قالت صحيفة «نيوريورك تايمز» الأمريكية إنه أصبح من الواضح أن الجنرالات الحاكمين لمصر ليس لديهم رغبة أو مصلحة على الإطلاق في توجيه بلدهم إلى الديمقراطية مرة أخرى، بعد حمام الدم الذي شهدته القاهرة الأربعاء. وفي مقالها الافتتاحي الخميس، المعنون ب«جنون الجيش في القاهرة»، أوضحت الصحيفة الأمريكية أن التبلد السياسي للجنرال عبدالفتاح السيسي، قائد مصر الفعلي، والقمع الوحشي الذي شنه، يهدد بحدوث أسوأ النتائج على الإطلاق من موقف مشتعل أصلا، وهي الحرب الأهلية القاتلة. وقالت إن وصول مصر لتلك النتيجة تعتبر مأساة، فهي الدولة التي كان يعتقد أنها على مسارها لإنهاء عقود من القمع والديكتاتورية، كما إنها ستكون كارثة للسياسة الخارجية بالنسبة للولايات المتحدة، فمصر هي الدولة الأكبر من حيث عدد السكان والأكثر تأثيرًا في العالم العربي، فضلا عن كونها الجارة الأكثر أهمية استراتيجيًا بالنسبة لإسرائيل. وأكدت الصحيفة الأمريكية أنه ينبغي على الرئيس باراك أوباما أن يجعل معارضته أمرًا واضحًا لسلوك الجيش المصري، من خلال وقف المساعدات العسكرية فورًا وإلغاء أية تدريبات عسكرية مشتركة مزمعة في سبتمبر، مشيرة إلى أنه يمكن الرجوع عن تلك الخطوات إذا غير الجنرالات طريقتهم، لكن حتى وقتها، يجب أن تغلق الولاياتالمتحدة الباب في وجه برنامج المساعدة العسكرية. وأشارت إلى أن هؤلاء الذين يجادلون في أن المساعدات تمنح الولاياتالمتحدة الأفضلية لن يستطيعوا أن يجادلوا الآن في ذلك، فقد تم تجاهل مكالمات وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل و وزير الخارجية جون كيري المتكررة إلى «السيسي» والتي كان يطالب فيها بضبط النفس. وقالت الصحيفة إن البيان الحذر للخارجية الأمريكية بشأن إعادة النظر في المعونة لن يلفت نظر الجنرالات، لكن قرار إلغاء التدريبات المشتركة الشهر المقبل، الذي يتم دراسته الآن، سوف يلفت انتباههم بالتأكيد. ولفتت «نيويورك تايمز» أن مئات من المتظاهرين السلميين قتلوا الأربعاء عندما استخدمت وحدات الجيش والشرطة طائرات الهليكوبتر والقناصة والبلدوزرات وقنابل الغاز لفض اعتصامهم في القاهرة، وتم فرض حالة الطوارئ وإعلان حظر التجول بالفعل. ووصفت الصحيفة حكومة مصر الانتقالية الآن بأنها «واجهة مزخرفة لحكم الجيش»، فالليبراليين والمعتدلين الذين «ساعدوا وأيدوا الجيش متواطئين في هذا الخداع»، مضيفة أن البرادعي، نائب رئيس الجمهورية، قدم استقالته الأربعاء، وفي الوقت نفسه، أكدت الصحيفة أنه يجب تحميل الإخوان المسلمين مسؤوليتهم، فمنذ انقلاب 3 يوليو، الذي أطاح بمرسي، لم تظهر الجماعة استعدادًا كبيرًا للتفاوض بشأن مسار سلمي خارج الأزمة، وحتى قبل الانقلاب، لم يظهر الإخوان أو مرسي استعدادًا كبيرًا في التعامل مع المصريين من ذوي التوجهات السياسية والدينية المختلفة. لكنها عادت لتؤكد أن اللوم الكبير يقع على السيسي، فقد استولى على السلطة من رئيس وحكومة منتخبة ديمقراطيًا، وتحكم في قوات الأمن التي اضطهدت وطاردت المعارضين السياسيين، ووافق على الأوامر للقوات المسلحة بكثرة لاستخدام القوة المميتة ضد المحتجين السلميين. واختتمت «نيويورك تايمز» بأن تأثير واشنطن على الرأي العام المصري محدود عمومًا، وهذا راجع لخطاب أوباما وتأييد الولاياتالمتحدة السابق لمبارك وقواته المسلحة، وبالتالي أصبح الوقت متأخرًا بالنسبة لأوباما ليبدأ تصحيح عدم التوازن، ولكن منع المعونة عن جيش مصر غير الديمقراطي يمكن أن يمثل بداية جيدة.