فى شهر رمضان الكريم أريد أن أهنئ كل ساكنى القاهرة العاصمة وضواحيها بأن أمامهم سنة واحدة إن شاء الله فقط لا أكثر - كما وعد السيد رئيس الوزراء - ويبدأ مشروع نظافة القاهرة فى عمله، أو كما قال التصريح بوضوح «حتى يشعر الناس بالفرق»!! يعنى يعيش فى مكان نظيف. والتصريح ليس من فوازير رمضان أو من تخاريف الصيام.. لكنه تصريح كبير فى حوار ضخم أجراه السيد رئيس الوزراء فى جريدة «الأهرام» الغراء.. ولا أريد أن أدخل القارئ فى التفاصيل التى قد تفسد الصيام، وتجعل المرء يخرج عن شعوره ويبدأ فى استخدام ألفاظ لا تجوز فى شهر رمضان أو غيره.. فيكفيه الأمل أنه سيعيش عاما واحدا فقط فى هذه القذارة ووسط كل هذه القمامة. والمشكلة عويصة على الحكومة ويجب التخطيط لها والبحث عن موارد لتنفيذها قبل إزالة أكوام القمامة من العاصمة! ولا أدرى إن كان السيد رئيس الحكومة يتحدث عن القاهرة فقط، أم أنه يعنى العاصمة الكبرى – القاهرةوالجيزة – ولا أظن أن تلك التفصيلة أيضا لها أى أهمية فالنتيجة واحدة. والحقيقة أن لدى اقتراحاً آخر فى هذا الشأن.. أن نتوقف نحن المواطنين من سكان القاهرةوالجيزة وضواحيها والمتضررين من هذه القذارة المحيطة بنا من كل حدب وصوب، عن سداد الضرائب عاما واحدا.. واحدا فقط يا سيادة رئيس الوزراء، ورغم أنى أعرف أن الاقتراح سيغضب د. يوسف بطرس غالى، وزير المالية، خاصة وهو يعلم مدى قناعتى بأهمية سداد الضرائب التى طالما ناديت بالالتزام بها – إلا أننى بصراحة لا أرى أى جدوى لسدادها الآن فى هذه الظروف! فقد فقدت الدولة كل أدوارها من أعلاها إلى أدناها.. حتى إزالة القمامة.. فهى دولة لا تعلم ولا تعالج ولا توظف ولا تنتج ولا تنظم المرور ولا تيسر المعيشة للمواطن ولا ولا ولا.. حتى إنها لا تزيل القمامة من الشوارع! ولا أدرى ما هو دور الدولة إذن فى ظل هذا النظام الحديث، الذى لم أسمع عنه من قبل فى أى من النظم السياسية أو الاقتصادية فى العالم. ولماذا مطلوب منا كمواطنين أن ننصاع ونجرى ندفع للدولة مكوسها وضرائبها بكل رضا وسعادة، لأنه حق الدولة وحق المجتمع، بينما الدولة لا تقوم بسداد أقل واجباتها لنا: نظافة الشوارع. وهنا لا تهمنى تفاصيل كثيرة مثل أن الشركة الإيطالية للنظافة اتخانقت مع المحافظة، أو أن المحافظ فشل فى التفاوض معها، أو أن الاثنين دخلا فى عملية عند مع بعضهما أو أنه لا توجد مصانع لتدوير القمامة فى مصر، وهى مناجم ذهب فى دول أخرى.. كل ما سبق لا يهم، ما يهمنى فقط هو أن العاصمة المصرية ومحافظة الجيزة وأكيد محافظات أخرى كثيرة ترى أكوام الزبالة «تزين» قلب ميادينها وشوارعها الكبرى.. فما بالك بالعشوائيات وكأننا استبدلنا معالم القاهرة بمعلم رئيسى وهو كيس القمامة الأسود... فإذا رأيته، أنت أكيد فى مصر!! الاقتراح ليس دعوة للعصيان المدنى.. لكنه دعوة لمعرفة حق المواطن وواجبه.. فلماذا نقبل أن ندفع الواجبات بينما الدولة لا تستطيع أداء أى من حقوقنا عليها وأبسطها التخلص من القمامة؟! إنه الفشل فى أروع صوره.. وأظن أن حكومة تصاب بهذا الفشل بهذه الصورة الفجة، ويعلن رئيس وزرائها بكل صراحة وشفافية أن الناس سيعيشون فى هذه الفوضى عاما آخر، عليها هى ومحافظيها أن تتقدم باستقالتها، لأنها فشلت فى أداء أبسط أدوارها وأبسط قواعد الحكم: إزالة القمامة.. فما بالك بباقى المهام الصعبة. [email protected]