«غياب ملحوظ للأمن».. كل من يسير فى شوارع القاهرة والجيزة يلمس ذلك، فقط هناك أعداد قليلة جداً للضباط فى بعض الميادين، الأمر الذى يصيب المواطنين بقلق دائم. الغياب الأمنى يتناقض مع التصريحات الأولى لوزير الداخلية الجديد، الذى أكد أنه لن يعود هو وضباطه إلى مكاتبهم إلا بعد عودة الانضباط إلى الشارع المصرى، وأن ضباط الوزارة سيعودون بكامل قوتهم إلى جميع الشوارع والميادين خلال أيام قليلة، بالإضافة إلى وجود «انفصال كامل» بين القائمين على وزارة الداخلية ومندوبى وسائل الإعلام منذ تعيين الوزير الجديد، وباستثناء اللواء حمدى عبدالكريم، مساعد الوزير للإعلام والعلاقات، فقد انعزل الوزير فى مقر جهاز أمن الدولة بينما ظل بعض العاملين فى وزارة الداخلية فى أحد القطاعات بالدراسة، دون تواصل مع الصحف والإعلام. وحاولت «المصرى اليوم» الاتصال بالوزير وسؤاله عن عدم التواجد الأمنى فى الشارع، إلا أن مدير مكتبه فى كل مرة يقول «إنه فى اجتماع». «المصرى اليوم» قامت بجولة فى شوارع وميادين القاهرة الكبرى، ولم تجد إلا أعداداً قليلة من الضباط وأمناء الشرطة على مسافات ويقفون فى معظم الأحوال فى شكل جماعة وتسيطر عليهم حالة من الخوف وربما الانكسار، الأمر الذى ترك التأمين إلى اللجان الشعبية، وإن كان هناك فى بعض اللجان يتواجد أمين أو مندوب شرطة. ورصدت الجريدة بداية من شارع المبتديان إلى مدينة السادس من أكتوبر والعودة مرة أخرى عن طريق المحور 10 ضباط فقط فى كمين قصر العينى و4 فى كمين فم الخليج، بينما لم يظهر أى من رجال الشرطة فى منطقة مصر القديمة، وخلا الطريق الدائرى ووصلته الجديدة من أى رجل مرور أو خدمة أمنية، بينما ظلت الأكمنة محترقة وقسم شرطة مصر القديمة كما هو والسيارات المحترقة أمامه، والحال فى محافظة أكتوبر هو نفسه فى القاهرة والجيزة، طوال أيام أربعة لم تر «المصرى اليوم» سوى 3 سيارات أمن مركزى بالقرب من مقر جهاز أمن الدولة فى أكتوبر. وقالت مصادر أمنية ل«المصرى اليوم» طلبت عدم ذكر أسمائها، إن التواجد الأمنى سيعود بعد استقرار الأوضاع، وإن هناك قوات موجودة فى الشارع، وإن جميع الأقسام التى لم تتعرض للاشتعال انتظمت حركة العمل بها، وإن وجودهم فى الشارع سيكون بشكل تدريجى فى جميع الشوارع المهمة، وإن هناك مناطق عمليات مثل وسط البلد التى تقوم بتأمينها القوات المسلحة، ولا نستطيع تعزيز الخدمات بها. وأكد أن جميع غرف العمليات فى القاهرة تعمل بكفاءة عالية، وشرطة النجدة تعمل على مدار 24 ساعة، وكذلك إدارات الدفاع المدنى، معتبرة أن الأحداث الأخيرة سببت انكساراً فى نفوس بعض الضباط لقيام بعض الخارجين- على حد تعبيرهم- باقتحام الأقسام وإشعال النيران فيها وتهريب المتهمين، والاستيلاء على الأسلحة. وأضافت المصادر أن هناك تواجدا أمنيا مكثفا فى المحافظات وشوارعها، وأن الجميع يلمس هذا باستثناء بعض المحافظات التى تسودها أوضاع تتشابه مع القاهرة، موضحة أن التواجد سوف يكون بصورة أكبر فى القاهرة عقب فض المظاهرات الكائنة فى ميدان التحرير، ونفت المصادر القيام بتأمين مظاهرات التحرير، مؤكدة أن وزارة الداخلية تسعى للعمل بسرعة على عودة انتظام العمل بجميع القطاعات الشرطية على مستوى الجمهورية فى أقرب وقت، مشيرة إلى أن بعض الكيانات الشرطية التى تم الاعتداء عليها تتم حالياً إعادة تأهيلها بما يمكنها من معاودة القيام بمهامها المختلفة فى أسرع وقت ممكن. وتفقد اللواء محمود وجدى، وزير الداخلية، سيراً على الأقدام،السبت المشهد الحسينى وشارع الأزهر ومنطقة الموسكى للتأكد من الخدمات الأمنية، وحسن معاملة المواطنين، واستقبل المواطنون الوزير بالترحاب الشديد، وأعربوا عن تقديرهم البالغ لرجال الشرطة ودورهم فى حماية الجبهة الداخلية للوطن، وأعرب المواطنون عن استعدادهم للتعاون مع رجال الشرطة فى استعادة الأمان للشارع واستقرار الوطن، كما تفقد الوزير عدداً من أقسام الشرطة بمدينة القاهرة لمتابعة سير وانتظام العمل بها، مشدداً على ضرورة تفعيل شعار الشرطة الجديد «الشرطة فى خدمة الشعب». وفى السياق نفسه، التقى الدكتور أحمد شفيق، رئيس مجلس الوزراء بوزير الداخلية، وطلب منه سرعة العمل بجميع أقسام الشرطة بمختلف محافظات الجمهورية بكامل طاقتها وتقديم خدمة متميزة لجميع المواطنين. ووجه «شفيق» بضرورة الاهتمام خلال الفترة المقبلة بتحقيق الانضباط بالشارع المصرى، وبشكاوى وبلاغات المواطنين المختلفة وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، وشدد على أهمية تحقيق التواجد الأمنى بمختلف مواقف سيارات الأجرة والسيرفيس، تحقيقاً للانضباط وضمانا لراحة المواطنين. من ناحية أخرى، وضع خبراء أمنيون تصوراً للمرحلة المقبلة، التى سيعود فيها رجال الشرطة إلى الشارع وحددوا بعض الاقتراحات، التى من الممكن أن تعيد الثقة مرة أخرى بين الشرطة والمواطنين. وحذر اللواء رفعت عبدالحميد، خبير العلوم الجنائية ومسرح الجريمة، من التباطؤ فى نزول جهاز الشرطة إلى الشارع وبشكل مكثف، وأشار إلى أنه لا يوجد قانون يتحدث عن اللجان الشعبية، كما لا توجد جهة محددة تشرف على هذا العمل التطوعى، ولا توجد مرجعية للمحاسبة أو المكافأة.
