اهتمت الصحف الأجنبية ووسائل الإعلام العالمية، الأحد، بمتابعة جولة الإعادة فى انتخابات مجلس الشعب، معربة عن تشككها فى نتائج ما سمته «الفوز الكاسح» للحزب الوطنى الحاكم. وقالت إن هذه الانتخابات ستضم مصر إلى مصاف دول «الحزب الواحد»، مشيرة إلى أنه تم إجراء تلك الانتخابات بمعزل عن «النزاهة والشفافية»، محذرة فى الوقت نفسه من تسبب هذه الانتخابات فى «تطرف المعارضة». وقالت صحيفة «واشنطن بوست» فى افتتاحيتها، الأحد ، بعنوان «من يخاف مصر؟»، إنه يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما «خائفة» من النظام المصرى، فى الوقت الذى لابد فيه أن يكون كل شاغلها هو هوية خليفة الرئيس مبارك فى الحكم. وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من «استهزاء» مصر بالحقوق الديمقراطية، فإن الولاياتالمتحدة ترد عليها ب«لطف»، لافتة إلى أن المصريين والأمريكيين المعنيين انتظروا بفارغ الصبر معرفة رد فعل إدارة أوباما على «المهزلة» الانتخابية، التى جرت يوم الأحد الماضى، إلا أن البيت الأبيض ظل صامتاً حتى يوم إعلان النتيجة. ولفتت الصحيفة إلى أن كل ما صدر عن الولاياتالمتحدة كان تعليقات «خائفة» و«متوازنة»، ولا تُنسب إلى الرئيس أوباما أو وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، أو حتى الناطقين باسمهما. وأوضحت الصحيفة أن رد القاهرة كان أكثر مباشرة، حيث إنها رفضت بصراحة «التدخل غير المقبول فى الشؤون الداخلية المصرية»، مؤكدة أن شعوب العالم تراقب تبادل التعليقات بين مصر والولاياتالمتحدة، «متعجبين» من «ضعف» واشنطن. وتابعت الصحيفة أن الانتخابات البرلمانية هذا العام كانت خطوة واضحة بعيداً عن الديمقراطية أو حتى الإصلاح السياسى المحدود، ودعوة لتطرف المعارضة المتنامية، منبهة إلى أن استمرار النظام المصرى فى ممارسة سياسة «القمع» سيخاطر بالاستقرار فى مصر. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سى» إن السؤال الرئيسى هو ليس من سيفوز فى الانتخابات، ولكن السؤال هو ما إذا كانت النتيجة لديها أى مصداقية أم لا، مؤكدة أن نتيجة جولة الإعادة ستضم مصر إلى دول «الحزب الواحد»، وأن الفوز الكاسح للحزب الوطنى الديمقراطى سيسبب له إحراجاً. وأوضحت «بى.بى.سى» أن فوز الحزب الوطنى الساحق لم يكن مشكوكاً به، إلا أنه كان من المتوقع أن يفسح المجال للمعارضة من أجل إقناع المصريين والعالم بأن هذا البلد يتمتع بديمقراطية نابضة بالحياة. وأضافت أن الجميع فى مصر يتطلع إلى الانتخابات الرئاسية فى نهاية العام المقبل، موضحة أن الحزب الوطنى افتقر إلى الانضباط فى تنظيم الانتخابات البرلمانية، لذا فإنه من الصعب الوثوق به فى تسليم السلطة لخليفة جديد، متوقعة حدوث كثير من الجدل داخل الحزب وفى البلاد ككل. ومن جانبها، قالت وكالة «أسوشيتدبرس» الأمريكية، إن المصريين ذهبوا لصناديق الاقتراع فى الإعادة البرلمانية وسط اتهامات بالتزوير والترهيب، مضيفة أن جولة الإعادة ستؤكد الفوز الساحق للحزب الوطنى الديمقراطى بعد انسحاب حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين، مؤكدة عدم وجود أى علامة على تحسن إقبال المصريين على التصويت فى جولة الإعادة. وأوضحت الوكالة أن عدم مشاركة حزب الوفد و«الإخوان» بجولة الإعادة سيضمن برلمانا يتكون أعضاؤه من أعضاء الحزب الوطنى فقط، مع بعض المقاعد للمستقلين والأحزاب الصغيرة، معتبرة أن ذلك سيأتى بنتائج عكسية للنظام، حيث إنه سيقضى على أى مظهر خارجى لإجراء انتخابات نزيهة وسيحرمه من أى شرعية ديمقراطية. وتابعت الوكالة: «قرار الانسحاب سيعمق الإحباط من هيمنة الحزب الوطنى على السلطة على الرغم من الوعود المتكررة للإصلاح». من جانبه، قال المحلل السياسى والمؤرخ العسكرى البريطانى جوين داير، فى مقال له بمجلة «ستريت» الكندية، إن الانتخابات المصرية يمكن التنبؤ دائماً بنتيجتها، مضيفاً أن الجولة الثانية «لا فائدة منها»، حيث إن الجولة الأولى، التى أجريت الأحد الماضى أظهرت أن النظام سيقوم ب«قمع» الدور «الهامشى» للأحزاب المؤيدة للديمقراطية. وتابع «داير» أن النظام المصرى يحاول دائماً الحفاظ على واجهة الديمقراطية «المزيفة»، ولكنه لا يرغب، فى هذا الوقت الحساس، فى وجود معارضة كبيرة وصاخبة فى البرلمان الجديد، معتبراً أن ذلك سيجعل انتخابات الرئاسة فى العام المقبل بمثابة «وصمة عار» على جبين الديمقراطية. وأكد «داير» أن «المصريين فقدوا الأمل، وقبلوا ما يرون أنه لا يمكن تغييره»، منبهاً إلى «وجود الكثير من الغضب تحت يأس الشعب المصرى، وأنه يوما ما سيخرج».