تعرف على الفئات المسموح لها بدخول اختبارات مدارس المتفوقين stem وشروط التقدم للامتحان    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو مراجعة الثانوية أمام النيابة: بنظم المراجعات بأجر رمزي للطلاب    تشكيل الحكومة الجديد.. رحيل وزير شؤون مجلس النواب    وزارة التموين: ضخ كميات كبيرة من اللحوم بالمجمعات استعدادا لعيد الأضحى    وزير النقل يتابع جاهزية محور بديل خزان أسوان للافتتاح خلال الفترة القادمة    وزارة الاتصالات: إعداد مشروع قانون لإدارة وتصنيف وتداول البيانات    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    محافظ كفر الشيخ: تحرير 98 محضر مرور وإشغالات من خلال منظومة الكاميرات    سها جندي: نعتز بالتعاون مع الجانب الألماني ونبني على ثمار نجاح المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة    NBC: إدارة بايدن تدرس مفاوضة حماس لإطلاق سراح 5 أسرى أمريكيين محتجزين فى غزة    وسائل إعلام إسرائيلية: انفجار طائرة انتحارية في قاعدة للجيش الإسرائيلي قرب نهاريا شمالي إسرائيل    استقالة قيادة حزب الخضر "إيكولو" البلجيكى من منصبها    ترامب يتراجع عن موقفه الرافض للتصويت بالبريد    روسيا تسيطر على قرية في شمال أوكرانيا    أون تايم سبورتس تعلن إذاعة مباراة مصر وغينيا بيساو الليلة    الأهلي يكشف حقيقة العرض السعودي لضم مروان عطية (خاص)    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 12 مليون جنيه خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    تنفيذ أكبر برنامج وقائي لحماية طلاب المدارس من تعاطي المخدرات في 7500 مدرسة    8 شهداء فى قصف إسرائيلى استهدف منزلا جنوب شرق خان يونس    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    أسترازينيكا مصر ومشاركة فعالة في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي Africa Health Excon بنسخته الثالثة    الصحة تكشف تأثير ارتفاع درجة الحرارة على المواطنين، وهذه الفئات ممنوعة من الخروج    أمريكا تقترب من التغلب على الصين كأكبر سوق تصديري لكوريا الجنوبية لأول مرة منذ 22 عاما    تمهيدا لقصفها.. رسالة نصية تطلب من أهالي بلدة البازورية اللبنانية إخلاء منازلهم    أمين الفتوى يكشف فضل وثواب العشر الأوائل من ذي الحجة.. فيديو    الخضروات ترتفع ب31.9% على أساس سنوي خلال مايو الماضي.. وتتراجع ب8.7% على اساس شهري    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    محطات بارزة في حياة زهرة العلا.. تلميذة يوسف وهبي وأهم نجمات الزمن الجميل (فيديو)    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    "حقوق إنسان الشيوخ" تستعرض تقارير اتفاقية حقوق الطفل    ابني كان داخل انتخابات مجلس الشعب وقلم عمرو دياب دمره.. والد سعد أسامة يكشف التفاصيل    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يشيد بإسهامات ندوة الحج العملية لخدمة ضيوف الرحمن    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    «ابعت الأسئلة وخد الحل».. شاومينج يحرض طلاب الثانوية العامة على تصوير امتحان التربية الدينية    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر.. بين المصداقية والنفعية
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 10 - 2010

حتى إذا كان فيما يلى نوع من التعميم فإنه ربما يمكن القول إن اهتمامات المصرى ال«عادى» عادة ما تكون نفعية، وهذا ليس شيئاً سيئاً بالضرورة لكنه يعود لفطرة ونظرة عملية للحياة، يحكمها لزوم البقاء فى ظل وضع صعب اقتصادياً واجتماعياً، أكثر مما تحكمها التأملات النظرية.
لكن فى آن واحد هناك من يتبنى نظرات تبدو فى الوهلة الأولى أكثر عمقاً وتعقيداً من الناحية النظرية، تطرحها نخب معينة وتبدو فى الظاهر أعمق بكثير. ويمكن تقسيم هذه النخب إلى نخب تابعة وأخرى معارضة للنظام، ظاهريا أو فعلياً. ثم يمكن بالإضافة تقسيمهما إلى نوعين متصارعين، أحيانا فى داخلهما - ظاهريا على الأقل - أى النوع العلمانى - من حيث المبدأ، والآخر ينتمى للاتجاه الدينى.
السؤال الذى أريد أن أطرحه هو: هل يمكن اعتبار نظرة النخب المذكورة للعالم الذى يحيطها نابعة عن إيمان صادق بأفكار معينة، أو ناتجة عن تفكير عميق فى المسائل السياسية والاقتصادية والفكرية التى تواجه البلاد حاليا؟
ما معنى الكوب «المليان» فى خطاب من يساند القوى المسيطرة حالياً وما معنى الكوب الفارغ أيضا؟ لماذا يتبنى كل منهم نظرته، وهل لها معنى حقيقى بالنسبة للإنسان المصرى العادى؟
ربما من السهل إلقاء تهمة المحسوبية والحسابات المنفعية على التيار الحكومى، لأنه من المعروف أن فى هذه البلاد لا أحد من الممكن أن ينجح بطريقة مبهرة إلا بموافقة رسمية بعيدة عن واقع الناس. مع ذلك، من فى المعارضة الآن لا يتطلع أن يكون جزءاً من السلطة وأن يتذوق مزاياها إذا استطاع؟ لا أعتقد أنهم كثيرون، وأستند فى ذلك إلى تجربة رئيس حزب الوفد مع إبراهيم عيسى..
ففى هذه التجربة، وتجارب أخرى، منها مزايدة بعض عناصر الحزب الوطنى على التيار الدينى المعارض فى محاولات فجة شعبوية ملوثة تفقده المصداقية، الكثير مما يفيد بأن وجهة نظر النخب المصرية عن العالم مرتبطة جذريا، وبطريقة أكثر بكثير مما هو معهود فى العالم الحر، بنظرة منفعية، تحدد فى كثير من الأحيان تلك الآراء – حتى إنه يمكن القول بغير مبالغة بأنه، بالنسبة لمعظم النخب المصرية، فإن فكرة الرأى المستقل غير المبنى على مصالح معينة غير موجودة تقريبا.
كل ذلك يصب فى مصلحة ما يبدو فى نظر الكثير من الناس أنه هو التيار «الأصيل» الذى يتمتع بشرف الاستقلال الحقيقى.. هذا التيار الدينى المعارض، الذى يتمتع بشعبية تطفو على أى تيار آخر لهذا السبب بالتحديد، أى لأنه يلعب على مشاعر شعب متدين فطريا، فتحيطه هالة المصداقية المرتبطة بكونه حامياً لقيم المجتمع المحافظة، وذلك فى ظل مناخ سياسى واجتماعى فاسد وقمعى وخانق، مما يبعد عنه شبهة الفساد والانتهازية.. مع ذلك، نظرا لوجود شبكة هائلة من المنافع والامتيازات والتمويل الداخلى والخارجى تتصل بذلك التيار،
هل يمكن فعلا اعتبار أن وجهة كهذه يمكن أن تأخذ مأخذ الجد؟ لا أعتقد، فالكثير من الشباب الذين يدخلون جماعة الإخوان المسلمين مثلا لا يفعلون ذلك فقط فى سبيل معارضة النظام وفساده عن إيمان قاطع، بل لأن النظام قد نبذهم، وأيضا لأن هذه الجماعة تلبى لهم طلبات منفعية بحتة، ربما منها مما يدخل فى خانة المنفعة النفسية اللاشعورية، أى الشعور بالأمان الذى ينبع عن كون الفرد جزءا من شىء أكبر،
فيجد الشاب جماعة تعاونه وعملاً سياسياً يعطى معنى لحياته البائسة، بالإضافة مرة أخرى لمساندة مادية فى وقت الضيق.. وذلك ينطبق أكثر بكثير على جماعة الفقراء التى تستمد المعونة والتعليم والعلاج من أعضاء وهيئات تلك الجماعة فى الأحياء الشعبية، التى لا تعرضها الجماعة «ببلاش» إنما مقابل الولاء السياسى.. ومع كل نجاح فى مثل هذه المجالات تستطيع الجماعة جلب المزيد من المال فى سبيل توسيع أعمالها ورفاهية قياداتها.
فى هذا السياق، يتضح أن الصراع السياسى فى مصر حاليا، الذى سيتبلور بطريقة فجة فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، هو صراع نفعى بين فئات لا يتمتع أى منها بأى مصداقية أو نظرة جدية تعرض آفاقاً نظرية لحل مشاكل المصرى العادى اليومية، بل تعتمد فقط على خطاب شعبوى خادع يخدم أسساً نفعية بحتة.
ما نشاهده الآن إذن بين التيارات السياسية المتنافسة فى مصر هو صراع بين منظومات فكرية هدفها الإخضاع والسيطرة وليس شرح الأوضاع أو معالجتها عقلانيا، تريد تنظيم العالم للناس لكى تخدم الصورة الناتجة مصلحتها المنفعية البحتة، صورة وردية أم صورة قاتمة حسب كون المتقدم حكومياً أو «معارضاً»، علمانياً كان أو دينياً..
والنتيجة فى النهاية هى تقسيم البلاد لفئات معرفية متصارعة وكارهة لبعضها، عن طريق ضياع الحقيقة وتفتيتها وليس تغييرها إلى الأحسن، فلا أحد، ربما باستثناء بعض أعضاء حكومة نظيف المكروهة ظلماً، والمكونة من الخبراء المهنيين أكثر من السياسيين، لديه أى فكرة محددة عن كيفية إدارة البلاد، والكل «بيدور على مصلحته». وفى مثل هذه الظروف يتجرد الصراع السياسى من أى جانب أصيل يطفو فوق الجوانب المنفعية البحتة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.