«إنترنت بلا فتنة» مبادرة جديدة للداعية الشاب د. عمرو خالد، يستهدف من خلالها إزالة كل ما يستدعى الفتنة على الإنترنت، شعارها «شير فى الخير»، وتسعى إلى مشاركة 2 مليون شاب مصرى «مسلم ومسيحى» من خلال الإنترنت، يعلنون عن محاربة الفتنة بكل صورها من خلال تغيير البروفايل الخاص بهم على الفيس بوك، تمهيدا لطرح كل الألفاظ والمصطلحات التى تستدعى هذه الفتنة، لخلق حالة من الوعى والثقافة الدائمة بين الشباب المصريين المستخدمين للإنترنت بشكل خاص، ومن هم أقل من 30 عاما. يتوقع عمرو خالد لمشروعه النجاح، كما يتوقع أن يتحول هذا المشروع إلى مؤسسة فى المستقبل تحارب الفتنة بجميع أشكالها حتى بين المسلمين أنفسهم. حول أهداف هذه المبادرة وتوقيتها ومدى احتياج المصريين لمثل هذه المبادرات، وغيرها من الأسئلة كان محور حوارنا مع صاحب المبادرة. ■ فى البداية، هل يمكنك أن تحدثنا عن مشروعك الجديد «إنترنت بلا فتنة»؟ - من الطبيعى أن نفكر فى مبادرة نحافظ بها على وحدة شعبنا بعد الأحداث المؤلمة فى الإسكندرية، التى تلت تفجير كنيسة القديسين، وشعور المصريين بعدها بالتأثر وإحساسهم بأنهم يريدون أن يحافظوا على وحدتهم التى طالما حافظوا عليها على مر التاريخ، هذه الرغبة التى عمت كل المصريين بلا استثناء، حركت لدينا الدافع للبحث عن مواطن الفتن والتهييج، ووجدنا الإنترنت أحد أركان التحريض. الإنترنت مجال مهم وخطير، ومن هنا جاءت فكرة «إنترنت بلا فتنة»، ومن أهداف الحملة محاصرة التحريض على الإنترنت بكل صوره، سواء من قبل المسلمين أو المسيحيين، ومن خلال ما يقوله هؤلاء المتطرفون هنا وهناك، ومحاصرة كل أنواع الفتن وتطهير الإنترنت من التحريض عليها، بحيث يكون منطلقاً أساسياً للتعايش السلمى. ■ وما مدة الحملة، وما الشىء الذى يجعلك تستشعر أن الإنترنت بيئة خصبة للفتنة؟ - مدة الحملة سوف تكون خمسة أسابيع فقط وسوف نركز بشكل أساسى على الفتنة الطائفية، فنحن نريد أن نحولها إلى ثقافة عامة لدى كل المصريين سواء كانوا مسلمين أو أقباطاً. واستشعارى لخطورة الإنترنت سببه أننى فوجئت برسالة تأتينى من أحد الشباب يطالبنى فيها بالنهوض والدفاع عن الإسلام، على خلفية إشاعة بأن هناك من سيحرق المصحف وكان نص الرسالة، «سيحرقون المصحف ويدمرونه غداً الساعة التاسعة ادع عليهم الآن، انشر..»، فعلى الفور اتصلت بهذا الشاب وقلت له: ألم تقرأ قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، قلت له: ألا تعرف أن «شير» أو كليك اللى إنت عملتها ممكن تتسبب فى ظلم شاب أو قتله أو إحداث فتنة.. وطلبت من هذا الشاب أن يراجع صاحب الرسالة الأصلى ويعرف منه من أين أتى بها فرجع لى مرة ثانية قائلا: صديقى أتى بهذه المعلومة من أحد مواقع الإنترنت، فقلت له: لو لم يصح هذا الكلام غدا ماذا ستفعل، فرد علىّ بقوله: لا أدرى، قلت له: واجب أن ترسل رسالة أخرى لكل من أرسلت لهم تقول فيها إن ما قلته غير صحيح، فهذه الرسائل وهذه اللغة التى ينشرها البعض على الإنترنت دليل «فتنة» حقيقية يروجها البعض من خلال الإنترنت، فهناك متطرفون فى الجانبين. ■ هل ترى أن الحملة سوف تنجح فيما ذهبت إليه؟ - هدف الحملة ألا يكون لهذه الفتن تأثير على شبابنا، بل نسعى لمحاصرة هذه الفتن من خلال شبابنا فى الجانبين، وأن تكون فوائد الإنترنت الإيجابية والسلبية بعيدة عن الفتن. مطلوب أن يغير 2 مليون شاب مصرىا البروفايل الخاص بهم على الفيس بوك إلى اللوجو الذى صممناه لهذا الشأن، وأنا بدأت بنفسى على صفحة عمرو خالد فاستبدلت صورتى الشخصية بصورة اللوجو. ورصدت الحملة فى أول أيامها مائة ألف مشارك، نحن نحاول تحسين صورة مصر التى يحاول البعض تشويهها فى العالم، لو نجحت هذه الخطوة فسوف نقوم بإعلان قائمة تحوى كل الألفاظ التى تشتمل على فتنة وننشرها فى كل مكان على الإنترنت. ■ ذكرت أن مدة الحملة 5 أسابيع، ألا ترى أن هذه المدة ليست كافية؟ - هذه حملة وليست مشروعاً فدائماً الحملة كما هو متعارف عليه لا تزيد مدتها على خمسة أسابيع حتى يستطيع أن يواصل الناس معها بنجاح، لأنه مطلوب بناء ثقافة معينة يستوعب فيها الناس معنى معيناً، وتتحول لشكل مستمر بحيث تصل لميثاق شرف بين المواقع جميعا فى المستقبل. ■ هل ترى أن الشعب المصرى بشكل خاص يحتاج لطرحك «إنترنت بلا فتنة»؟ - الشعب المصرى بطبيعته شعب سمح غير طائفى وقلبه طيب كما نقول بلغة المصريين، وهذه شهادة التاريخ على المصريين، وهذا لا يعنى أنه فى الفترة الأخيرة هناك مؤشرات تجعلك تخاف على هذا الأصل وزيادة التطرف «أحادى التفكير» من الجانبين، غير صحيح أن الحديث عن الفتنة يخلق فتنة، فما حدث دفعنا إلى أن نرفع شعاراً كبيراً نقول من خلاله إننا نخشى من الفتنة، ومن واجبنا تحصين الشباب المصرى ضد الفتنة. ■ لماذا اخترت العالم الافتراضى «الإنترنت» بيئة لطرح مشروعك؟ - اخترت الإنترنت لأنه يمثل إحدى مناطق التأثير والفتنة فى بلادنا فكان من الضرورى محاربة هذه الفتنة بهذه الطريقة، التجنيد الآن للأفكار المتطرفة يكون على الإنترنت، ما يحدث أون لاين يتحول فى الوقت إلى أون لايف، ما يحدث فى العالم الافتراضى اليوم يتحول إلى تفجير فى اليوم التالى، علما بأنه لا يوجد شاب الآن لا يتعامل مع الإنترنت. ■ كيف تخلق الفتنة، وهل ترى الأجواء الحالية ممهدة لفتنة قادمة على مصر، وإذا كان ذلك فكيف نتلافاها؟ - تخلق الفتنة بإشاعة أخبار كاذبة وفتاوى محرضة واختلاق أحداث وأفكار تحرض على كراهية الآخر، مع عدم وجود فرصة للوسطية، فعلينا أن نصحح هذه الأخطاء وأن يكون هناك دور للقيادات الدينية مثل الدور الذى قام به الأزهر، فمبادرة شيخ الأزهر «بيت العائلة» جزء من تلافى الفتنة. وهناك مبادرات عالمية تجمع المسلمين والمسيحيين ويكون فيها أئمة المسلمين، وأن تجد مبادرة مثل «كلمة سواء»، التى خرجت منذ سنتين واشتركت فيها كل الكنائس مثل الكنيستين الأمريكية والنيجيرية وغيرهما، فالكل اجتمع للمناقشة، وكان الهدف كيف نوقف العداء والاقتتال، وقائد هذه المبادرة الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية وهى مبادرة غاية فى القوة، وكان يقف وراءها القيادات الدينية من الطرفين. ■ ما أوجه الشبه بين مسببات الفتنة فى الماضى والحاضر؟ - التطرف، والعقول المتشددة أحادية التفكير التى تفكر بطريقة «من ليس معى فهو ضدى»، «من لا يوافقنى الرأى فهو ضد الله»، الإمام الشافعى يقول «رأيى صحيح يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب»، وجاء بالقرآن الكريم «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين» ولم يقل نحن على هدى وأنتم فى ضلال مبين. ■ هل هناك نية أن تكون هذه الحملة عالمية؟ - هذه الحملة حتى الآن مصرية خالصة، وأعلم أن هناك فى الأردن والمغرب من غيروا البروفايل وتفاعلوا مع الحملة، كما أن هناك مسلمين ومسيحيين شاركوا فيها. ■ هل غياب الفكر الوسطى بين الشباب يعنى غياب دور الأزهر فى الفترة الراهنة؟ - لولا الأزهر لكان الأمر فى منتهى الخطورة، والأزهر كغيره من المؤسسات الأخرى تعتريه مشاكل ومازال الأزهر هو الحصن الحصين للإسلام بوسطيته واعتداله ومازال يعلم كل المبعوثين القادمين من العالم ليعودوا لبلادهم يحملون الفكر الوسطى. ■ هل لقاء شيخ الأزهر بكم والدكتور يوسف القرضاوى بداية انفتاح للأزهر على الأفكار والتيارات التى تعبر عن الوسطية؟ - هذا دليل على دور الأزهر الشريف، ولا تنس أن الوقت الحاضر يحتاج إلى تكاتف الجميع. ■ ولماذا كان لقاؤكم بشيخ الأزهر سراً؟ - لم يكن اللقاء سراً، وأنا صرحت بذلك فى وسائل الإعلام. ■ ما النجاح الذى تتوقعه لهذه المبادرة وكيف يبلغ عدد الأشخاص المتضامنين معها؟ - نتمنى أن نصل ل 2 مليون بروفايل و50 ألف نشاط ولو وصلت القائمة التى تسعى لرصد الكلمات التى تساعد على التحريض لمليون نكون قد حققنا الأهداف المعلنة ويبقى النجاح الكبير أن تتحول هذه المبادرة إلى ثقافة دائمة.