متحدث «الوزراء»: البروتوكول بين مصر والأردن لتعزيز التعاون في الإعلام    جامعة دمياط تختتم الملتقى الأول لخريجي كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    «عمود الخيمة».. آلاف الشاحنات الطبية والغذائية ومخيم للنازحين تتحرك من مصر إلى غزة    السيسي وجوتيريش يحذران هاتفيا من العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية في رفح الفلسطينية    البيت الأبيض: بايدن أعرب لنتنياهو عن معارضته عملية رفح الفلسطينية مرارا وتكرارا    عبدالمنعم سعيد: حماس نسفت اتفاقية أوسلو بعدما كنا قاب قوسين أو أدنى من دولة فلسطينية    لحرب غزة خصوصياتها.. هل تحمل نهاياتها مفارقات جديدة؟    غينيا تكمل عقد المتأهلين لأولمبياد باريس 2024 بالفوز على إندونيسيا    مباشر الآن.. مباراة النصر والأخدود فى الدور السعودى لحظة بلحظة    هل تشهد البلاد سقوط أمطار مع ارتفاع الحرارة الأيام المقبلة؟.. تحذير من ظاهرة جوية    «السبب مشادة كلامية».. تأجيل محاكمة المتهم بقتل شاب في المعصرة ل 2 يوليو    من هي ياسمين شقيقة الفنان كريم عبد العزيز؟.. شاركت في عمل فني واحد    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 6.. الجن روح تطارد بينو وكراكيري وتخطف زيزو (تفاصيل)    الأزهر للفتوى يوضح فضل شهر ذي القعدة    قرار لا رجعة.. سلوفينيا تعتزم المصادقة على قرار الاعتراف بدولة فلسطين    بنك التعمير والإسكان يحصد 5 جوائز عالمية في مجال قروض الشركات والتمويلات المشتركة    زيارة مهمة من وفد جامعة الدفاع الوطني الباكستانية ل مشيخة الأزهر    روبي تتصدر ترند X قبل 24 ساعة من إصدار «الليلة حلوة»    البيت الأبيض: حماس تعانى الآن خسائر بشرية ومادية أكثر من أى وقت مضى    أوقاف شمال سيناء تعقد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات    خالد الجندي ب"لعلهم يفقهون": أركان الإسلام ليست خمس فقط    أمين الفتوى: «مطالب الزوجة الزيادة تجعل الزوج ضعيف الإيمان مرتشيًا» (فيديو)    30 مايو الحكم على حسين الشحات في التعدي علي لاعب نادي بيراميدز    "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتجاوز حاجز ال 49 مليون جنيه إيرادات    مصطفى غريب يتسبب في إغلاق ميدان الإسماعيلية بسبب فيلم المستريحة    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج المائية    "الخارجية" تستضيف جلسة مباحثات موسعة مع وزير الهجرة واللجوء اليوناني    تفاصيل مشروع تطوير عواصم المحافظات برأس البر.. وحدات سكنية كاملة التشطيب    «الهجرة» تكشف عن «صندوق طوارئ» لخدمة المصريين بالخارج في المواقف الصعبة    رئيس الوزراء يتابع جهود إنشاء مركز جوستاف روسي لعلاج الأورام فى مصر    متحور كورونا الجديد «FLiRT» يرفع شعار «الجميع في خطر».. وهذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة    وزير الصحة يشهد فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لهيئة المستشفيات التعليمية    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    مساعد وزير الصحة: تسليم 20 مستشفى نهائيا خلال العام الحالي    قوات الدفاع الشعبى تنظم ندوات ولقاءات توعية وزيارات ميدانية للمشروعات لطلبة المدارس والجامعات    بعد قرار سحبه من أسواقها| بيان مهم للحكومة المغربية بشأن لقاح أسترازينيكا    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    قائمة مواعيد قطارات مرسى مطروح.. بمناسبة فصل الصيف 2024    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    أحمد عيد: سأعمل على تواجد غزل المحلة بالمربع الذهبي في الدوري الممتاز    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أحمد عكاشة: كنت أتمنى أن أكون خبيراً في الطهي
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 10 - 2010

ما أصعب أن تحاور طبيباً نفسياً! كنت ذاهبة إليه، أنوى اقتحام الجانب الآخر من شخصية الانسان، وليس الطبيب، وإذ بى أبحر داخل أعماق أستاذ الطب النفسى الشهير، الرئيس السابق للجمعية العالمية لأطباء النفس، أكتشف روح فنان، يبكى إذا رأى طفلا ينوح، أو مشهدا مؤثرا فى فيلم سينمائى، يفرح كالطفل، ويحب كفارس، ويأسره الصدق والوفاء من جانب الآخرين، كان الرجل عاشقا لكل جميل فى الحياة، وما زال يقاوم القبح ببسالة الفرسان، وصبر الأنبياء.
حول الجانب الآخر من شخصية الدكتور أحمد عكاشة، آماله وآلامه، كان هذا الحوار.
■ ما السعادة من وجهة نظرك؟
- جميع العلماء والفلاسفة عجزوا عن تعريف السعادة، لأنها سراب وليست حقيقة، إلى جانب أنها غير مستقرة، تأتى على فترات وليست دائمة، ولو كانت كذلك لكانت جحيما، فنحن لا نعرف السعادة الا إذا عرفنا الشقاء والألم والمعاناة، لذلك نحاول أن نجد بديلا لها، فى الحالة النفسية والاقتصادية والاجتماعية والروحية. وإذا سألتنى: هل لدىّ نوع من الرضاء عن الحياة؟، سأقول: نعم، وأحمد الله على ذلك، إذ إننى حققت الكثير مما كنت أصبو إليه فى حياتى الفكرية والطبية والنفسية.
■ هل تزوجت عن حب؟
- الحمد لله، تزوجت الإنسانة التى وجدت فيها التقارب الفكرى والمشاركة الوجدانية والراحة النفسية والإحساس بالأمان، ووجدت أنها ستكون أماً مثالية لأبنائى، وإذا كان هذا هو الحب، فقد تزوجت عن حب.
■ لديك اثنان من الأبناء تربيا على ثقافتين مختلفتين، ثقافة الأم الأجنبية والأب المصرى، كيف تعاملت مع هذا الوضع؟
- كانت لدى زوجتى المرونة لأن تتشكل سريعا وفق الحضارة والثقافة المصرية، حتى إنها ربتهما تربية إسلامية شرقية، لدرجة أنها كانت تصطحبهما فى صغرهما ليصليا الجمعة، وتنتظرهما أمام المسجد، وقد استفادا من الثقافة المصرية مع تطعيمهما بالثقافة الغربية، وهو ما أدى إلى تعدد المدارك لديهما.
■ هل كنت تخشى على ابنيك من التشكل وفق ثقافة الأم؟
- لم أقصد ذلك، فقط أردت أن أقول إنه كان يجب ألا يكون ابناى غريبين عن ثقافتهما المصرية، ولو كانا تربيا على الثقافة المصرية فقط، وبخاصة مع التدهور الحضارى الحالى، لكانت مأساة لى، لكن ثقافة ابنىّ تم تطعيمها بالثقافة الغربية، خاصة أننى حصلت على بكالوريوس الطب فقط من مصر، وباقى شهاداتى العلمية حصلت عليها من الخارج، وليس من مصر، لكننى حصلت على عدة جوائز.
■ حدثنا عنها؟
- جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الطبية، وجائزة الدولة فى الإبداع الطبى، وجائزة مبارك، لكنى كرمت فى الخارج قبل تكريمى فى مصر، حيث تم اختيارى أول رئيس للأطباء النفسيين فى العالم من خارج أوروبا وأمريكا، ورؤساء جمعيات الطب النفسى فى العالم هم الذين اختارونى رئيسا للجمعية التى تتكون من 200 ألف طبيب من 136 دولة، كل ذلك كان قبل تكريمى أو حصولى على جوائز فى مصر.
■ هل تتذكر أول موقف غازلت فيه الفتاة التى تحبها؟
- الحمد لله، لم أضع نفسى فى هذا الموقف لأنى أحترم نفسى، لكننى بشكل دائم فى حالة حب مستمرة منذ ولادتى، ولم أتوقف عن الحب بكل أنواعه، حب العلم والأدب والطب والمرأة والجمال والخير والله والصداقة، وكما يوجد جماع جنسى، هناك جماع روحى وفكرى وعاطفى، وأرى دائما أن من لا يستطيع أن يحب ليس بإمكانه الاستمرار فى الحياة، فالحب حياة والكراهية مرض.
■ أيعنى ذلك أن من ليست لديه القدرة على الحب مريض؟
- بالطبع، ولدينا أمراض تبلّد العواطف وتجمد الانفعالات، وهذه مشكلة خطيرة جدا، فمثلا مريض الفصام لا يعرف الحزن من الفرح، لأن عواطفه متجمدة، وأحيانا إذا تعرض لأزمة كبرى لا ينفعل بها، وهنا أذكر حين حضر إلىّ مريض شاب، وسألته عن والده الذى كان يأتى معه، فأخبرنى بأنه توفى بالأمس، فسألته: ولماذا جئت اليوم؟ فقال: حضرت التزاما بموعدى معك، ولم تبد عليه أى علامات حزن أو أسى، وهذا ما أقصده بتبلد العواطف.
■ أتوجد أعراض أخرى للفصام؟
- نعم، ومن أشدها قلة الكلام وإهمال الذات وعدم وجود أى من أنواع الطموح، وفى الوقت نفسه تجمد العواطف.
■ هل للتربية دخل فى ظهور هذا المرض؟
- إطلاقا، هو مرض موجود فى كيمياء المخ.
■ هل يعد الجنون مرضاً نفسياً؟
- كلمة مجنون لا توجد فى قاموس الطب النفسى، وذُكرت فى القرآن الكريم 5 مرات، وصفا للأنبياء عندما أتوا بأشياء لم يتعود عليها المجتمع، فلم ترد على أنها مرض، وجنّ الشىء يعنى اختفى واستتر، وكلمة جنين تعنى مستتر، والمجنون، الذى يوجد ستار على عقله، والجن، أحد المخلوقات الخفية المستترة عن الإنسان.
■ أيستطيع أى إنسان التعبير عن نفسه؟
- لا طبعا، لأن قدرة الإنسان على التعبير عن نفسه تتطلب ثراء ثقافيا وفكريا ولغويا، فأحيانا يأتينى مرضى يقولون إنهم لا يشعرون بأى متع فى الحياة، وإن الموت أفضل لهم، ولا يريدون لأبنائهم أن يعانوا ما يعانونه، لدرجة أنهم يعلنون رغبتهم فى التخلص من أنفسهم وأسرهم.
■ هل تحب المطبخ؟
- لا، وهذا عيب شديد فى شخصيتى، وكنت أتمنى أن أكون خبيرا فى الطهى، لكننى لا أجيده للأسف الشديد.
■ أى أنواع الأكل تفضلها؟
- أحب الكيف وليس الكم، وأفضل دائما المشهيات مثل السلطة والزيتون والبيض، وكل ذلك بكميات قليلة جداً، وعندى ميزة مهمة، هى أننى أحب التمتع بالأشياء بكل حواسى، فأنا كائن متذوق جدا، حتى المرأة، لا أنظر إليها كشكل بل كروح ورائحة وموسيقى تنبع منها وموجات أثيرية وفكر.
■ أتحرص على اتباع نظام غذائى معين؟
- أخشى كثيرا من زيادة وزنى، حتى إننى بالرغم من عشقى البسبوسة لا أتناول منها الكثير خشية زيادة الوزن.
■ كيف تتعامل مع أفراد أسرتك، هل تنسى أنك أستاذ الطب النفسى الشهير، أم تتذكر ذلك دوما، فترصد سلوكياتهم وتغيراتهم؟
- بمجرد أن أغادر الجامعة أو المستشفى أو العيادة، أعود مواطنا عاديا، لا علاقة لى بالطب النفسى، ولم أمارس أى نوع من نظريات التربية النفسية على أبنائى إطلاقا، لكننى أستفيد من خبراتى فى فهم ما يحدث حولى، خاصة سلوكيات أبنائى، لكن أن أفكر فى تربية أبنائى بطريقة نفسية معينة، لم يحدث على الإطلاق.
■ هل عالجت أحد أفراد أسرتك يوما ما؟
- طوال الوقت، جميعنا يعالج نفسه بنفسه، من خلال الصداقة التى أعتبرها أفضل طبيب نفسى، لأن العلاج النفسى ما هو إلا تفريغ للمشكلات الموجودة فى حياة الإنسان، وهذا التفريغ يمثل 70% من العلاج إلى جانب وجود 20% عبارة عن أسئلة استكشافية، و10% تشجيعا وإيحاء، فالصداقة علاج نفسى فى المقام الأول.
■ هل عاقبت أحد أبنائك من قبل؟ وكيف؟
- حدث ذلك مرتين فقط، وحين أعاقب أحد أبنائى، أحرص على ألا يكون العقاب أمام أحد، ودون تعصب أو تطاول، كى لا أسبب له حرجاً، حتى إننى أسأل الذى سيعاقب وأستشيره فى العقاب، بحيث ينشأ الابن ولديه نوع من الكرامة والثقة فى النفس.
■ وماذا عن الأم، هل كانت تتبع ذات المنهج؟
- نعم، كانت تفعل مثلى، خاصة فى غيابى، وأذكر أنها جعلت ابنى الاثنين يقفان أمام الحائط، وكان هذا عقاباً، فهى وإنا نؤمن دوما بضرورة الحوار.
■ إذن لم يكن الضرب إحدى وسائل عقابك لأولادك؟
- مرة واحدة حدث فيها ذلك، وكانت مع ابنى الأكبر طارق.
■ وما السبب الذى اضطرك إلى تغيير منهجك التربوى؟
- اضطررت إلى ذلك، حينما أحضر ذات يوم تقريرا من المدرسة حول أدائه وسلوكه، وكان تقديره غير جيد، فناقشته فى الأمر، وقلت له إن ما فعله خطأ، وإننى لو صمت تجاه هذا الخطأ فسيكرره، لذلك يجب أن أعاقبه عليه، وحرصت على أن أؤكد له حبى واحترامى، وكان عمره آنذاك 7 سنوات، واستأذنته أن أضربه، وقلت: لن أضربك على وجهك، فطلب منى أن أضربه على يديه، وكان له ما أراد.
■ وابنك الآخر؟
- لا، لم أضربه أبدا.
■ وماذا عنك، هل حدث وعاقبك والدك بالضرب؟
- إطلاقا، بل كان شديد الرفق والحنان معى، خاصة أننى كنت ملتزما ومنضبطا وشديد الاهتمام باستذكار دروسى، حتى إنه كان يتعمد أن يخرج بى إلى الحدائق للتنزه، ليخرجنى من حالة الإرهاق والضغط بفعل المذاكرة.
■ ماذا كان يعمل؟
- هو اللواء محمود باشا عكاشة، وكان أحد باشوات زمان.
■ تتحدث عن الأشياء بحب، فهل أثر عشقك للفن والأدب على شخصيتك؟
- تذوقى الفنى والأدبى سببه الدكتور ثروت عكاشة، الذى يكبرنى ب15 عاماً، وكان منذ صغره مولعاً بالفن والأدب، وأتذكر أننى فى سن السابعة، وجدتنى مكرها على سماع الأسطوانات معه، بل ومضطراً أن أقضى معه الساعات فى سماع «فاجنر» وكلاسيكيات السيمفونيات العالمية، وأبحث له عن الأسطوانات الأثيرة لديه، وفى المقابل كان يمنحنى مقابلاً ماليا، كما كان يعلمنى كيف أسمع، ويشرح لى ما أسمعه، فوجدتنى مع الوقت مغرما بالموسيقى والفن والأدب، وحين تم تعيينه ملحقاً فى سفارتنا بباريس، كان يصطحبنى إلى متحف اللوفر، ويعطينى بعض الكتب ويطلب منى قراءتها، ليسألنى بعد ذلك فى أشياء حولها، وعلى أساس استيعابى لها وإجاباتى يحدد موقفه منى، إما أن يخرج معى للنزهة من جديد، أو يحرمنى من الفسح بعض الوقت، وهذا ما كان يتبعه معى حينما كان سفيراً لمصر فى روما، حتى إنه كان يسمح لى بالجلوس مع أصدقائه.
■ قبل أن تصير طبيبا ألم تفكر أن تكون ضابطاً مثل والدك وشقيقك؟
- لم أفكر فى ذلك ولو مرة واحدة فى حياتى، فلكل منا اهتماماته.
■ من كان صاحب التأثير الأكبر فى شخصيتك، شقيقك أم والدك؟
- الأب والأم كان تأثيرهما أكبر تربويا وأخلاقيا، أما على الصعيد الفنى فكان التأثير الأكبر لأخى الدكتور ثروت.
■ ومن كان مثلك الأعلى؟
- لم أفكر فى هذا الأمر من قبل، لكن يمكن أن أقول إن «غاندى» مثل أعلى فى التجرد من السلطة والجسد والمادة، و«جيفارا» مثل أعلى فى الوطنية.
■ وماذا عن محيط علاقاتك ومن تعرفهم؟
- أمى كانت قدوة لى فى القراءة، وزوج أختى «أحمد أبوالفتح» كان مثلا وقدوة فى التضحية، وكان رئيس تحرير صحيفة «المصرى»، ومثالا صارخا فى الوطنية والتفانى والإخلاص، وهناك الدكتور ثروت عكاشة، كان مثالا لى فى التواضع والحب، وحتى بعد أن بلغ نحو 90عاما، لايزال يكتب بالقلم الرصاص، ولا يقتنى كمبيوتر، ولا تعمل معه سكرتيرة، كما أنه قدوة فى الإصرار والمثابرة والاجتهاد.
■ ماذا عن أصدقائك؟
- قليلون لكن معارفى كثيرون.
■ هل لاتزال متواصلا مع أصدقائك القدامى وزملاء الدراسة؟
- نعم، وعلاقتى بهم طيبة حتى الآن.
■ هل وقعت فى حب ابنة الجيران؟
- كان والدى كثير الانتقال من منزل لآخر، وبعض الأسر التى كنا نسكن بجوارها لم تكن لها ابنة، وبعضها الآخر كان بها كثيرات، لكن لم يكن ذلك حبا بالمعنى المعروف، بل كان إعجابا ببعضهن.
■ ما أكثر شىء يجعلك تبكى؟
- الوفاء الشديد وعدم الوفاء، يجعلانى أبكى بشدة، وليس من الضرورى أن يكون ذلك الوفاء أو عدمه بالنسبة لى شخصيا، بل من الممكن أن يكون تجربة علمت بها، مثل أن يحكى لى أحد قصة حبه الشديد ووفائه لمن يحب، أو وفاء من يحبه له، ومن الممكن أن أبكى بسبب موقف مؤثر فى فيلم أو مسلسل، خاصة إذا كان يتعلق بالوفاء أو عدم الوفاء.
■ ما أحدث فيلم جعلك تبكى؟
- الحقيقة أننى لم أبك منذ زمن طويل تأثرا بفيلم، إذ إن أفلام هذه الأيام أصبح إيقاعها سريعا، وبها عنف كثير ودماء وقتل مثل أفلام «جيمس بوند»، وللأسف أفلامنا المصرية هذه الأيام، الحب بها «هايف» ولا أتأثر كثيرا بها، وحتى المسلسلات، الحب ليس شيئا أساسيا بها، لذلك فإن كل الناس تتجه إلى المسلسلات التركية، لأن بها عاطفة قوية وبريئة، وأتذكر مثلا فيلم «Love Story» الذى كان يبكينى بشدة حين أشاهده، حيث الوفاء الشديد والحب الملتهب ومرض الحبيبة، للأسف مثل هذا الفيلم غير موجود حاليا.
■ من الشخصية التى تمنيت علاجها ولم يحدث؟
- الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، إذ لا يمكن لإنسان عاقل أن يرتكب هذه الحروب، ونفس الأمر مع أسامه بن لادن، إذ تمنيت علاجه من أفكاره السلفية المتطرفة.
■ والحكام العرب.. ألم تتمن أن تعالج أحداً منهم؟
- ما داموا على قيد الحياة فلا داعى لذكر أسماء، لكن لاشك أن بعض حكامنا العرب يحتاج تقويماً نفسياً.
■ هل تعتقد أن هناك أعضاء فى الحكومة المصرية يحتاجون إلى طبيب نفسى؟
- أذكر أن الأستاذ أحمد بهجت كتب فى «نص كلمة» أنه يعلم جيدا أن 2 من الوزراء الحاليين عولجا فى أحد مستشفيات الطب النفسى، وكان ذلك منذ 10سنوات، وقد أرسلت له ردا ونشره، وقال فى مقاله إن الدكتور أحمد عكاشة قال: الحمد لله أن الوزيرين عولجا، وأن ما يخشاه ألا يتم علاج باقى الوزراء، لأننى كنت أرى أنه ليست هناك مشكلة فى وجود وزيرين جرى علاجهما، وأنه كان يجب على الأستاذ أحمد رجب أن يكتب عمن لم يتم علاجهم من الوزراء الباقين.
■ هل أصبت بأرق فى وقت من الأوقات ولم تستطع النوم؟
- كثيرا، وللعلم نحن لا نشخص حالة على أنها أرق إلا إذا استمرت لمدة 3 أيام فى أسبوع واحد، عانى المريض خلالها من عدم القدرة على النوم بشكل طبيعى، وأحيانا كثيرة تصيبنى الأحداث اليومية والأخبار السيئة بالأرق، فمثلا فى اليوم الذى علمت فيه أن باكستان بها مليون مسلم لا يجدون الطعام، بعد أن غرقت مساحة كبيرة من البلد، لم أصب بالأرق فقط، بل حزنت حزنا شديدا وأصابنى التوتر.
■ هل تسبب لك فرط إحساسك وسرعة تأثرك بالمواقف المختلفة فى أزمات شخصية؟
- المشكلة أننى عاشق لكل شىء، وهذا العاشق سريع التأثر بكل شىء، وللعلم فالفضائيات سببت لى ولكثيرين عدة مشاكل، فمن وقت لآخر تشاهدين كوارث وزلازل ومجاعات وحروباً وبراكين وحوادث وكلها تصيب بالألم والحزن.
■ أتكتفى بالتأثر فقط، أم تحاول أن تصنع شيئا؟
- لست صاحب قرار لأصنع شيئا أو أغير أى شىء، وحين حدثت كارثة «تسونامى»، كنت رئيس الجمعية العالمية للطب النفسى، وقدمنا إنجازات على مستوى عال جدا، والكثير حول السلام النفسى والعالمى، وقلنا إننا صنعنا اتفاق صلح مع إسرائيل لكننا لم نصنع سلاماً، والمشكلة فى الكوارث هى أن المنكوبين يحتاجون إلى طعام ودواء وشراب قبل العلاج النفسى فى معظم الحالات عقب الكارثة، وهذه الكوارث تسبب لى الأرق.
■ حين يصيبك الأرق هل تتناول مهدئات؟
- إطلاقا، لكننى أقرأ الكتب، وأحياناً قليلة إذا بلغ الأرق مداه، أضطر لتناول المنوم، وهنا أذكر أننى قبل انتخابات رئاسة الجمعية العالمية للطب النفسى، مررت بتوتر وأرق وقلق نفسى غير عادى جعلنى ألجأ للمهدئات.
■ هل شعرت مرة بحاجتك للذهاب إلى طبيب نفسى؟
- إلى الآن لم يحدث.
■ لو حدث، لمن ستذهب؟
- إلى ابنى الدكتور طارق عكاشة.
■ ألن تخجل منه؟
- لا أخجل من أى عرض نفسى.
■ لكن الأب العادى يريد أن يضع نفسه فى إطار معين أمام أبنائه؟
- وأنا لست أباً عادياً، فأسرتى تعرف نقاط ضعفى ومكامن قوتى.
■ هل بكيت أمامهم ذات يوم؟
- بالطبع، فالدموع ليست عاراً، بل تعبير عن إحساس ورهافة مشاعر وفيضان أحاسيس.
■ ما الفئة التى تتردد أكثر على عيادتك، الفنانون أم السياسيون أم لاعبو الكرة؟
- هناك إنسان لديه حساسية مفرطة، وهذا أكثر الناس معاناة، ومن الممكن أن يكون فناناً أو سياسياً أو لاعب كرة أو حتى بوابا، وأعتبر المريض النفسى أكثر سموا فى أحاسيسه من الإنسان الذى نطلق عليه كلمة «عادى»، ودليل ذلك أن الحيوانات لايصيبها المرض النفسى، إلا الكلب والحصان الذى يكتئب حين يموت صاحبه، وللعلم فإن احترامى للمرض النفسى والمريض النفسى كبير جدا، وأنا ضد السخرية من المريض النفسى.
■ هل يعرف المريض النفسى أنه مريض؟
- ما بين 80% و90% يعرفون مرضهم، ونسبة بسيطة من المرضى لا يدركون ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.