كانت مصر تعتزم إنشاء ناطحة سحاب فى مدينة الإسكندرية، وأخرى فى القاهرة، غير أن المشروع تعثر دون إبداء أسباب، ورغم أن المصريين هم أول من شيدوا الأهرامات شاهقة الارتفاع، إلا أنها تخلو من ناطحات السحاب وهى المبانى التى يزيد ارتفاعها عن 200 متر، وتنتشر فى عدد من الدول، منها هونج كونج التى تعتبر أكثر المدن احتواءً على ناطحات السحاب، حيث يوجد بها 39 مبنى يزيد ارتفاعها على 200 متر، وولاية شيكاغو الأمريكية التى تحتوى على 17 ناطحة سحاب، وشنغهاى الصينية 18 مبنى، ومانهاتن الأمريكية وبها 44 مبنى، والعاصمة اليابانية طوكيو وبها 15 ناطحة، وسنغافورة بها 8، ومدينة تورنتو الكندية وبها 7، والعاصمة الماليزية كوالالمبور وبها 25، والعاصمة الكوريه سيول وبها 10 ناطحات. قال الدكتور ممدوح حمزة، الاستشارى الهندسى العالمى، إنه لا توجد أسباب فنية أو هندسية تتعلق بطبيعة التربة، تحول دون إنشاء ناطحات سحاب فى مصر، موضحاًُ أن هناك سفناً مكونة من 10 طوابق أو أكثر تقام على الماء وهو وسط لا يتحمل أى جهد، لافتاً إلى أن عدم وجود ناطحات سحاب فى مصر يتعلق بالقانون الذى يحدد ارتفاع البناء ب 36 متراً فقط، مشيراً إلى وجود استثناءات حالياً على هذا الارتفاع. وتساءل حمزة: «لكن لماذا ننشئ ناطحات سحاب فى مصر، فهذا النوع من العقارات لا يلائمنا، لأننا لسنا بحاجة إلى ما يزيد من تعقيد الطبيعة النفسية والاجتماعية للمصريين، خاصة أن وضع مثل هذا العدد من السكان والذى يعادل سكان مدينة، أمر يتخلف عنه بالطبع المزيد من الأمراض الاجتماعية والنفسية للمواطنين، بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بأمن وتأمين هذا النوع من العقارات، مثل خدمات الدفاع المدنى والحريق، وصعوبة إمدادها بالمرافق والطاقة، وصعوبة التعامل مع نفاياتها، كما أنه لا حاجة لنا بالناطحات، خاصة أن 96% من مساحة مصر صحراء خالية». واعتبر حمزة أن ناطحات السحاب هى منتج للرأسمالية المتوحشة التى تعتمد على منطق «ابنى أعلى تكسب أكثر» دون أن يكون بها أى جماليات معمارية، وأضاف: «إذا رغبنا فى مصر فى استعراض عضلات عقارية، فيمكننا أن نبنى برج قاهرة جديداً، أو زيادة ارتفاع البرج الحالى، وقد صممت امتداداً للبرج يضيف إليه 250 متراً ليصل ارتفاعه إلى 400 متر». وقال المعمارى المهندس عبدالمجيد جادو، إن العوائق أمام بناء ناطحات سحاب قد تكون قانونية، مشيراً إلى أنه لا توجد عوائق تتعلق بالتربة باعتبار أن أى تربة يمكن البناء عليها بعد تحديد طبيعتها ومعالجتها، وتختلف التكلفة الإنشائية حسب طبيعة التربة، لافتاً إلى أن القوانين المصرية تفرض قيوداً على الارتفاعات، وأضاف: «لا نعرف هل يطيح مشروع مقترح لناطحة سحاب بتلك القيود أم لا، والأهم أننا فى مصر لنا طبيعة ثقافية مختلفة لا تعتبر الارتفاع تميزا، وحتى فى أوروبا فكلما ارتفع المستوى المعيشى للفرد أقام فى المبانى المكونة من طابقين أو3، والعكس صحيح، فالسكن فى ناطحة سحاب أرخص». وأضاف جادو: «هناك أمر آخر يتعلق بالنواحى الأمنية وتأمين المخاطر فى ناطحات السحاب، وهذا أمر تقصر عنه الهمة فى مصر التى «تحتاس» أجهزتها أحياناً فى السيطرة على حريق فى مبنى من دور واحد، وأتمنى ألا تبتلى مصر يوما بمثل هذا النمط المعمارى».