تشهد السوق العقارية المصرية نشاطا فى الفترة الأخيرة فى بيع محاضر تسلم أراضى مشروع «ابنى بيتك»، والتى وصل ثمنها إلى 30 ألف جنيه، وهو الأمر الذى أثر على السوق العقارية ورفع أسعارها، خاصة فى ظل وجود تكهنات برفع أسعار أراضى مشروع «ابنى بيتك» التى سيتم طرحها خلال العام الحالى 2011، فى البرنامج الانتخابى للرئيس مبارك. قال طه جاد، نائب رئيس جمعية مشروع ابنى بيتك بمدينة نصر: «تشهد أراضى مشروع ابنى بيتك وبيوتها، حركة بيع نشطة منذ بداية المشروع، رغم وجود عراقيل تمنع عمليات البيع»، وأضاف: لا يعقل أن نطلب من محدودى الدخل، الذين اقترض أغلبهم ال1000 جنيه مقدم التعاقد فى 2005، سرعة البناء الذى سيتكلف 70 ألف جنيه على الأقل، فى عام واحد، وهذا ما يجعل الكثيرين يتخلون عن حلمهم، فى سبيل الحصول على 30 ألف جنيه قيمة محضر تسلم الأرض وترخيص بناء البيت، ولفت إلى أن هذه القيمة المادية فى ازدياد نتيجة إعلان وزارة الإسكان عن أن مشروع ابنى بيتك فى البرنامج الانتخابى المقبل سيتحول إلى «ابنى شقتك»، وأنه سيتم منح قطعة الأرض الواحدة لثلاثة أفراد، على أن يدفعوا 6000 جنيه فى وزارة الإسكان. وأضاف: «المشروع بدأ بنظام القرعة، كحال باقى الأراضى التى تقدمها الدولة، وهو الأمر الذى دفع الراغبين فى الحصول على قطعة أرض أن يتقدموا لنيل الأرض، وكان مبلغ ال1000 جنيه يرد إلى صاحبه فى حالة عدم فوزه بقطعة الأرض، ثم تم اختيار الأشخاص الفائزين عشوائيا، من خلال الكمبيوتر، على أن يقوم المتسلم ببناء الدور الأرضى، ثم يسدد باقى ثمن الأرض وهو 9500 جنيه، وفى حالة قيامه ببناء الأدوار الثلاثة «أرضى ودورين علويين»، يجرى إعفاؤه من باقى إجمالى المبلغ، ليكون ثمن الأرض التى دفعها 1000 جنيه فقط». وقال: «فى حالة وجود اسم الفرد فى مرحلة التسلم، لا يجوز له تأجيل اسمه لمرحلة مقبلة لحين توافر المال، وإلا يتم سحبها منه، إلا فى حالة سفره فقط، وهو ما جعل الكثير من أصحاب أراضى المشروع يتخلون عن حلمهم ببناء البيت، خوفا من فقد الأرض دون مقابل، وذلك ببيع محضر تسلمها من وزارة الإسكان». واستكمل: «يلجأ الكثيرون لشراء محاضر تسلم أراضى ابنى بيتك لعدة أسباب، منها رخص سعر الأرض، والرغبة فى عدم انتظار المشروعات الجديدة التى ستقدمها الدولة، خوفا من غلاء أسعار الأراضى فيها، ورغبة الكثيرين فى امتلاك بيت لهم ولأولادهم بالمستقبل، وهو ما جعلهم يلجأون للشراء من أصحاب الأرض، الذين يحاولون ابتزازهم أحيانا، لأن الدولة ترفض التعامل إلا مع صاحب الأرض، فلا يجوز التقدم بعمل ترخيص بناء، أو إدخال مرافق إلا له، وهو ما جعل المشترين يشترطون عند البيع أن يقوم الأول بتسليمهم ترخيص بناء، بالإضافة إلى محضر التسليم، وخريطة لموقع الأرض فى المشروع، بالإضافة إلى توكيل رسمى من الشهر العقارى بحق البيع للنفس والغير، وشرط جزائى ب500 ألف جنيه، إلا أن هذه الأوراق لا تمنع وقائع النصب التى يبيع فيها صاحب الأرض أرضه أكثر من مرة، بعد قيامه باستخراج بدل فاقد لمحضر تسلم، ورخصة جديدة». من جانبه، قال كرم سعيد الخبير العقارى، إن بيع محاضر التسلم، وإيصالات حجز الوحدات السكنية، لا يزيد من ارتفاع أسعار العقارات، وإنما يكسر القوانين، واللوائح الخاصة بها، لأنه فى المشروعات الحكومية لا يجوز البيع إلا بعد سداد قيمة الوحدة أو الأرض، لكن المشترى والبائع يتفننان فى إيجاد طريقة للتلاعب بالقانون، لافتا إلى أن زيادة حالات بيع محاضر تسلم أراضى المشروع، جاءت بسبب عدم قدرة الأغلبية على البناء فى الفترة التى تحددها الدولة، وهو ما يجعلهم يفضلون الحصول على مبلغ مالى بعد التنازل عن ملكيتها للمشترى الجديد، بدلاً من أن تستعيدها الدولة. وأضاف: «كان المتبع قديما عند شراء شخص محضر التملك أن يقوم البائع بالذهاب إلى الشهر العقارى، وعمل توكيل للمشترى بحق نقل ملكية الوحدة والتنازل عنها، وبعد علم بعض الجهات الحكومية والوزارات، لجأت بعض مكاتب الشهر العقارى إلى رفض تسجيل التوكيلات، وبالتالى يفقد المشترى ماله الذى دفعه من أجل تملك الوحدة، وهناك بائعون يتفقون على تحصيل مبلغ الدعم الذى تقدمه الدولة عند البناء، والبالغ 15 ألف جنيه، تصرف على 3 مراحل، بعد الانتهاء من بناء الدور الأرضى، وانتهاء الدور الثانى، ثم الثالث، بالإضافة إلى المبلغ الذى يحصلون عليه من المشترى، خاصة أن الجهات الحكومية ترفض التعامل إلا مع صاحب الأرض الأصلى». ونفى كرم أن يكون لإعادة بيع أراضى «ابنى بيتك» تأثير على السوق العقارية لأن أصحابها لا يبيعون بأكثر من سعر السوق، لكنهم يستفيدون من ارتفاع الأسعار فى بيع ما حصلوا عليه بمبلغ أقل، والمتربحون منهم لا يبيعون إيصال التملك، وإنما يتمون بناء البيت، ثم يبيعونه، خاصة أن سعر البيت الواحد يصل إلى 190 ألف جنيه. وأكد هشام الحفناوى، استشارى قانونى للعقارات، أن سعر محضر تسلم أرض ابنى بيتك كان ب10 آلاف جنيه، ووصل الآن إلى 20 أو30 ألف جنيه، رغم أن بيع الايصالات أو التنازل عنها باطل فى حالة عدم سداد قيمة الأرض، لكن القانون لا يفعّل إلا فى أضيق الحدود، وفى حال تطبيقه، فإن كل الأراضى التى تم التنازل عنها، ستؤول إلى الدولة. ولفت إلى أن بيع الإيصالات يزيد من ارتفاع أسعار العقارات فى مصر، بشكل غير مبرر، خاصة مع انتشار بيع إيصالات مواد البناء أيضا، حيث يحصل مجموعة من كبار تجار الأسمنت والحديد على إيصال من الشركات، بالحصول على كميات محددة من إنتاجها على فترات، على 4 إيصالات، وفقا لكمية الإنتاج اليومى للشركة، ويقوم بعض هؤلاء التجار ببيع واحد منها، بعد الحصول على هامش ربح، الأمر الذى يرفع تكلفة إنشاء العقارات، ويؤثر على أسعار العقارات بصفة عامة. وقال «أ.م»، بائع محضر تسلم: «أنا موظف بسيط، وراتبى 600 جنيه، أنفق منه على زوجتى ولدى الاثنين، وقد تحقق حلمى بالحصول على قطعة أرض، وكنت أتمنى أن أبنيها، لكى أتخلص من السكن فى حجرتين بالإيجار، لكن للأسف لم أتمكن من بناء بيتى، لأن تكاليف البناء عالية جدا، وهو ما اضطرنى للجوء إلى سمسار بيع أراضى، مقابل الحصول على 15 ألف جنيه، بالإضافة إلى نصف مبلغ الدعم، الذى تقدمه الدولة، والذى كنت أتمنى أن أحصل عليه بمجرد حصولى على الأرض، كى يساعدنى فى البناء». فى المقابل، قال «ن. ب» مشتر: «اشتريت قطعة أرض من مشروع ابنى بيتك، من أحد المستفيدين، بعد أن دفعت له 20 ألف جنيه قيمة محضر تسلمه الأرض، ورخصة البناء، بالإضافة إلى توكيل منه بحق شرائى وبيعى للمنزل، ولا يجوز له أن يلغى التوكيل إلا فى حالة موافقتنا سويا، وقمت بالبناء على الأرض، وبمجرد الانتهاء من الأدوار الثلاثة سجلتها، حيث يسمح القانون ببيع البيت فى المشروع بعد الانتهاء من بنائه». وأضاف: «من الممكن أن تسحب الأرض منى، إذا علمت الجهات المسؤولة أننى لست صاحبها الأصلى، لكننى لا أستطيع شراء قطعة أرض ضمن باقى الأراضى التى تقدمها الدولة، لأنها ذات مساحات كبيرة، كما أن المبلغ الذى بنيت به المنزل لا يكفى لشراء شقة واحدة، وهو ما جعلنى أغامر بالحصول على تلك الأرض، فى سبيل إقامة بيت لأبنائى».