازدا بشكل كامل خلال السنوات الست الماضية، كانت Mazda 2 عنصرا هاما فى هذا الاختلاف من خلال الجيل الثانى للسيارة، رابع سيارات مازدا بعد التطوير الشامل، والتى حملت بدورها الوجه الجديد للعلامة، تصميم Kodo من ناحية ومن الناحية الأخرى تقنيات Skyactiv، المصطلح الذى يشير إلى مجموعة ضخمة من العوامل يمكن تلخصيها فى عنصرين نهائيين هما وزن أخف وقوة أكبر، وإذا قارنا الجيل الثانى بالأول، فالسيارة تحصل على قاعدة مكونات جديدة تماما، وربما المفاجأة أنها تشارك السيارة CX-3 تلك القاعدة، وهو ما جعل أداءها مختلفاً بشكل ملاحظاً جداً مقارنة بسيارات فئتها عند القيادة، وسوف نتحدث عن هذه الجزئية بشيءٍ من التفصيل لاحقا. Skyactiv من ناحية التصميم، أزاحت مازدا المحور الأمامى فى اتجاه الأمام بما يعادل 80 ملم، كما أزاحت القوائم الثلاثة لناحية الخلف بنفس هذه المقاييس، ما أكسب مقدمة السيارة طولا ملاحظا جدا، دعم الطول المكتسب فلسلفة التصميم وجعل السيارة تبدو أقرب كثيرا للشقيقة الكبرى Mazda 3، ليس فقط فى الشكل، بل فى الطباع أيضا، تماما مثل Mazda 3 يستعين الجيل الثانى من السيارة -كما ذكرنا مسبقا- بتقنيات Skyactiv التى تم من خلالها زيادة نسبة الخامات عالية الصلابة «الصلب» فى قاعدة المكونات بما يعادل 12٪ ليصبح إجمالى نسبة الصلب «المعالج» فى السيارة 30٪، والحقيقة أن النتيجة كانت مدهشة فعلا!، مقارنة بالجيل الأول لا تخرج السيارة فقط أكثر صلابة بنسبة 22٪، بل أخف وزنا أيضا بنسبة 7٪ رغم أن السيارة أكبر حجما، وهنا تتضح أكثر الفكرة من وراء تقنيات Skyactiv، التقنيات التى كان علينا التعرف عليها أكثر من خلال القيادة، سواء كانت هادئة ومناسبة للمدينة والشوارع المزدحمة أو رياضية تتطلب معايير ديناميكية خاصة إلى حد ما. أربعة عناصر من داخل السيارة تكتشف أربعة أبعاد جديدة ل Mazda 2، البساطة والحداثة والجودة والتفاصيل، وتتوج تلك العناصر بيئة رياضية واضحة، تصميم المقصورة بسيط جدا، ويترك لك انطباعا سريعا بسهولة الاستخدام بمجرد الجلوس خلف عجلة القيادة، الحداثة تبدو واضحة من خلال تصميم لوحتى التحكم والقياس وآلية عملها، بجانب نظام تشغيل السيارة Start Engine الذى لا يعتمد على المفتاح، تجد العداد الوحيد التقليدى هو عداد السرعة وكل ما هو بخلاف ذلك رقمي، عداد دورات المحرك ومؤشر الوقود وغير ذلك من البيانات، كلها مؤشرات وعدادات رقمية، أما الجودة فهى ملاحظة بوضوح فى كل ركن من أركان المقصورة، الخطوط الحمراء تتداخل مع التفاصيل وجودة صناعتها، هذا بخلاف بعض العناصر التقنية الرائعة مثل نظام MZD Connect الذى يمكن التحكم من خلاله فى معظم وظائف السيارة، فيمكن عرض المعلومات المهمة بجانب التحكم فى النظام الترفيهى والتليفون المحمول وخلافة، ويتم التحكم بالنظام من خلال وحدة التحكم المركزية أو من خلال الشاشة نفسها التى تعمل باللمس وتأتى قياس 7 بوصات. Sport من العناصر الرائعة، والتى لا يمكن أن تجلس خلف عجلة قيادة هذه السيارة دون أن تلاحظها، نظام Sport الذى يمكن اختياره من خلال مفتاح بجوار ناقل الحركة، Mazda 2 تحمل محرك Skyactiv-G مكونا من أربع اسطوانات سعته 1500 سى سى وتبلغ قوته 108 أحصنه عند 6000 د.ق وعزمه 139 نيوتن . متر عند معدل دوران متوسط 4000 د.ق، ومن خلال ناقل الحركة التلقائى ذى السرعات الست يتم دفع العجلات الأمامية للسيارة، نمط Sport فى القيادة يضع استجابة المحرك وناقل الحركة على الدرجة القصوى ليحقق مستوى ما من القيادة الرياضية، قمت باختيار نمط Sport وانطلقت فى رحلة ربما كانت قصيرة ولكنها كانت سريعة جدا!. مجرد ديكور؟! الحقيقة أنه فى هذه الفئة المدمجة -تحديدا- من السيارات، قد لا نتوقع دائما أداء رياضيا يمكن ملاحظته، بمعنى أنك يمكنك بالفعل الاستمتاع به، Mazda 2 كانت تخبرنى بأشياء مختلفة حتى قبل الدخول إليها، التصميم الخارجى الرياضي، تفاصيل المقصورة مستوحى بعضها من أقوى السيارات الرياضية، نمط Sport والعدادات الرقمية، كل ذلك يجب أن يعود عليك بشيء ما، لا يمكن أن تكون كل هذه العناصر مجرد «ديكور»!، رحلتى القصيرة السريعة جدا، أثبتت لى أن كل ما تحمله Mazda 2 من عناصر تحدثنا عنها ما هى إلا علامات تجسد فعلا شخصيتها الرياضية. Junk food مع تقنيات Skyactiv والوزن الخفيف، تشعر بسرعة السيارة، تشعر بدقة نظام التوجيه، مقعد السائق يُجلِسك فى وضعية رياضية وعجلة القيادة تكفل لك تحكم «رائع» مقارنة بسيارات تلك الفئة، وأخيرا الرشاقة الكاملة للحركة وقدرة السيارة على الانعطاف مع احتفاظها بسرعات عالية نسبيا دون انحراف، الحقيقة أنه من النادر أن تجد سيارة سيدان مدمجة الحجم وديناميكية الأداء بهذا المستوى!، إذا ذهبت لتشبيه أصف به أداء Mazda 2 فى تلك الرحلة القصيرة السريعة يمكننى أن أقول إنها أشبه بشخص رياضى وسريع وسط مجموعة من عشاق الوجبات الجاهزة أو Junk food!، فهى لا تختلف كثيرا عن شقيقتها الكبرى Mazda 3 فى القيادة، بل ربما أداء الصغيرة أكثر رشاقة، نظام التوجيه كان «مدهشا»، لدرجة أنها من السيارات القليلة التى أسعدتنى فعلا عند قيادتها، حتى أننى شعرت أن مازدا نفسها يجب أن تفخر بهذه السيارة تحديدا، فليس من السهل أبدا أن تضع هذا النوع من «خبرة القيادة» داخل سيارة مدمجة. أخيرا كخلاصة لتلك التجربة، يجب أولا أن أسجل اعجابى بهذه السيارة، وأقول إن Mazda 2 هى حالة فريدة جدا من نوعها فى فئتها، مقصورة بجودة متناهية، تفاصيل دقيقة تثبت دقة الصناعة، تقنيات منتشرة فى كل أركان المقصورة، وبالرغم من الحداثة «المفرطة» التى تظهر فى لوحتى التحكم والقياس بما تضمه من عدادات رقمية، وشاشة مركزية تعمل باللمس لعرض المعلومات، إلا أن التصميم البسيط يبعث الهدوء فى المقصورة، ويجعلها بالفعل سهلة الاستخدام، والاستخدام يقودنا إلى التحكم فى السيارة وهو الأمر المدهش، مازدا أنتجت خليطا «عجيبا» جدا يضم كل ما تحدثنا عنه رغم ذلك ما زالت اقتصادية فى الاستهلاك وتحقق مبدأ القيمة مقابل النقود، فأعتقد أنها تحقق هذا المبدأ بامتياز، فى النهاية Mazda 2 هى ذلك الشخص الرشيق الرياضي، من خلال فلسفة Kodo تظل قادرة على خطف الأنظار، ثم تأخذك فى رحلة مثيرة جدا من خلال تقنيات Skyactiv.