طعم ورائحة وذكرى تظل محفورة فى القلب ومطبوعة فى الخيال، ماذا يبقى من بيت العيلة، وبيت الزوجية، والبيوت العابرة فى المصيف، والبيوت المؤقتة لدى الجيران والأقارب والأصدقاء؟ ماذا يبقى من ذكريات أول سقف، وأول وسادة، وأول خطوة، وأول كلمة؟.. ماذا يبقى من البيوت المرة، والبيوت الحلوة؟ صور.. ألوان.. تفاصيل حياة، وحكاية ورا كل باب، والأهم آمال ورغبات فى حياة كانت، وحياة قد تكون. فى البيت نخلع أقنعة الشوارع قبل أن نخلع ملابسنا، ونعيش حياتنا ب«رحرحة» طبيعية، ما إن ندخل من عتبة البيت حتى نكون نحن.. نحن.. قد تزداد همومنا ومهامنا، وقد نتخلص منها ونتخفف من مشاحنات الصراع الخارجى فى المدرسة والجامعة والعمل والشارع، باب البيت يمثل لنا باب سلام وباب حرب أيضا.. البيوت فيها الفردوس وفيها الجحيم أيضا. البيوت كالبشر لها بصمة، هذا براح مريح يحب ويفرح بأصحابه، وذاك «خنيق» يكره ويضيق بسكانه مهما كان اتساعه، جدران تمنحك الدفء والأمان والحماية، وجدران تشعرك بالبرودة والخوف. بيوت عذبة تفوح منها رائحة الألفة، وبيوت مالحة تحولت إلى «شركات» للمصالح المادية تتصارع فيها الأنفس وتبنى أسوارا من العزلة والأنانية، بيوت تعلمك هجائية الكرامة والكبرياء، وبيوت «تفرم» إنسانيتك وتجبرك على الانحناء والهوان... بيوت تبيعك، وبيوت تشتريك، وبيوت تبوسك وبيوت تدوسك .. بيوت تغنيك عن الدنيا وبيوت تاخد فلوسك.. لكن فى كل الأحوال تبقى البيوت رحلة حياتنا من الميلاد إلى الرحيل. فى هذا الملحق نحاول أن نعيد للبيوت طعمهاالعذب ونسعى لتحسين حياتنا بأسلوب يناسبنا وليس بأسلوب دخيل علينا فتلفظه عقولنا ونفوسنا. لن نستورد حلولا لمنغصات حياتنا ولكننا سنسعى لتغيير صورتنا عن أنفسنا وحياتنا، سنساعد بعضنا البعض وسنكمل نواقصنا بالتفاعل ولذلك اخترنا موضوع البحث عن السعادة ليكون ملف العدد الأول لعله يذكرنا بما فقدناه من «طعم البيوت».