اعتاد عماد أن يقضى ساعات طويلة كل يوم أمام جهاز الكمبيوتر ليناقش مع أصدقائه على منتديات الإنترنت عدة موضوعات، من بينها السياسة والانتخابات التى قال إنه لا يمكنه الحديث عنها فى المقهى أو مع الأصدقاء. وقال هذا الشاب الذى يبلغ عمره 25 عاماً إنه لم يكن يهتم من قبل بالسياسة أصلاً، وأن اهتماماته لم تكن تتجاوز الرياضة والحديث عن فريقه المفضل فى كرة القدم. لكنه اعترف بأن شبكة ال«فيس بوك» جعلت اهتماماته تتغير وجعلت السياسة تقتحم حياته من أوسع الأبواب. وتحول الموقع الاجتماعى فيس بوك خلال الأشهر الأخيرة إلى أحدث ساحة للتنافس الانتخابى. واحتلت كل الأحزاب السياسية فى البلاد مواقع لها فى هذه الشبكة التى تضم نحو 850 ألف مشترك تونسى قصد استقطاب شبان مثل عماد وغيره للتصويت لها فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى تجرى اليوم الأحد، المتوقع أن يفوز فيها الرئيس «زين العابدين بن على» الذى يحكم البلاد منذ 22 عاماً بولاية رئاسية خامسة دون عناء. وبرز الشباب خلال الانتخابات السابقة بمشاركتهم الضعيفة، لذلك لجأت الأحزاب السياسية إلى الإنترنت بقصد استقطابهم. فقد بث حزب التجمع الدستورى الديمقراطى الحاكم صوراً وتسجيلات فيديو لمرشحه زين العابدين على ال«فيس بوك» منذ أشهر إضافة إلى تغطية أخباره وأنشطته وخطاباته. وتمكن منظمو حملة بن على من جمع مساندة عشرات الآلاف من الأعضاء على الإنترنت بعد أن أطلقوا إلى جانب ال«فيس بوك» 3 مواقع إنترنت أخرى مخصصة للتعريف بإنجازات بن على، كما أطلق الحزب أول تليفزيون تونسى على الإنترنت. أما باقى الأحزاب السياسية التى ليس لها وزن كبير على الساحة السياسية فحاولت تكسب ما لم تستطع أن تحققه فى الواقع. ويعتبر الديمقراطى الوحدوى أحد أكثر الأحزاب المعارضة فى تونس استخداماً ل«الفيس بوك» فى حملته الانتخابية، إذ ينشر صوراً وتسجيلات وأخباراً لأمينه العام الاينوبلى ولقائمته الانتخابية. ويرى معارضون أن اللجوء ل«فيس بوك» أصبح ضرورة فرضها ضيق قنوات الاتصال الجماهيرية واحتكارها من طرف واحد مشارك فى المعركة الانتخابية. وقال سفيان الشورابى، عضو حركة التجديد المعارضة - الذى أنشأ موقع لمساندة أحمد إبراهيم، زعيم حركة التجديد - إن اللجوء ل«فيس بوك» أصبح ضرورة لمخاطبة فئة كبيرة من الشباب الذين لا يمكن الوصول إليهم بسهولة فى الواقع نتيجة عدة عراقيل، من بينها تجنيد كل وسائل الإعلام المحلية لخدمة مرشح الحزب الحاكم. وأضاف الشورابى أنه تفاجأ بترحيب كثير من الشباب ومساندتهم للمرشح إبراهيم رغم أنهم ليسوا من أعضاء حزبه. لكن رغم هذا التجاوب فإن الشورابى أشار إلى أنه ليس هناك أى ضامن بأننا كسبنا أصواتاً ليوم التصويت. وقال: «هل سيصوتون لنا أم لا، هذا أمر غير محسوم». وتقول شابة عمرها 24 عاماً واسمها صابرة: «حقاً لم أكن أعرف أسماء الأحزاب السياسية فى البلاد باستثناء حزبين هما التجمع الدستورى الديمقراطى والحزب الديمقراطى التقدمى.. لكن ال«فيس بوك» فتح أمام عينى نافذة لم أكن أعرفها». ويحق لنحو 450 ألف شاب تونسى تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً التصويت لأول مرة فى الانتخابات بعد تعديل قانون الانتخاب. ويمثل الشباب قرابة نصف سكان تونس البالغ عددهم أكثر من 10 ملايين نسمة.
