كل من يسكن هذا الحى يعرف أنه اسم على غير مسمى، فالمكان الذى اصطلحت الحكومة على تسميته «دار السلام» لا يتوافر فيه أدنى حدود الأمان والسلام، فهو الحى الوحيد فى القاهرة، الذى يوجد فيه جميع أنواع المشاكل الناتجة عن نقص الخدمات أو سوء حالتها. «دار السلام» التى تتبع حى دار السلام والبساتين تمت تسميتها مجازاً «الصين الشعبية» نظراً لكثافتها السكانية، فحركة الناس فى جميع الأسواق والشوارع لا تهدأ، وتشهد يومياً زحاماً كثيفاً، لدرجة أن مترو الأنفاق عندما يتعطل لدقائق قليلة تمتلئ جميع أرصفة محطة دار السلام بالركاب، ويتكدس الباقى أمام ماكينات التذاكر وعلى السلالم، فى لحظة وصفها أحد ركاب المترو ب«يوم الحشر». دار السلام بهذا الكم الهائل من السكان لا يوجد فيها قسم شرطة ولا مركز إسعاف ولا وحدة مطافئ ولا ناد رياضى ولا خدمة صرف صحى فى بعض المناطق، ولا يمر فيها أتوبيس يتبع هيئة النقل العام ولا مينى باص. من أكبر المشاكل التى تعانيها دار السلام، التى تقع فى جنوبالقاهرة، وأقيمت على أراض زراعية وبعض أراض صحراوية - مشكلة المواصلات، فسيارات السرفيس تملأ جميع الشوارع، ومعظم قائديها من صغار السن الذين لا يجيدون القيادة، ولا يحملون رخصة سير، كما أن سياراتهم محطمة ومعظمها بلا أبواب ولا فرامل. ليس بالميكروباص وحده يحيا سكان المنطقة، فهناك وسائل أخرى، وهى السيارات نصف النقل المغطاة المنتشرة فى عزبة خير الله كوسيلة مواصلات وحيدة، لأن المنطقة بالكامل مغطاة بمياه الصرف الصحى، ويصف سكان المنطقة هذه السيارات بأنها غير آدمية، لأنها مغطاة بأقمشة بالية وشديدة الاتساخ كما أنه لا يوجد بها إلا مقعدان خشبيان بطول السيارة لا يحميان الركاب من الوقوع بسبب المطبات الكثيرة، وهو ما دفع الأهالى إلى تسميتها بسخرية «مرجيحة». ولمحطة مترو دار السلام قصة أخرى فهى، من أزحم محطات الخط الأول للمترو «المرج/حلوان»، وبسبب هذا الزحام حدثت أكثر من مشاجرة بين الركاب وصلت إلى الشرطة، حيث استخدم الركاب مطاوى وسنجاً فى إحدى هذه المشاجرات وأطلقوا أعيرة نارية. من يعش فى دار السلام ويركب وسائل مواصلاتها يعرف أنها أفضل كثيراً من خدمة الصرف الصحى التى تعتبر الأسوأ فى دار السلام على الإطلاق، فعزبة خير الله، على سبيل المثال، لا تزال حتى الآن تعمل ببيارات، ومشروع الصرف الصحى فيها صار حلماً تناساه سكان المنطقة، لأنه لا أمل ولا جدوى من المطالبة باستكماله، أما باقى الشوارع فلا تختلف كثيراً، فرغم توافر خدمة الصرف الصحى فيها فإنها لا تزال سيئة، والطفح فى شوارعها مستمر، وكثيراً ما استيقظ المواطنون على روائح كريهة تنبعث من المياه المتراكمة التى تدخل بعض المحال والمنازل ذات المداخل المنخفضة، حتى إنهم يذهبون إلى أعمالهم سيراً على الطوب بأطراف أصابعهم، لتفادى المياه الملوثة والحشرات التى تسبح فيها. أكوام الزبالة التى تغطى الشوارع بالكامل من المعالم الأساسية فى دار السلام، فهناك مقالب معروفة بالاسم، منها مقلب زبالة مسكن رئاسة الجمهورية، ومقلب زبالة أمام مصنع الشوربجى للروائح، وثالث أمام شركة النصر للتليفزيون، أما المقلب الأكبر شهرة فهو الموجود إلى جوار مقام سيدى العجمى، الذى يضم مسجداً. الغريب أن المصلين يدخلون ويخرجون من المسجد وسط أكوام القمامة ولا يعيرونها اهتماماً، ولم يبد على أى منهم أنه مشمئز، فى دلالة واضحة على أنهم اعتادوا هذا المشهد.