ما يجمع بين الشاعر الأموى كثيِّر بن عبدالرحمن بن الأسود (كثيِّر عزة) والنائب الإخوانى (على لبن) غرام قديم بالنعال، كثيِّر كتب فيها شعرا «نَعَلٌ لا تَطَّبِى الكَلْب رِيحُها، وإِن وُضِعَتْ وَسْطَ المجَالس شُمَّت..»، ولبن سكب فيها نثرا «كان الجلاء يتم بالدماء.. والآن يتم الجلاء بالحذاء». كثيِّر مات فى حب «عزة»، ولبن مات فى حب «غزة»، عزة مثل غزة، الحبيبة وطن، كثيِّر سافر كثيرا إلى مصر حيث دار عزة بعد زواجها، لبن يسافر إلى مصر كثيرا حيث غزة بعد ضربها، مات كثيِّر وقيل يوم وفاته: «مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس».. ربنا يطول عمر لبن حتى يخلع عن «ابن عربى» حذاءه بعد ردائه ويمشيه حافيا فى الفتوحات المكية. لبن مثل كثيِّر ضليع فى اللغة العربية، ويتفوق عليه فى الشهادات، لبن موجه عام سابق بالأزهر بالمواد الفلسفية والتربوية، أى مربى أجيال، خلاف مربى التين التى كانت تصنعها «عزة» لكثيِّر، الأخير ليس استثناء بين الرجال، الطريق إلى قلب الرجل معدته. كثيِّر شاعر متيم من شعراء المدينة، توفى والده وهو لايزال صغيراً، فكفله عمه، وأوكل له مهمة رعاية قطيع من الإبل، عاش كثيِّر ومات يحب عزة قدر كراهيته رائحة النعال، اشترط على عزة – إذا تزوجا وجمعتهما خيمة فى البيداء - ألا ترتدى حذاء، كثيِّر كان يقابل عزة حافى القدمين حتى لا يؤذى مشاعرها برائحة نعله، قال فى نعله شعرا معتذرا: «نَعَلٌ لا تَطَّبِى الكَلْب رِيحُها..» . ما بال عزة. نعل كثيِّر كان يُشم من على بعد فراسخ، كان يترك نعله بعيدا عن المجالس، إِن وُضِعَتْ وَسْطَ المجَالس شُمَّت، لبن على عادة كثيِّر يترك نعله على بسطة سلم مكتب الإرشاد، المرشد لا يطيق رائحة النعال الشعبية، المرشد يرتدى الأحذية الإيطالية مضطرا، فقط لضرب المعارضة إذا وصل إلى الحكم، هكذا قال. الحذاء الذى رفعه لبن فى مجلس الشعب أول جوز «بنص موكساة» إخوانى قصير المدى، يحمل كوديًا اسم «حذاء الجلاء» ومقاسه 45، ونعله بورليتان، بلاستيك مرشوش للتعمية على الرادارات، وسعره يتراوح ما بين خمسين وستين جنيها، ويباع فى الأسواق الشعبية بطنطا، ومداه ما بين خمسين ومائة متر، ويصلح للرفع فى المجالس النيابية والحُرم الجامعية، والمظاهرات والتجمعات العمالية، رئيس مجلس الشعب خشى أن تكون أول تجارب إطلاق الحذاء داخل البرلمان. «حذاء الجلاء» مزود بمطلق غازات مثيرة للغثيان، ورائحة تقرف الكلب الحزين، ويعمل تلقائيا بمجرد خلعه ويتحول إلى قنبلة مسيلة للدموع عند قذفه فى وجه الأمن المركزى، يتدربون فى الكتايب والشعب والأقسام وفى المعسكرات على استخدام أحذية الجلاء فى وجه الأعداء. المرشد عاكف قرر إقامة مزاد عالمى على حذاء «على لبن» جريا على مزاد «حذاء منتظر» يشارك فيه الإخوة فى مكتب الإرشاد والمكاتب الإدارية بالمحافظات وفى الأقطار. لا تجد أعسر فى الإخوان، حذاء لبن تسبب فى معضلة فقهية داخل مكتب الإرشاد: هل يجوز رفع الحذاء فى يد والمصحف فى يد؟.. الإخوان عادة ما يستخدمون اليد اليمنى لرفع المصحف تبركا، اليد اليمنى خير من اليد اليسرى، والسؤال: كيف يمكن رفع الحذاء باليد اليسرى فى ظل انعدام البركة؟ اتصل بى صديق مصححًا: «حذاء المرشد عاكف ليس إيطاليًا ولكنه إيرانى!»