العاصمة الإدارية تطرح 16 وحدة تجارية بالإيجار في الحي الحكومي    طائرات الاحتلال تقصف منزلًا لعائلة "داود" في حي الزيتون جنوب شرقي غزة    طاقم تحكيم مباراة الإسماعيلي والداخلية في الدوري المصري    صفقة سوبر على أعتاب الأهلي.. مدرب نهضة بركان السابق يكشف التفاصيل    ميدو يوضح رأيه في اعتراض الزمالك على حكام نهائي الكونفدرالية    نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    الزمالك يشكر وزيري الطيران والرياضة على تسهيل سفر البعثة إلى المغرب    قبل نهائي الكونفدرالية.. نجم الزمالك يسافر إلى اليونان للاتفاق مع فريقه الجديد    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    ميدو: اعتراض الزمالك على وجود حكام تونسيين في نهائي الكونفدرالية ذكي للغاية    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    "لا نريد وسيطاً".. فتح: نطالب بانسحاب إسرائيل من معبر رفح|فيديو    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم صلاح قيادي الإخوان بسويسرا: أنشطتنا الاقتصادية فردية
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 12 - 2010

يحمل الحديث مع القطب الإخوانى إبراهيم صلاح، المقيم فى سويسرا، وجهين، وجه يراوغك فى الحديث حينما يتعلق الأمر بالشأن المصرى أو بشؤون الإخوان، ليظهر الحرص على كل كلمة أو تعليق، ووجه آخر عكس الأول يمتلك المعلومة حاضر الذهن، بشأن الحاضر والماضى وجميع التفاصيل، حينما يتعلق الحديث بالشأن العام للمسلمين فى بلاد الغرب وقضاياهم المثيرة للجدل. يبرر لك إجاباته بأنه بعيد عن الصورة الداخلية ولا يعلم عنها إلا ما ينشر فى وسائل الإعلام، وقريب من بلاد الغرب، خاصة سويسرا التى قضى فيها معظم سنوات عمره منذ ترك مصر مهاجرا فى عام 1957 بعدما سُدت فى وجهه أبواب الرزق عقب خروجه من المعتقل بعد انتهاء فترة اعتقاله بصفته واحداً من الإخوان المسلمين.
فى الغربة عاش الحياة بحلوها ومرها، ولكنه لا يبوح إلا بما ترغب فيه نفسه حتى لو لم يكن أمراً ذا بال. لا يهتم بما قيل عنه وهو الكثير، فتارة يصفونه بأنه رجل متعدد العلاقات فى العالم الغربى والعربى وأنه مسؤول العلاقات الخارجية للإخوان فى أوروبا، وأخرى يتهمونه فيها بأنه العامل الرئيسى فى تصفية بنك «التقوى» وصاحبه الإخوانى، أيضاً، يوسف ندا، وثالثة بأنه صاحب المبادرات السياسية ومرجعية متخصصة فى أحوال المسلمين سواء داخل سويسرا أو فيما يجاورها من بلدان أوروبية. يبرر إقامة عدد من الإخوان فى سويسرا بما تمنحهم إياه من حرية وعدالة وأمان. هكذا دار حديث «المصرى اليوم» مع الرجل أثناء زيارته الأخيرة لمصر، . فإلى نص الجزء الأول من الحوار:
■ يتردد اسمك بين الحين والآخر فى العديد من المناسبات التى تتعلق بالإخوان. ولكن لا أحد يعرف على وجه اليقين التعريف الذى تعرف به. فكيف تقدم نفسك؟
- لا تهم المسميات، ولكن أنا المهندس إبراهيم صلاح، أقيم فى سويسرا منذ سنوات بعيدة، وإن شئت فأنا مفكر إسلامى، أو ناشط سياسى، أو عضو إخوانى، أو رجل أعمال ذو باع فى عالم المال بالإضافة إلى أننى مسجل، دولياً، باسمى اختراعات من بينها أول ساعة إسلامية تحدد مواقيت الصلاة. هذا هو إبراهيم صلاح فى كلمات، وللقارئ أن يختار منها ما شاء.
■ ماذا تعنى كلمة ناشط سياسى فى سويسرا؟ وأى الأنشطة السياسية التى تمارسها هناك؟
- ارتبط نشاطى فى سويسرا على وجه الخصوص وأوروبا بشكل عام، بمصالح الجالية الإسلامية فيهما، حيث كنت رئيساً الجالية الإسلامية فى سويسرا حتى نهاية عام 2008 ، وارتبطت بحكم إقامتى واهتماماتى فى سويسرا بعلاقات مع المسؤولين بالحكومة السويسرية، وبعض المسؤولين فى الاتحاد الأوروبى بشكل منحنى شبكة من العلاقات من جميع الأطياف.
■ ولكن لماذا يرتبط اسمك فى بعض الأحيان بعمليات سياسية ذات طابع مخابراتى؟
- أتواصل مع الجميع ولى علاقات مع مسؤولين من الغرب وفى البلاد الإسلامية، ولكننى لم أتدخل فى أى عمليات سياسية أو مخابراتية لتلك البلاد.
■ ولكنك قمت بمبادرات سياسية مهمة وسرية، لعل أشهرها تلك المتعلقة بتسوية النزاع بين إيران والعراق قبل قرار وقف إطلاق النار الذى صدر عام 1988 من قبل الأمم المتحدة؟
- نعم هذا صحيح وهو أمر يفرضه علىَّ دينى عندما أرى طرفين مسلمين يتنازعان ولا يخدم صراعهما سوى مصالح دول أخرى كأمريكا وإسرائيل اللتين أفشلتا الاتفاق وفرضتا آخر من قبل الأمم المتحدة. وهكذا منحتنى ظروفى المكانية وعلاقاتى الشخصية الوسيلة للتدخل، ولكن دون أن تكون لى علاقة بأجهزة المخابرات.
■ وعلى أى أساس قامت تلك المبادرة التى لم تتكلل بالنجاح؟
- قمت بعمل محادثات بين الطرفين وكدت أقنعهم بإعلان وقف إطلاق النار بشكل يسمح بحفظ ماء الوجه لكليهما، ووضع صيغة تحمى حقوقهما، وكان الحل المطروح هو إعلان وقف الحرب بلا غالب ولا مغلوب، وحل مشكلة الحدود بينهما، وتكوين مجلس قومى لأمن الخليج يضم السعودية والعراق وإيران وباقى دول الخليج وتكون له قدرة السيطرة على المضايق والممرات المائية وحمايتها فى المنطقة مع حفظ حقوق كل دولة، ووضع برنامج للتنمية ودفع التعويضات. ولكن كما قلت عرقلت إسرائيل وأمريكا التسوية حتى أعلنت إيران قبول قرار الأمم المتحدة الخاص بوقف إطلاق النار.
■ اتهمك يوسف ندا بأنك أحد أسباب تصفية بنك التقوى الذى كان يرأسه ويديره.. ما صحة ذلك؟
- اتهام بلا دليل، ومناف للحقيقة ونشرت بياناً كذبت فيه تلك الادعاءات. ما حدث أن البنك كانت عليه علامات استفهام كثيرة، خاصة بطبيعة ما يقوم به من أنشطه اقتصادية، من قبل السلطات السويسرية التى تراقب البنوك الإسلامية مثل بنك «فيصل»، و«دار المال الإسلامى»، وبنك «التقوى»، وكلها إجراءات عادية تأتى فى إطار العمل البنكى هناك. وكان للحكومة السويسرية تحفظات كثيرة على نشاط بنك «التقوى» وسألوا يوسف ندا عن نشاط البنك، ومكان مقره الرئيسى، وكانت الإجابة أن البنك موجود فى البهاما. وفى آخر مرة قالوا له إنه يوزع فى العام الواحد أرباحاً تتراوح بين 10 و15 مليوناً، وسألوه عن كيفية جمع تلك الأرباح، وهوية من يقوم بها، والبورصات التى يتعامل معها، والأوراق الخاصة بتلك العمليات، فأجابهم بأن كل هذا موجود فى البهاما، وكان ذلك فى محضر رسمى بحضور مجموعة من المسؤولين السويسريين المعروفين، وأعرف رئيس تلك اللجنة معرفة شخصية. وهنا أريد توضيح جزئية مهمة، هى أننى، وبحكم علاقاتى مع الحكومة السويسرية ومعرفتى بشؤون الجالية الإسلامية، فغالبا ما يتم اللجوء لى فى حال حدوث أى مشكلة يكون أحد أطرافها من المسلمين،
كما أنهم استدعونى فى تلك القضية لأخذ أقوالى فيها كشاهد، لأن اسمى كان ضمن قائمة المؤسسين. وأذكر أن رئيس لجنة التحقيق مع يوسف ندا قال لى، وقتها، إن سويسرا دولة منظمة ولديها سفارة فى البهاما ومكتب مخابرات، والأمر لن يستغرق سوى عدة ساعات لمعرفة أين يوجد بنك التقوى والاطلاع على أوراقه وأنشطته. وهو ما حدث ليكون الرد أنه لا يوجد بنك ولا يوجد موظفون ولا وثائق رسمية، وكل ما يوجد هناك لا يزيد عن صندوق بريد تصل عليه الرسائل، فتتم إعادة إرسالها فيما بعد إلى المسؤولين فى «لوجانو»، حيث مكتب لبنك «التقوى». وقال لى مسؤول لجنة التحقيق السويسرية، بعد معرفته بتلك المعلومات، إن سويسرا ليست جمهورية من جمهوريات الموز حتى تنخدع بأى معلومة، وعلى هذا الأساس صدر قرار بعدم استخدام اسم البنك أو استقبال أو إرسال رسائل تحمل اسمه من داخل سويسرا.
■ وما طبيعة أنشطة البنك فى سويسرا؟
- البنك لم يكن له من الأساس أى نشاط فى سويسرا، فقط مكتب فى «لوجانو» تصله قائمة الأرباح، فيقوم بإرسال خطابات للمساهمين بنصيب كل منهم فى الأرباح، ثم إيداعها عبر الكمبيوتر فى الحسابات الخاصة بهم، بعد ذلك بعام أعلن يوسف ندا أن البنك خسر 28% من رأسماله وأنه لن يوزع أرباحاً لمدة عامين، وما هى إلا أشهر حتى أعلن إفلاس البنك، ولذا لا علاقة للحكومة السويسرية أو لى بما أعلنه الأخ يوسف من أننى وراء تصفية البنك. والمشكلة بالنسبة للحكومة السويسرية كانت مسألة مصداقية، والدليل أنهم زاروا بنك «فيصل» وبنك «دار المال» ولم يكن هناك أى اعتراضات عليه. وبعد إعلان إفلاس البنك أراد بعض المسلمين معرفة كيفية خسارة البنك لكل ماله، ولكن الحكومة السويسرية قالت إن هذا شأن لا يخصها، لأن كل ما يخص البنك ليس على أرضها، ولكن فى جزر البهاما، كما كان يدعى يوسف ندا.
■ فى رأيك لماذا وجه لك الاتهام بشكل صريح؟
- لا أعرف دوافعه، ولكن كل علاقتى بتلك القضية هى حديث المسؤولين السويسريين معى، واطلاعى على تفاصيل القضية، بالإضافة إلى أنهم سألونى عما إذا كان البنك يمول الإرهاب أم لا، فنفيت ذلك بشكل قاطع وتلك حقيقة، ثم سألونى عن أى معلومات عن البنك ونشاطه فنفيت ذلك.
■ لكن كانت هناك معلومات متناثرة عن أنشطة البنك وأثار بعضها علامات استفهام؟
- نعم وهذا ما قالته لجنة التحقيق السويسرية مع يوسف ندا، وعلمت أن هناك علامات استفهام حول بعض العمليات التى قام بها البنك، ومن بينها شحنة حديد قام البنك ببيعها لإيران رغم الحظر الدولى المفروض عليها، وشكت منها إيران ذاتها لوجود تلاعب فى البيانات الخاصة بدولة المنشأ، وهو شىء غير مقبول فى الخارج.
■ قد تفتح قضية بنك التقوى باب الحديث عن وجود بنوك فى الخارج تمول أنشطة الإخوان المسلمين فى الداخل، ما صحة ذلك؟
- هناك بنوك كثيرة فى الخارج ذات محافظ إسلامية، والإخوان لديهم أنشطة اقتصادية فى جميع أنحاء العالم ويضعون أموالهم فى مؤسسات اقتصادية كثيرة كأفراد وليس كتنظيم، كان منها بنك التقوى، الذى قال عنه المرشد الراحل مأمون الهضيبى، إن علاقة الحركة به لا تزيد عن استثمار بعض الأعضاء لأموالهم من خلاله.
■ تقيم فى سويسرا وكذلك يوسف ندا، وعدد آخر من الإخوان، هل تمنحكم سويسرا مناخاً لممارسة أنشطتكم أكثر من أى بلد آخر؟
- سويسرا بلد متعدد الحضارات والثقافات والديانات، ولذا هو مجتمع مفتوح يتسع للجميع، مهما كانت انتماءاتهم السياسية أو الدينية، طالما أن المواطن يحترم القانون ودستور البلاد. وللفرد فيها حق ممارسة أى نشاط فكرى أو سياسى أو دينى لا يعتدى به على حرية الآخرين. وعلى طيلة سنوات حياتى هناك لم أشعر بوجود أى قيود على حريتى فى ممارسة ما أريد أن أقوم به، ولم أشعر فى أى يوم من الأيام بأن هناك ضغوطاً علىَّ أنا شخصيا أو على أى مسلم هناك، طارق رمضان، حفيد حسن البنا، يجول ويصول فى سويسرا ويقول ما يحلو له دون أن يمنعه أحد. لقد تركت مصر عام 1957 وكان عمرى 27 عاماً تقريباً، وقتها كنت خارجاً لتوى من المعتقل، الذى قضيت فيه فترة دون تهمة ولكن لمجرد أننى من الإخوان، تخيلى شاباً فى مقتبل العمر يسجن بلا سبب، ثم لا يجد فرصة كى يعمل، فأدركت ألا حياة لى هنا، وكان قرار الهجرة.
■ لايزال الناس فى العالم العربى يتذكرون قضية بناء المآذن فى سويسرا. كيف ترى تلك الأزمة.. مشكلة تعايش أم اختلاف ثقافات؟
- تلك مسألة تحتمل العديد من الأمور ولكى نفهمها علينا النظر لها من جميع الجوانب التاريخية والحالية، وجزء من مشكلة المآذن نابع من عدم إدراك المسلمين المتواجدين فى أوروبا لطبيعة تكوين الفكر الأوروبى، وتاريخ الصراعات الأوروبية، التى شكلت ذلك الفكر، أو خصوصية ذلك المجتمع بشكل بات يسبب للمسلمين المشاكل، فمن المعروف على سبيل المثال أن أوروبا شهدت العديد من الصراعات الدينية والثقافية، وكان المبدأ السائد إلغاء الآخر لا قبوله، فكانت الحروب بين البروتستانت والكاثوليك، ومسألة طرد اليهود، والحروب بين الأعراق المختلفة كالجرمان والساكسونيين. ومهما تحدث الأوروبيون عن قناعاتهم بقبول الآخر وحرية الرأى والعقيدة والتعايش بين الحضارات، إلا أن جزءاً من معتقداتهم لا يمكن تغييره، ولو عرف المسلمون فى أوروبا ذلك التاريخ لأدركوا أن نظرة أوروبا للآخر هى إلغاؤه أو حصره فى مهن بسيطة.
■ ولكن هل كانت تلك النظرة موجودة دائماً؟
- الأمر يختلف، فتاريخ الوجود الإسلامى فى أوروبا حديث، فحتى عام 1970 لم يكن فى سويسرا على سبيل المثال سوى 30 ألف مسلم، وفى ألمانيا نحو 100 ألف مسلم، وكذلك معظم دول أوروبا، التى ارتبط التوافد الإسلامى إليها بانتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور الحاجة لأيدى عاملة لرفع الأنقاض وتعمير البلدان المدمرة وبناء الاقتصاد، فتم فتح الباب للهجرة وإنهاء جميع الإجراءات القنصلية بيسر وبمجرد وصولهم كان تنتظرهم الإقامة والسكن وسمح لهم بإحضار أسرهم، وطالما سار الاقتصاد الأوروبى كما يريد الأوروبيون كان استقدام العمالة وفتح باب الهجرة أمراً مقبولاً.
ولكن مع تراجع الرخاء الاقتصادى، قلت الحاجة لوجود عمال من خارج أوروبا، وبخاصة مع توقيع اتفاقية السوق الأوروبية المشتركة، التى كونت نواة الاتحاد الأوروبى، وتم الاتفاق على الاكتفاء بالعمال الموجودين بالسوق، وتقييد دخول عمال جدد. وتفاقم الأمر بأحداث 11 سبتمبر وبدأت الأصوات المعادية للمسلمين فى التنديد بوجودهم، وتزامن هذا مع صعود التيار اليمينى المتطرف فى أوروبا.
■ هل تنحصر القضية فى عدم فهم المسلمين للفكر الأوروبى؟ أم فى تماديهم فى التمتع بحريات المجتمعات التى يعيشون فيها؟
- هذا جزء آخر يتعلق بفقه الأقلية المسلمة فى المجتمعات غير المسلمة، والذى لا يستوعبه الكثيرون منهم، فهذا الفقه ينص على احترام مبادى الأغلبية وخصوصيتهم، وعدم الإتيان بما يثير مخاوفهم ضد المسلمين، ودليلنا فى الإسلام هو هجرة المسلمين الأوائل للحبشة، وكيف أنهم لم يقوموا بالدعوة للإسلام أو التسفيه من العقائد الموجودة بها، وقبلوا بالأمان الذى منحه لهم النجاشى، وهناك فتوى لابن تيمية نشرها على بالحاج الجزائرى، ويعرف عنه تشدده، فى كتاب «فصل الكلام فى ظلم الحكام»، وتنص الفتوى على أنه لا يجب على المسلمين المقيمين فى الغرب أو أطراف الأمة الإسلامية إثارة مخاوف الأغلبية. حتى فى المظهر، مثل ارتداء الجلباب أو إطلاق اللحية، أو حجاب النساء وأن التزموا الاحتشام، أو رفع المآذن حتى لا يثيروا مخاوف السكان الأصليين ضدهم، وكل هذا لم يرعه المسلمون فى الغرب واستغله اليمينيون ضد المسلمين واتهموهم بأنهم سبب الأزمة الاقتصادية فى أوروبا.
■ هل عند الغرب حق فى الخوف من الإسلام؟
- هذا يتوقف على فهم الآخر لما أقوم به، فهناك جماعة فى سويسرا تتحدث عن «أسلمة» سويسرا وأوروبا، واجتمعت ببعض منهم وسألتهم: هل قرأتم القرآن؟ فقالوا لا، فسألتهم هل يعرفون قيم الإسلام وتعاليمه؟ فقالوا: لا. فسألتهم إن كانوا يعرفون كيف دافع القرآن عن المسيح والسيدة العذراء؟ فقالوا: لا، فقلت لهم إننى مسيحى أكثر منهم لأن القرآن ينص على ذلك. ثم سألتهم عما يقصدون بكلمة «الأسلمة»، وأيهما يؤسلم سويسرا بناء المآذن أم دخول الناس فى الإسلام؟ فلم يجيبونى. فأخبرتهم بأننا لا نجبر أحداً على دخول الإسلام لأنه لا إكراه فى الدين، وأن عليهم احترام حرية عقيدة الآخر كما ينص على ذلك الدستور. والحقيقة أن التمسك بالدين فى أوروبا تمسك سطحى، لأن هناك إرثاً أوروبياً ربط بين النهضة الحقيقية والتحرر من سلطة الكنيسة فى عصور النهضة. ولذا فالتدين شىء لا يمثل الكثير للأوروبيين، على عكسنا فالتقدم العلمى الإسلامى ارتبط بالدين، وهو ما عبر عنه شعار الثورة الفرنسية الذى كان يقول: «اقتلوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس». ولذا فعدم تغلغل الدين فى حياة الأوروبيين ليس بسبب المسلمين ولكن بسبب موروثهم الثقافى والدينى.
■ ولكن الغرب يخشى من تغير التركيبة السكانية لصالح المسلمين؟
- هذا صحيح ولكننا لسنا المسؤولين عن ذلك. فالقضية ذات جذور تعود للفترة التى تلت الحرب العالمية الثانية، لأن متوسط عدد الأسرة الأوروبية قبل الحرب كان 5 أو 6 أفراد مثلنا، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية ومع شعور السكان بالرخاء الاقتصادى تغير العديد من المفاهيم المتعلقة بالحرية الشخصية وعدم الالتزام بمؤسسة الزواج وتكوين أسرة وإنجاب أبناء. ودخلت لنفوس الأوروبيين النزعة لتكوين ثروة والتمتع بالحياة فتراجع معدل الإنجاب، فى إسبانيا يقدر ب 1.1 وإيطاليا 1.2 وفى سويسرا 1.4 وحتى تلك النسبة يساهم فيها الأجانب، وهذا يؤثر بالطبع على التركيبة الديموجرافية للسكان فى أوروبا عموماً، فى الوقت الذى تساعد فيه ظروف المعيشة فى أوروبا على أن ينجب المسلمون، والأوروبيون لا يستطيعون إرجاع الأمور حتى إن بعض التوقعات تقول إنه فى خلال نصف قرن سيكون نصف سكان فرنسا مسلمين، وكذلك روسيا، حتى إنه فى ألمانيا يقولون إنه مع نهاية القرن سينتهى العنصر الجرمانى، وليس للمسلمين دخل فى ذلك ولا يقومون به عن عمد، هناك مشكلة أخرى تواجه أوروبا فلكى يستمر الرخاء الأوروبى فلابد أن يفد لها كل سنة مليون مهاجر مع كل التحفظات على قدوم المهاجرين لأنهم يتناقصون. وعندما قيدوا الهجرة وجعلوها قاصرة على البلدان الأوروبية لم يحلوا المشكلة لأن التناقص مستمر فى كل البلدان، ولذا لا يجدون أمامهم سوى فتح الباب للهجرة من المنطقة العربية.
■ هل تمتد نفس النظرة المتخوفة للمسلمين فى الشرق الأوسط؟
- تلك مسألة أخرى لأن المسيحية كانت موجودة فى عدد من بلاد المنطقة حتى مجىء الإسلام، الذى حرر أهل تلك البلاد من سوء استغلال الرومان لهم. ولكن ظلت النظرة للشرق الأوسط على أنه منطقة كانت ذات سيادة مسيحية ولذا وقعت الحروب الصليبية. ورغم مرور السنوات فإن تلك النظرة استمرت لدى البعض، ولذا كانت إسرائيل لتحقيق الوجود الغربى فى المنطقة وتأمين مصالحه فيها.
■ نعلم طبيعة العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن ما حقيقة الاتجاهات الأوروبية تجاه إسرائيل؟
- أوروبا تشعر اليوم بأن إسرائيل عبء وخطر على مصالحها، وتبلور هذا بعد أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من حروب فى المنطقة، خاصة مع تأثر الاقتصاد الأوروبى بعدما دخل فى تلك المتاهات، فباتت تبحث عن مخرج من تلك الأزمة، خاصة مع قناعة بات يشعر بها الأوروبيون مفادها أن عصر الهيمنة الأمريكية انتهى، حتى فكرة السيطرة العسكرية الأمريكية باتت محل شك لأنها لم تنتصر فى أى حرب، هى فقط تدمر لكن لا تحقق انتصاراً وكذلك إسرائيل، فهى أعجز من الانتصار فى أى حرب بمفردها. ولذلك تدرك أوروبا أن المنطقة يحكمها مبدأ «توازن الرعب». فإسرائيل لا تستطيع مهاجمة أى دولة فى المنطقة دون أن تخرج بخسائر. فى الوقت الذى تشعر فيه أوروبا بالقلق من استمرار المشكلة الفلسطينية لأن أى انفجار سيصيبها هى وليس أمريكا البعيدة فى غرب العالم. كل هذا يجعل نظرة أوروبا للمنطقة مختلفاً خصوصاً مع صعود أكثر من نموذج إسلامى فى تركيا وإيران، وبعض الحركات الإسلامية.
■ فى ضوء المعطيات الحالية. كيف ترى مستقبل الإخوان سواء على الصعيد المحلى أو الدولى؟
- الاتجاه الإسلامى سيظل فى مصر لأننا شعب غالبيته من المسلمين، وقد يكون الإخوان عنواناً لحركة إسلامية، لكن الاتجاه الموجود فى مصر والعالم العربى كله إسلامى، وجماعة الإخوان بدأت منذ أكثر من 80 سنة وستستمر فى المستقبل ولن تختفى. وكل المراهنات على اختفائها فشلت. كما أنها لن تتوارى لأن الإسلام متشعب فى المواطن المصرى.
■ هل يؤمن الغرب بأن الحركات الإسلامية يمكن التعامل معها كبديل للأنظمة الحالية فى حالة اندلاع ثورات لتغيير أنظمة الحكم؟
- الغرب يعلم أنه لو قامت انتخابات حرة من الخليج للمحيط، فستصعد الحركات الإسلامية، وقد سمعت من أكثر من مسؤول أوروبى معلومات عما تعانيه المنطقة العربية من فساد وانتهاك لقوانين حقوق الإنسان، وكيف أن تلك الأوضاع لا تترك اختياراً آخر أمام الشعوب سوى الحركات الإسلامية. ولا أرى أن الحركات المعتدلة كالإخوان، لديها عداء مع الغرب، حتى إيران. فالغرب يعرف أنه ليس من بين مخططات إيران معاداته فى حروب، ولكن ما يقلق الغرب هو هل تقبل الحركات الإسلامية تلك بوجود دولة إسرائيل فى إطار من العلاقات الدولية؟ وعدم وجود إجابة عن هذا السؤال هو ما يجعل إسرائيل لديها رغبة فى شن حرب فى المنطقة، تورط فيها أوروبا قبل أن تنفضها من حساباتها.
■ هل لاتزال الديمقراطية فى المنطقة على قائمة أولويات الغرب كما كانت منذ سنوات؟
- الغرب يوازن الآن بين احتمالات مصالحه. فالتضحية بالأنظمة غير الديمقراطية أو الديكتاتورية فى ظل غياب أنظمة بديلة شىء غير مأمون العواقب له، ولذا فالديمقراطية قضية مؤجلة حتى إشعار آخر فى علاقة المنطقة مع الغرب، أو لحين العثور على أنظمة مقبولة تتحقق معها مصالح أوروبا والولايات المتحدة.
■ هل يمكن تطبيق النموذج الإسلامى التركى فى العالم العربى؟
- هذا النموذج خاص بتركيا لأن التجربة السياسية الأخيرة كانت تواجه العلمانيين، وقبلت أن يكون هناك فصل بين الدين والسياسة، ولكن تلك الإشكالية غير موجودة فى العالم العربى ولا توجد لدينا دولة عربية إسلامية تطالب بالفصل بين الدين والسياسة. كل دولة تضع فى مادتها الأولى من الدستور أن الإسلام هو الدين الرسمى ومصدر التشريع.
■ لكن هناك مطالبات حالية فى بعض البلدان بفصل الدين عن الدولة وتفعيل مبدأ المواطنة. فما رأيك؟
- المواطنة منصوص عليها فى الدستور، والإسلام أول من أقام المواطنة، والدليل وثيقة المدينة التى اعترفت بحقوق اليهود وواجباتهم وانضم لها نصارى نجران فى نظام فيدرالى فريد.
■ إذن هل تقبل برئيس دولة مسيحى فى مصر؟
- وهل يسمح القانون الإنجليزى بأن يأتى للملك شخص من غير العائلة الحاكمة.. وهل يسمح الدستور الإسبانى بأن يحكم شخص أرثوذكسى.. وهل تسمح بذلك حكومات النرويج؟!.. أوباما يحلف بأغلظ الإيمان أنه غير مسلم حتى اليوم، تلك نصوص غير مكتوبة لكن يعمل لها حساب.
المسلمون فى سويسرا من الحاصلين على الجنسية ويخدمون فى الدولة ويقضون فترة التجنيد ويحيون العلم السويسرى الذى يحمل صليبا، دون أى غضاضة، لأننا جزء من الدولة هناك طالما نحمل الجنسية والأكثر من هذا، وهو ما قلته فى مجلس الأمن القومى السويسرى، إنه لو قامت حرب بين سويسرا وبلد عربى، فلن أقف فى صف الدولة المسلمة ولن أخون سويسرا طالما أحمل جنسيتها التى هى بالنسبة لى كالميثاق. ولو أردت الوقوف فى جانب الطرف العربى، فسأترك سويسرا وأرحل عنها أولا. ولكننى كأقلية يجب ألا أفرض عليهم قناعاتى أو أطلب منهم تغيير مفاهيم خاصة بهم.
■ إذن تنظر للمسيحيين فى مصر كأقلية؟
- هم أقلية وهذا لا ينتقص من قدرهم على شىء. على سبيل المثال فى سويسرا يقولون إن 10% من المجندين مسلمون، ولذا سيقدمون لهم طعاماً خاصاً بهم يخلو من لحم الخنزير، فهل هذا ينتقص من قدر المسلمين؟ بالطبع لا. ليس طبيعيا أن تفرض الأقلية رأيها على الأغلبية وإلا صارت ديكتاتورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.