على باب مصر، تدق الأكف، ويعلو الضجيج جبال تدور، رياح تثور، بحار تهيج وتصغى! وتصغى! فتسمع بين الضجيج سؤالا وأى سؤال! وتسمع همهمة كالجواب، وتسمع همهمةً كالسؤال!! أين؟ ومن؟ وكيف إذن؟ نعم.. كيف أصبح هذا الجلال بأقصى مداه؟! .. حقيقة شعب ٍ غزاه الطغاة، وأى طغاة؟! .. أمعجزة ما لها أنبياء؟! .. أدورة أرض بغير فضاء؟! ■ ■ ■ وتمضى المواكب بالقادمين من كل لون ٍوكل مجال فمن عصر مينا إلى عصر عمرو ٍ ومن عصر عمرو ٍ لعصر جمال وكلٌ تساءل فى لهفة: أين؟ ومن؟! وكيف إذن؟! .. أمعجزة ما لها أنبياء؟! .. أدورة أرض بغير فضاء؟! ■ ■ ■ وجاء الغزاة .. جميع الغزاة فأبدوا خشوعاً وأحنوا الجباه وكلٌ تساءل فى دهشة .. وكلٌ تساءل فى لهفةٍ: أمعجزة ما لها أنبياء؟! أدورة أرض ٍبغير فضاء؟! تلمح بين الجموع وجوهاً يرف عليها حنان الإله .. ففيها المفكر والعبقرى وفيها التقاة ؛ وفيها الهداة .. ف (موسى) تشق عصاه الزحام وذلك (عيسى) عليه السلام وهذا (محمد) خير الأنام أمعجزة ما لها أنبياء؟! أدورة أرض ٍ بغير فضاء؟! ■ ■ ■ فأين تحقق ما كان وهماً ومن ذا الذى يا ترى حققه؟! وكيف تحرر من أسره سجين الزمان؟! ومن أطلقه؟! لقد شاد بالأمس أهرامه بأيدٍ مسخرة موثقة على ظهره بصمات السياط .. وأحشاؤه بالطوى مرهقة! ... وها هو يبنى بحريةٍ دعائم آماله المشرقة بسدٍ منيعٍ، عجيب البناء يبث الرخاء ويوحى الثقة فأرزاق أبنائه حرة وآراؤهم حرة مطلقة وليس بهم سيد أو مسود فكل سواء بلا تفرقة أمعجزة ما لها أنبياء؟! أدورة أرض بغير فضاء؟! ■ ■ ■ وصاح من الشعب صوت طليق قوى، أبىّ، عريق، عميق يقول: أنا الشعب والمعجزة أنا الشعب لا شىء قد أعجزه وكل الذى قاله أنجزه! ■ ■ ■ أنا الشعب، شعب ذرى والقمم زرعت النخيل، صنعت الهرم ■ ■ ■ أنا الشعب لا أعرف المستحيلا ولا أرتضى بالخلود بديلا بلادى مفتوحة كالسماء تضم الصديق ؛ وتمحو الدخيلا أنا الشعب، شعب العلا والنضال أحب السلام، أخوض القتال ومنى الحقيقة.. منى الخيال! وعندى الجِمال، وعندى جَمال... «شعر كامل الشناوى غناء أم كلثوم فى عام 1964