«غسلتها بإيدي».. لطيفة تتحدث للمرة الأولى عن وفاة والدتها (فيديو)    وفاة نائب رئيس حي ثان المحلة الكبرى بالغربية حزناً على والدته    رابطة التجار تعلن زيادة مؤكدة في أسعار السيارات خلال الفترة القادمة    لماذا تأخر قانون الأحوال الشخصية الجديد؟| تفاصيل مُثيرة    نصائح للحجاج في يوم عرفة.. لتجنب مخاطر الطقس الحار    انتخاب سيريل رامافوزا رئيسًا لجنوب إفريقيا لولاية ثانية    الرصيف العائم قبالة غزة قد ينهار بسبب الأحوال الجوية    الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع النطاق على لبنان    بعد فوز الأهلي والزمالك.. تعرف على جدول ترتيب الدوري المصري    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    تعرف على مساجد وساحات صلاة عيد الأضحى 2024    وزير الداخلية السعودي يؤكد اعتزاز المملكة بخدمة ضيوف الرحمن    إصابة 3 اشخاص في مشاجرة ثأرية بين عائلتين بقرية كحك بالفيوم    ب التوقيت المحلي.. موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 في جميع مدن ومحافظات مصر    مصطفى بكري: وزير التموين هيمشي بغض النظر عن أي حديث يتقال    ضرب وشتائم وإصابات بين محمود العسيلي ومؤدي المهرجانات مسلم، والسبب صادم (فيديو)    «معلق فاشل».. شوبير يرد على هجوم أحمد الطيب    أفضل دعاء يوم عرفة    ما هو يوم عرفة؟    عاجل - الجيش الأمريكي يقرر إزالة الرصيف العائم في غزة.. اعرف السبب    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    أحمد شوبير: فخور بالأهلي.. والزمالك لازم يظبط نفسه    مدرب إسكتلندا بعد الخسارة القاسية: لم يمنحنا الألمان أي فرصة    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    أحب الأعمال في يوم عرفة.. يوم التقرب من الله    12 سيارة إطفاء تسيطر على حريق مخزن الطوابق بالجيزة| صور    معهد التغذية يحذر: اللحوم المشوية على الفحم تسبب السرطان    أبرزهم «أفشة»| الزمالك يراقب خماسي الأهلي حالٍ رحيلهم عن القلعة الحمراء    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: صفقة رأس الحكمة فرصة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية    مش مكتوبة ليهم.. الداخلية السعودية تعيد أكثر من ربع مليون حاجا    بطولة عصام عمر وطه الدسوقي.. بدء تصوير فيلم «سيكو سيكو»    «مرحلة ما يعلم بيها إلا ربنا».. لطيفة تكشف سبب اختفائها    لمنع الإصابة بسرطان الجلد.. طبيب يحذر من التعرض لأشعة الشمس    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    موسيالا أفضل لاعب في مباراة ألمانيا ضد اسكتلندا بافتتاح يورو 2024    بيسكوف: مقترح بوتين للتسوية غير محدد زمنيا لكن الوضع فى الجبهة يتغير    وزير المالية الأسبق: أؤيد تدخل الدولة لضبط الأسعار وحماية المستهلك من جشع التجار    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: ميزانية الصحة والتعليم اختيار وليس قلة موارد    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    مصرع طالبين غرقا في نهر النيل بقرية الديسمي في الصف بالجيزة    يورو 2024 - ناجلسمان: من المهم ألا يقتصر التسجيل على لاعب واحد.. ولهذا سعيد ل موسيالا    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    بعد تدخل المحامي السويسري.. فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية سعدو    أعراض التهاب مفاصل الركبة وطرق علاجها المختلفة    طريقة عمل لحمة الرأس مثل الجاهزة.. اعرف أسرار المطاعم    يوم عرفة 2024.. أفضل الأعمال المستحبة وخير الدعاء المستجاب وكيفية اغتنامه    «البحوث الإسلامية» يوضح أفضل كلمات دعاء فجر يوم عرفة: احرص عليها    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 15 يونيو 2024    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    عيار 21 يعود لسابق عهده في وقفة عرفات.. أسعار الذهب اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    مصرع طفلتين شقيقتين سقطتا من طابق علوي بالعاشر من رمضان    «كاف» يعتمد دورات تدريبية في مصر لرخص المدربين بينها «المسار السريع»    محافظ الغربية يواصل متابعة الاستعدادات لعيد الأضحى المبارك    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    توجيه عاجل من رئيس جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن نتائج الفرق النهائية    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرن 21: تقدم أم تراجع؟
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 01 - 2011

بانتهاء عام 2010 يكون العقد الأول من القرن الواحد والعشرين قد انقضى، ويجعلنا هذا نستدعى اندفاع المؤرخين والمفكرين مع بداية القرن، وحتى قبل أن يبدأ، فى التساؤل عما إذا كان القرن الجديد مختلفاً عن القرن الذى سبقه الذى شهد حربين عالميتين وحرباً باردة كانت تحمل إمكانات حرب ساخنة ثالثة. غير أن القرن الجديد قد بدأ بحدث هز أمريكا والعالم، هو هجمات 11/9 التى سوف تظل تداعياته تلاحق أمريكا والعالم لحقب طويلة مقبلة. كذللك انتهى العقد الأول من القرن الجديد بالأزمة المالية العالمية التى ذكّرت بركود الثلاثينيات من القرن الماضى، ولم تتعاف أمريكا والعالم من آثارها بعد، كان هذا دافعاً إلى التفكير فى القرن الواحد والعشرين، وأن يكرر المؤرخون والمفكرون سؤالهم عما إذا كان القرن الجديد سيكون قرناً للتقدم أم التراجع.
فى هذا السياق كان الإلحاح على هذا السؤال وتكراره قد دفع مفكراً مثل جلال أمين إلى أن يعبر عن ضيقه وسأمه من تكرار الحديث عن القرن المقبل وتوقعه والرهبة منه، ويصف هذا الاتجاه ب«الوثنية» وأن عبادة المستقبل قد لا تقل سوءاً عن عبادة الماضى، وأنه ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن القرن الجديد سيكون بالضرورة أفضل من القرن العشرين، وبشكل يبرر كل هذه الضجة حوله «التنوير الزائف».
والواقع أن هذا الطرح إنما يجدد الحديث ويُذكّر بفكرة تاريخية وفلسفية طالما شغلت مكاناً مهماً فى سير الحضارة، وهى فكرة التقدم التى كانت تستند إلى أن العالم يتدرج وينتقل على الدوام من حسن إلى أحسن، ويرتقى من منزلة إلى منزلة أرقى. وقد ظلت فكرة التقدم عقيدة ثابتة والقوة الدافعة لكثير من المؤرخين والمفكرين على مدى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وعزز من هذه الفكرة ظهور حضارة علمية صناعية لم يكن لها مثيل فى سابق العصور، غير أن فكرة التقدم وتركيزها على الجوانب المادية التى تحققت للإنسان ما لبثت أن تعرضت لتساؤلات أخلاقية ومعنوية دارت حول سؤال ملح، وهو ما إذا كانت هذه المظاهر المادية تعنى حقاً التقدم؟ وهل أوصل التقدم المادى بكل أدواته الباهرة الإنسان المعاصر لكى يكون بالمعايير الحقيقية للسعادة أسعد حالاً وأكثر حكمة من إنسان الحضارات السابقة؟.
وإذا كانت نقطة البداية عند مفكرى عصر الأنوار، الذى شهد ازدهار فكرة التقدم، هى تفاؤلهم المسرف بالمستقبل، خاصة حول انتفاء ظاهرة الحروب، إلا أنه ما كاد حبر كتابتهم يجف حتى واجهتهم الحروب النابليونية، التى كانت من أعقم ما عرف التاريخ من حروب وما تلاها من حروب ضارية إلى آخر القرن تلتها الحربان العالميتان الأولى والثانية، وإذا كانت نهاية الحرب الثانية قد شهدت خلو الأرض الأوروبية من الحروب فقد انتقلت إلى مناطق أخرى من القارات الثلاث.
هذا الواقع هو الذى حرّك عدداً من مفكرى الغرب نفسه لكى يراجعوا هذه المفارقة بين مضامين فكرة التقدم، وبين ما حفل به واقع العالم. فى هذا توقف عدد من المؤرخين بعمق عند هذا الواقع، انتقلوا من فكرة التفاؤل المطلق إلى التشاؤم وسوء الظن بحضارة الغرب ونقاط ضعفه وما أصبحت تحتويه من عناصر قد تؤدى بها إلى التحلل، ولعل أبرز من عبّروا عن ذلك مع آخرين هو المؤرخ البريطانى أرنولد توينبى فى نطاق فلسفته فى الحضارات والتحديات التى تواجهها ومدى استجاباتها لها. وقد كان توينبى - كغيره من مفكرى الغرب - من المؤمنين بفكرة التقدم والمستبشرين بما حققته الحضارة الغربية من تقدم إلا أنه - كغيره من المثقفين الغربيين - قد أصيب بخيبة أمل كبرى من جراء الحرب العالمية الأولى التى سببت انحدار المعنويات وخلفت لديه شعوراً ممضاً بأن التقدم الغربى قد فقد حيويته ووصل إلى درجة التفكك.
والواقع أن «توينبى» فى صدمته فى الحضارة الغربية وأزمتها الروحية لم يكن بمفرده، فقد شاركه فى هذا العديد من الأوروبيين ومفكريهم وأخذ بعضهم بحتمية «سبنجلر» بأن اضمحلال الغرب لا رجعة فيه وعلى النقيض من التفاؤل الذى ساد فى القرن ال19، وقد جاءت خبرات الحرب الأولى لكى تتعمق بالتطورات التى لحقتها فى أقل من ربع قرن ببروز النازية والفاشية والنظم الشمولية، وهو التطور الذى توج بقيام الحرب العالمية الثانية وخبراتها الدامية، ثم ما صاحبها من حروب ومنازعات إقليمية راح ضحيتها الملايين، بلغت ما بين عام 1945-1989، 125 حرباً إقليمية، وما بين 1989 وحتى نهاية القرن شهد العالم 61 صراعاً مسلحاً بينها 58 حرباً أهلية، وبخلاف ظاهرة الحروب بأبعادها المدمرة التى سادت القرن العشرين، فإن القرن ينتهى وهو يشهد تفجر عدد من القضايا التى قد لا تكون أقل تأثيراً من الحروب، ونطاقها الشامل والعالمى الذى تأخذه، مثل قضايا تلوث البيئة، والإرهاب والجريمة المنظمة والتفجر السكانى فى دول الجنوب وإمكانيات الانتشار النووى وتفجر الكراهيات العرقية، كما ينقضى القرن وهو يشهد تفاوتات مهددة فى الثروة والظروف المعيشية داخل المجتمعات بما فيها الغنية، وحيث يمتلك 20٪ من البشر 86٪ من الثروة وتتزايد الفوارق بين الشمال والجنوب، فحيث كانت عام 1965 بنسبة 1:30 فقد بلغت الآن 1:70 وهى آخذة فى الارتفاع، حيث يعيش أكثر من نصف البشرية تحت خط الفقر، وعلى أقل من 2 دولار فى اليوم للفرد، كما بلغت آثار سياسات الليبرالية الجديدة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية حدا جعل عددا من المفكرين يتساءلون: هل سيكون للفئات الضعيفة فى المجتمعات الحق فى الحياة؟
غير أننا يجب أن نقول: إن هذه الجوانب القاتمة للقرن العشرين ليست هى كشف حسابه النهائى، فلاشك أن القرن له جوانبه المضيئة، كما شهد العديد من الإنجازات التى أغنت الحياة البشرية وجعلت حياة الفرد أكثر يسرا وفتحت أمام البشرية آفاقاً أخرى من التجدد والانتقاء، ولعل أبرز هذه الإنجازات هو ما حققه علم الطب وما أتاحه من القضاء على أوبئة وأمراض مثل السل والكوليرا والطاعون.
إزاء هذا السجل المزدوج للقرن العشرين الذى تختلط فيه الإنجازات بالإخفاقات هل سيكون للقرن الجديد وجه إنسانى يضع فى اعتباره تحذير المفكر الفرنسى «أندريه مالرو» من أن «على القرن الحادى والعشرين أن يكون إنسانياً أو لا يكون»، وهل ستكون البشرية قادرة على أن تواجه ما يحمله القرن الجديد من تحديات وأن تتأمل ما عبّر عنه «جابريل جارسيا ماركيز» من أن «لا تتوقعوا شيئاً من القرن الحادى والعشرين، إن القرن الحادى والعشرين هو الذى يتوقع كل شىء منكم». يريد أن يقول إن صورة القرن الجديد سوف تتوقف على ما سوف يفعله البشر بأنفسهم وعلى تفاديهم سقطات إخوانهم فى القرن والقرون الماضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.