كنت يومى الجمعة والسبت فى إجازة مثل مدارس «اللغات»، فمن الآخر ابنى الذى يكتب لى طلبوه للتجنيد وسافر فجلست أمام الكمبيوتر ومعى مقال «السبت» حائراً، مثل «أعمى ينادى على أطرش»، فأنا من جيل يحترم العلم لكنه يهمل التكنولوجيا ونزلت إلى «سايبر» ليكتبه ويرسله، وبعد أن قرأه صاحب «السايبر» طلب منى الحصول على موافقة المباحث وهمس لى بأن الحكومة على استعداد لإغلاق «قناة» السويس لو خالفت شروط الترخيص، ونصحنى بأن أرسله بالفاكس وهو جهاز يشبه ماكينة عصير القصب تضع فيه العمود مثل عود فيصب عندهم فى أكواب وتختلط الحروف، فاحترت وارتفع ضغطى وتذكرت أن نصف دستة من أفضل كوميديانات الوطن مصابون الآن بجلطة فى المخ، فالعمل فى هذا المجال أخطر من المناجم، وبدا لى القاضى السعودى الذى قبضوا عليه منذ أيام لأنه تقاضى رشوة من «جنى»، ثم طلب رئيس المحكمة التى تحاكمه من الراقى الشرعى أن يأخذ أقوال «الجنى»، وقام الرجل فعلاً بإحضاره وأخذ أقواله بحضور أعضاء لجنة السحر وقدمها إلى هيئة المحكمة الموقرة، وأنا طبعاً لا أجرؤ أن أنكر السحر أو الجن أو القاضى، لكننى فقط أتعجب أن يصدر أمر ضبط وإحضار لعفريت وأفكر لو أمكن أن أسخر الجان لإرسال المقال لحين عودة ابنى من الجيش.. وأتعجب من تصريح «نتنياهو» فى اليوم نفسه بأنه لن ينسحب من القدسالشرقية رغم أن «الموساد» أخبرته بعدد العفاريت التى يمتلكها العالم العربى.. ومرة أخرى، للمتربصين، أنا لا أنكر السحر أو الجن أو القاضى أو «نتنياهو»، لكننى أتعجب من استهزاء الرجل بنا وبالعفاريت التى تحت أيدينا.. بسبب ثورة التكنولوجيا وانتشار الجامعات وجودة التعليم وظهور القرية الذكية ونزاهة الانتخابات وذهاب ابنى إلى التجنيد أصبح كل من يرى فى بلادنا عضمة فرخة يقول عليها «سحر»، وكل من يرى معزة سوداء يقول عليها «عفريت»، وكل من يرى خيال مآتة يقول عليه «حكومة».. لا يوجد بلد فى العالم عنده «فسيخ» غيرنا، لذلك يقال، والله أعلى وأعلم، إن كل إنسان عنده «عقل» لكن العربى عنده «عقال». [email protected]
