أطالب كل طفل عربى بأن يرسم على بلاطة أحد مشاهد الإبادة الفلسطينية.. وأن نجمع هذه البلاطات القيشانى ونصنع منها لوحة ضخمة وجدارية كبيرة أمام مبنى الأممالمتحدة، أو مبنى متحف الهولوكوست فى واشنطن.. تماماً مثلما يفعل اليهود مع أطفال العالم.. يطلبون من كل طفل أن يرسم صورة للهولوكوست ومأساة اليهود فى ألمانيا على يد هتلر.. وتجمع هذه البلاطات فى متحف الهولوكوست لتمثل وثيقة إدانة عالمية عبر الأجيال على وحشية هتلر.. نحن فى العالم العربى شعوب بلا ذاكرة.. شعوب شفوية.. طق حنك.. نغضب ونعتصم ونشجب ثم نتحول إلى بالونة فارغة من الهواء.. أحلم بمرصد.. مرصد عربى يسجل بالصوت والصورة والوثيقة جرائم إسرائيل من حرب 48 حتى دير ياسين حتى قانا حتى بحر البقر حتى غزة مؤخراً.. أين هيئة الاستعلامات؟!.. أين دورها؟!.. لماذا لا تفرج عن آلاف الأفلام السينمائية، وعن آلاف اللقطات الفوتوغرافية، وعن شرائط الجريدة الناطقة.. كنت أتمنى أن تبادر هيئة الاستعلامات المصرية بإنشاء مرصد إعلامى لتسجيل كل ما يحدث فى فلسطين وترجمته ونقله للعالم أجمع.. وكنت أتمنى أن تبادر وزارة الثقافة أو وزارة الخارجية بإقامة المتحف الفلسطينى، ليكون شاهداً على نازية إسرائيل، وفاضحاً لممارساتها الوحشية.. كنت أتمنى أيضاً ألا يكتفى اتحاد كتاب مصر بالاعتصام.. كنت أتمنى أن ينشئ آلية ثقافية قادرة على التواصل مع قادة الفكر والرأى والمبدعين فى العالم وصانعى القرار، دفاعاً عن قضية إنسانية عادلة اسمها إنقاذ أطفال فلسطين وشيوخها ونسائها.. هل فكر اتحاد الكتاب فى مراسلة الحائزين على جوائز نوبل مثل جونتر جراس وماركيز وجان مارى لوكيويو وأورهان باموق وغيرهم لدعم الفلسطينى من منطلق حقوق الإنسان.. كنت أتمنى أن ينهض ويبادر مثقفونا القادرون على مخاطبة العالم، مثل زاهى حواس وحسن حنفى وسلماوى وزويل والأسوانى وبهاء طاهر وطارق حجى وسراج الدين وغيرهم، بإرسال مقالات وعمل لقاءات والدعوة إلى مؤتمرات مع النخب الثقافية فى العالم.. بيكاسو عندما رسم لوحته الشهيرة الجورنيكا علقتها الأممالمتحدة فى مجلس الأمن لتكون ذاكرة حية للوحشية والدمار.. هل يستطيع الفنانون التشكيليون المصريون أن يفعلوا مثل بيكاسو؟!.. هل يستطيع قادة الأوركسترا أن يفعلوا مثل دانيال بارنبويم عندما وجه تحيته إلى العالم المصرى محمد النشائى فى حفل كونسير ليلة الميلاد فى فيينا، وقال: «أتمنى أن يتحقق السلام العادل فى الشرق الأوسط» وأشار للنشائى، وكان ذلك منقولاً عبر شاشات العالم.. رائع جداً أن يكون العلماء والمبدعون والفنانون والكتاب سفراء للحق العربى فى بلاد الدنيا، لكننا نفتقد استراتيجية وإرادة فى وزن إرادة الأطفال الذين يرسمون المأساة على بلاطة. [email protected]