قال المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر ترحب بزائرى المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ وتفتح ذراعيها للتعاون البنَّاء والمشترك وتبادل الخبرات، مستبشرة بأننا جميعا سنساهم فى صنع سلام حقيقى ينعم فيه العالم بالأمن والأمان والرخاء، بما يعكس الثقة فى إمكانات وطاقات مصر الكامنة، والأسس القوية التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى. وأضاف محلب، فى كلمته خلال المؤتمر، أمس، أن اتساع حجم السوق فى مصر يجعلها أكبر اقتصاد فى المنطقة، من حيث حجم الطلب الداخلى، كما أن تكوينها الديموجرافى- الذى يشكل الشباب 60% منه- يوفر لها قوة بشرية هائلة وأيدى عاملة لديها من القدرات العلمية والمعرفية الابتكارية ما يؤهلها لتحقيق طفرات اقتصادية هائلة، كما أن موقع مصر العبقرى يؤهلها لأن تصبح مركزا عالميا رئيسيا فى تقديم خدمات النقل واللوجيستيات. وعرض محلب، خلال كلمته، الرؤية التى تبنتها الحكومة، وكيف تفتح هذه الرؤية آفاقا لنهضة مصر خلال السنوات القادمة، بما يوفر مُناخا استثماريا يلائم طموحات الشعب المصرى، ويلبى احتياجات المستثمرين، موضحا أنه خلال الشهور الماضية تحركت الحكومة على 10 محاور. وأوضح محلب أن المحور الأول هو العمل على تحقيق الاستقرار السياسى، وهو ما يتبين من التزام مصر الذى لا يتزحزح بخارطة الطريق السياسية، حيث أجرينا الاستفتاء على الدستور، والانتخابات الرئاسية، وستجرى الانتخابات البرلمانية قريبا. وتابع أن المحور الثانى هو تحرك مصر فى اتجاه إعطاء مساحة كبيرة للقطاع الخاص، كى يلعب الدور الرئيسى فى دفع عجلة الإنتاج وفقا للمعايير العالمية، من حيث التنافسية والجودة والتنوع، وكذا توفير البيئة الملائمة لنمو اقتصادى يعتمد على الابتكار والمعرفة: اقتصاد حر يستثمر عبقرية المكان والإنسان، بما يحقق العدالة والتنمية المستدامة والرقى بجودة الحياة وسعادة المواطنين، وتعظيم عوائد وأرباح شركائنا المستثمرين، ويحقق نموا اقتصاديا يحتوى الجميع وتصل عوائده للجميع. وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن المحور الثالث كان العمل على خلق مُناخ استثمارى متميز يتيح الدخول والخروج للسوق المصرية بحرية وأمان، بتبنى سياسات وإجراءات اقتصادية لمعالجة التشوهات المزمنة والهيكلية التى طالما عانى منها الاقتصاد المصرى. وأضاف أن المحور الرابع كان تحرك الحكومة لتوفير عمالة مدربة ومؤهلة للمساهمة فى بناء اقتصاد وطنى حديث، ولتحقيق ذلك تم إنشاء وزارة مستقلة للتعليم الفنى والتدريب المهنى، بحيث يصبح التعليم الفنى والتدريب المهنى مشروعا قوميا تحتضنه الدولة ويرعاه مجتمع الأعمال والصناع. وتابع محلب أن المحور الخامس كان إجراء الإصلاحات التشريعية والإدارية اللازمة، وهو ما تطلب تشكيل اللجنة العليا للإصلاح التشريعى واللجنة العليا للإصلاح الإدارى، ونستهدف تحقيق التوازن بين الانضباط المالى والنمو الشامل من ناحية، والعدالة الاجتماعية من ناحية أخرى، ونتج هذا التوجه عن إرادة سياسية قوية وقادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة، ومقاومة أى ضغوط تسعى لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل على حساب التنمية المستدامة التى تحقق تكافؤ الفرص وزيادة الإنتاجية والنهوض بالقدرة التنافسية لمصر، واتخذت الحكومة خلال الأشهر الستة الماضية العديد من الخطوات من أجل تطوير الجهاز الإدارى للدولة، ولعل أهمها تشكيل اللجنة العليا للإصلاح الإدارى التى أخذت على عاتقها إعادة النظر فى آليات عمل الجهاز الإدارى ومجموعة التشريعات الحاكمة له. وقال إن قانون الخدمة المدنية الذى صدر مؤخرا وقانون الإدارة المحلية الذى سيصدر قريبا أهم مخرجات هذه اللجنة حتى الآن، وقد حرصنا على أن تعزز هذه التشريعات قيم النزاهة والشفافية والمساءلة والمحاسبة، وإثابة المُجتهد ومُعاقبة المُخطئ، واختيار الكوادر بناء على معيار الكفاءة، والقضاء على الواسطة والمحسوبية. وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن المحور السادس هو وضع برنامج متكامل لتحديد أهم التشريعات الاقتصادية التى تجب مراجعتُها وتعديلُها، أو تحديثُها، أو إصدار تشريعات جديدة بدلا منها، بالمشاركة مع مجتمع الأعمال والأطراف ذات الصلة، بما يذلل العقبات التى تؤثر سلبا على مُناخ الاستثمار والمنظومة الاقتصادية ككل، ومن أهم هذه الإصلاحات إصدار قانون الاستثمار الموحد الذى ييسر إجراءات منح التراخيص وتخصيص الأراضى، ويعززُ آليات فض منازعات الاستثمار، كما تحرص الحكومة على الالتزام بسياسة ضريبية ثابتة تتأكدُ معها فرص نجاح الاستثمار فى مختلف مجالاته، وتم إجراء بعض التعديلات على مجموعة من القوانين المهمة لتهيئة بيئة مواتية للاستثمار. وتابع أن المحور السابع هو شروع الحكومة فى تنفيذ نظام «العَنْوَنَة المكانية»، الذى يهدف إلى تحديد كود مكانى لكل متر مربع من أرض مصر، وبالتالى تحديد كود موحد لكل مبنى أو منشأة أو طريق، بحيث يصبح هذا الكود الموحد حجر الزاوية فى ربط وتكامل قواعد البيانات القومية، بما يدعم تطوير منظومة تسجيل المنشآت الاقتصادية ودمج الاقتصاد غير الرسمى، وحصر الأصول وصيانتها، والتوجيه الأمثل للخدمات وفقا للاحتياجات الفعلية، واستهداف الفئات الفقيرة والمهمشة والأكثر احتياجا. ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن المحور الثامن هو اتجاه الدولة نحو استراتيجية دفع الاستثمار عبر تنفيذ المشروعات العملاقة، بدءا بمشروع قناة السويس الجديدة الذى يُعبر عن رغبة المصريين فى مواصلة مسيرة الأجداد فى البناء والتعمير، وحفر قناة جديدة فرضت مُنذ اليوم الأول واقعا جديدا على خريطة الملاحة العالمية. وقال محلب إن القناة الجديدة تحمل بين ضفتيها فرصا اقتصادية واستثمارية هائلة من شأنها تنشيط الحركة الاقتصادية من خلال مشروع تنمية محور قناة السويس، ومن ثَمَّ ترسيخ الأمن الاجتماعى، وتعزيز الأمن القومى، ونشر رسالة السلام العالمية، ومما يبعث على التفاؤل والفخر أن المشروع لاقى تجاوبا كبيرا من المصريين، فالتفوا حوله، وعزفوا أروع سيمفونية فى حب مصر، فبالرغم من كل التحديات الاقتصادية الصعبة، استطاعوا جمع أكثر من 64 مليار جنيه فى ثمانية أيام فقط. وأكد محلب أن المحور التاسع هو إعطاء أهمية خاصة لتنمية رأس المال البشرى، ولاسيما بين الشباب، من خلال مشروع «التدريب من أجل التشغيل»، الذى سيُمَكِّننا من توفير الأيدى العاملة الماهرة التى تتلاءم مع المتطلبات المتغيرة لسوق العمل، علما بأن سوق العمل فى مصر تتميز بأنها سوق شابة، والشباب هبة ديموجرافية، وهم مستقبل الوطن وثروته الحقيقية، مشيرا إلى أن المحور العاشر هو عدم إغفال حق الأفراد والأسر التى لن تستطيع انتظار ثمار هذه المشروعات وهذه الإصلاحات، فقمنا بالإعلان عن برنامجين لمساندة الأسر الأكثر احتياجا التى لديها أطفال، والمُسنّين وأصحاب حالات الإعاقة أو العجز. واختتم كلمته، قائلا إن الوصول إلى هذه الأهداف ليس سهلا، فالأوضاع ليست خالية من المتاعب سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، ونحن ماضون بإرادة وخطى ثابتة ووتيرة منتظمة، من خلال الحفاظ على التوازن بين السياسات الاقتصادية، ونحن نملك الإرادة والشجاعة الكافية لتحقيق أحلامنا. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة