على خلفية حالة الانقسام في الرأي التي نعيشها و نلمسها في كافة القرارات السياسية الراهنة بين مؤيد ومعارض وبين التصويت بنعم أم لا ،فهناك من يرى أن الثورة مازالت مستمرة في حين أن هناك من يرى أنها جنت ثمارها، وهذا يعنى أن هناك فريق يعتقد أن مصر تتغير أما الفريق الأخر يظن أنها تغيرت فعلا. إلا أن الواقع يعكس أن مصر لم تتغير بعد، ففي الوقت الذي غاب فيه الحزب الوطني عن صدارة المشهد السياسي صعدت قوة أخرى تستخدم نفس الأيدلوجية الفكرية ولكن بلغة مختلفة، فبدلا من رشوة المال التي كانت يستخدمها الحزب الوطني استخدم الإخوان الحسنات و الوعد بنعيم الآخرة، وبدلا من استغلال ضعف الحالة المالية التي يعشها أغلبية المجتمع استغل الإخوان الحافز الدينى وقلة الوعي السياسي. لكن على اية حال وبعيدا عن الجدل القائم بشان إدخال الدين في السياسة من عدمه، والذي أتوقع أن يستمر لأجل غير مسمى وقد تنتهي هذه الجدالية بخروج أصحاب عباءة الدين من المشهد السياسي أو اقتناع الرافدين باستحالة فصل الدين عن السياسة. وهذا المشهد الجدالى القائم على تبادل الاتهامات واستغلال الفرص لمصالح ذاتية هو نفس المشهد الذي كنا نعيشه في ظل سيطرة النظام البائد لذا فانا على يقين بان مصر لم تتغير بعد، بل أن الوضع أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية التي يتبادل فيها اللاعبون الجلوس على الكرسي. لا يعنى ذلك فقداني الأمل في تغير مصر ولكنى متأكد أنها لم تتغير إلا إذا تغيرنا نحن أولا، ففي بلدنا لا ياتى التغير من القمة ولكن لابد أن يصعد من الأسفل إلى أن نصل إلى رأس الهرم رافعين علم مصر جديدة ،واثقين بان ما وضعناه بأسفل الهرم قادر على أن يحفظ استقرار التغيير إلى أمد طويل مهما حاولت القوة المختلفة هدمه أو العبث به.